حلم السلطنة يجعل أردوغان نصيرا للأكراد – عديد نصار

45

حزب الشعوب الديمقراطي لم يخف عداءه لشخص أردوغان ولمشروعه السياسي المتمثل في تحويل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي

_23
عديد نصار

تكتسي الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في تركيا في السابع من يونيو الجاري، أهمية خاصة نظرا لما سيترتب عليها من نتائج تتعلق بتركيبة النظام السياسي في تركيا وإنهاء المسألة الكردية، وبعلاقة تركيا مع محيطها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة.

ويتنافس في هذه الانتخابات إضافة إلى الحزب الحاكم، ثلاثة أحزاب رئيسية هي: حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية التركية وحزب الشعوب الديمقراطي الذي يستند بشكل رئيسي إلى القاعدة الانتخابية الكردية. ويشارك هذا الحزب في الانتخابات النيابية للمرة الأولى على أساس لائحة حزبية، وهذا يتطلب بحسب القوانين التركية تجاوزه عتبة الـ 10 بالمئة من مجمل الأصوات كي يتمكن من دخول البرلمان.

وتشير النتائج المتباينة لاستطلاعات الرأي التي نشرت مؤخرا، إلى تراجع نسبة مؤيدي حزب العدالة والتنمية التي تراوحت مؤشراتها بين 39% و43%، إلا أنها جميعا ترى أنه سيتقدم على جميع منافسيه، ويبقى احتمال لجوئه إلى تشكيل ائتلاف حكومي مع غيره من الأحزاب أمرا واردا.

لكن أردوغان، زعيم الحزب ومؤسسه ورئيس البلاد، لا تتوقف طموحاته على مجرد الفوز في الانتخابات، حيث ينتظر فوزا يمكّنه، ليس فقط من تشكيل الحكومة القادمة منفردا، بل من الحصول على عدد مقاعد يخوله وضع دستور جديد للبلاد والانتقال بها من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.

ويلهث أردوغان وراءه الصوت حيث يقدّم نفسه مناصرا للأكراد وحقوقهم. ولم يكن ليسعى وراء ذلك لو لم يدخل حزب الشعوب الديمقراطي المنافسة الانتخابية، حيث كانت أغلبية الأصوات الكردية تذهب في الانتخابات السابقة إلى حزب العدالة والتنمية، لكن من المتوقّع أن تذهب في هذه الانتخابات إلى حزب الشعوب الديمقراطي.

وتتميز هذه الانتخابات بصعوبة التكهن بنتائجها. وهذا يعود إلى سببين رئيسيين: الأول دخول حزب الشعوب الديمقراطي على خط المنافسة بلائحة حزبية، مستندا إلى النتائج التي حصدها رئيسه صلاح الدين دميرتاش في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فإذا تمكن من تخطي عتبة الـ10 بالمئة فإنه سيحصد بين 50 و 60 نائبا، والثاني أن القوانين التركية التي تشترط تخطي اللائحة الحزبية عتبة الـ10 بالمئة من مجموع الأصوات لدخول البرلمان تمنح اللائحة الثانية في نفس الدائرة أحقية حصاد مقاعدها، في حال عدم تمكن الحزب الأول فيها من تخطي تلك العتبة.

وبدخول حزب الشعوب الديمقراطي على خط المنافسة الانتخابية تتعقد الأمور في وجه أردوغان الذي يحض الناخبين على رفع تمثيل حزبه في البرلمان إلى 400 نائب، ويصبح للصوت الكردي في هذه الانتخابات أهمية خاصة، كون قاعدة هذا الحزب الانتخابية تتكون بشكل رئيسي من الأكراد وبالأخص داعمي حزب العمال الكردستاني الذي يحظى بتأييد واسع لديهم.

ولتوسيع قاعدته الانتخابية، عمد حزب الشعوب الديمقراطي إلى ترشيح شخصيات تركية وتقديم نصف مرشحيه من النساء، ما يعتبر دعما إضافيا لجهوده الرامية إلى تأكيد حضوره في البرلمان.

والتعقيد الرئيس الذي يقف في وجه أردوغان نتيجة دخول حزب الشعوب الديمقراطي على الخط الانتخابي يتمثل في إشهار هذا الحزب عداءه لشخص أردوغان ولمشروعه السياسي المتمثل في تحويل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.

أمام هذا الموقف، يجد الرئيس التركي نفسه في موقع يدفع إلى منع هذا الحزب من تجاوز عتبة الـ10 بالمئة من الأصوات ليحصد حزبه وبالمجان النتائج المترتبة عن ذلك، كونه الحزب الثاني من حيث تأييد الناخبين الأكراد. ولكنه في نفس الوقت يجد أن عدم دخول هذا الحزب إلى البرلمان يجعل من الصعوبة بمكان السير في مسألة التسوية السياسية مع الأكراد التي باشرها مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان.

ويمثل الصوت الكردي ما يناهز الـ15 بالمئة من مجل الأصوات في تركيا (56 مليون صوت)، ويتوزع بين يسار يمثل الكتلة الصلبة لحزب الشعوب الديمقراطي ويمين (إسلامي) يصب في الغالب في خانة حزب العدالة والتنمية. غير أنه من المتوقع في هذه الانتخابات أن تذهب نسبة مرتفعة منهم إلى حزب الشعوب الديمقراطي، كون عدم تمكّنه من دخول البرلمان سيضع الكتلة الكردية الرئيسية خارج السلطة، وذاك ما يعقد الأمور أكثر.

كاتب لبناني

 

التعليقات مغلقة.