الصراع العلوي والسني
ابراهيم زورو
في البداية نتساءل هل الفكر الديني قادر لتشكيل القومية؟! عبر صراع محموم بينهما؟!.
الحوار والسجال والقتال والدمار والعنف والفتن والتعذيب النفسي والجسدي والشنق والاعدامات والسجون والصراع والاختطاف والعداوة والخوف والجرائم بمختلف اشكالها والاخذ بالثأر والاضطهاد والاقامة الجبرية والهجرة القسرية والاغتصاب والاستبعاد، كل ذلك لم يدم في التاريخ العالمي القديم والحديث والمعاصر مثلما دام بين العلوية والسنّة ضمن قومية واحدة وجذر ديني واحد، فمنذ فجر التاريخ وإلى يومنا هذا، والمقصود هو أن علي ابن ابي طالب من بطانة محمد وابن عمه وبين السنة الذين لم يكونوا من اهل البيت كما يشاع، لو كان النبي نبياً ويقدس عند أتباعه كان من الممكن تفادي كل ذلك، وعلى مبدأ المثل الشعبي الشائع” كرمال العين تكرّم مرج عيون” ولم يستطع أحدا من تكريم من كان وجهه مكرماً في ادبيات إسلامية يوماً ما أو لحظة واحدة، عدا أنه نبيا أسس لقومية عربية منذ غابر الازمان لأنه اسس لمكة قبلة العرب المسلمين وكما أنه يشبه السوق في عهد البرجوازية أي عصر القوميات، ويمكن بهذا بمعنى تضمن فكر مهدي عامل في كتابه بعنوان: الحوارات، وفكر الرسول بحق يجب أن يقدس لجهة الفكر العروبي الذي يرفض أي قوم اخر خوفاً على عروبتهم حتى لو لم يكن ذلك من حقهم!!، فكيف نسي هذا الفكر على أن العلوية والسنة هما بالنتيجة نهائية عرب ومن اشراف الاعراب على الاطلاق بسبب ابداعهما في الدين واللذين هم من مؤسسي الفكر القومي، وأيضا هما من قريش كما يقال زبدة العرب ومركزهم، وعلى الفكر العروبي أن يعمل على التئام التعنت الطائفي والتخندق بين الطرفين على أشده من القديم وحتى الان، وهذا الذي يقوض الفكر القومي العربي من اساسه، وما من حل يلوح في الافق، منذ تلك الايام وإلى يومنا هذا.
وكي لا تفوتنا الفرصة أن هذا الصراع هو تقويض لاسس الفكر الديني الذي يتحلى به المسلمون، لذا نرى أن المسلمين غير عرب اسلامهم اكثر من العرب بسبب ان الاخير يعرف مدى الظلم والفتك والقتل الذي فضح الفكر الديني ولم يقدس ما احبه محمد، وكأن تقديسه عائد الى المصلحة الاقتصادية الفردية او جماعية في نهاية الامر.
اعتقد من الصواب إذا قلنا أن الملة ولدت على أسس من فكر علي الذي لم يكن له علاقة بتلك الافكار ولم يؤسس لملة ما، وكان يرى نفسه أنه أكبر من تلك الافكار الضيقة، وايضاً السنة لم تفكر بذلك ووضع كل الحق على علي وكانت بالنتيجة النهائية تراكم الحقد والضغينة بينهما الذي أدى الى القتل بافظع صور انسانية، لا يمكن نسيانه أو تجاهله، فكيف تم التأسيس له بدقة متناهية لأمر عجيب، فالعرب يرفضون حتى التقديس. وهكذا تم قراءة التاريخ وكتابته، وعلى أي اسس تم صياغته؟.
الكل يقلدون النبي وفي جل تصرفاته، واخذوه قانوناً مقدساً، فلما الامر يتعلق بأحاديثه حول علي ابن ابي طالب يهمل فوراً؟ وكأنه ليس نبيا في هذا السياق؟ لم يعد الفكر السني يميز بين تصرفات النبي والله، قداسة هذا من قداسة ذاك، فلما هذه القاعدة لا تشمل سيرته وعلاقته مع علي ضمن هذا التقديس لامر يبعث على القلق من قداسته؟ كل ابناء عمومته مقدساً الا استثناء علي لماذا؟ لما علي مستبعد من هذه القداسة؟ وماذا فعل علي حتى تم محاربته؟ بل لماذا يحارب النبي محمد عبر شخصية علي؟ ثم اذا قارننا بين علي ومعاوية الم يكن علي احسن منه بكل الاحوال؟ من حيث ان علي رجل الفكر والسلاح معاً وتأثيره واضح في سياق المعارك التي شنها المسلمون على اعدائهم؟ بينما معاوية غير ذلك على الاطلاق؟ ورغم ذلك لماذا يتبنى معاوية ضمن تضمين السني على انه فارسا لسيف الاسلام فكرا وممارسة بينما لم يضمن علي ضمن سياق اهل البيت؟ لا يخفى على احد ان معاوية كان رجل مريضاً وله ظلمه وشره على الاسلام ولم يكن لعلي هذه التصرفات؟ جملة هذه الاسئلة يمكن ان تثار واكثرها ايلاما هو سياق محمد وتبنيه من الفكر السني جملة وتفصيلا على أنه مشجبا لمصلحتهم الشخصية ليس الا؟ .
اعتقد بأن علي لم يكن سياسياً بل منظراً للفكر الاسلامي واحقيته في العيش الى جانب الاديان السماوية الاخرى، وله اسهاماته في هذا السياق؟.
اعتقد قد حان الوقت لفض هذه الخلافات لصالح تشكيل قومية اخرى من جراء ذلك. فالصراعات التي لا تحل بطرق سياسية سلميه فمعالجته التقسيم بين الطرفين وهو الأفضل في هذا المنحى، وهو الضامن لوقف النزيف الدم الحاصل بينهم، كون الفكر العروبي كان عليه ان يقف الى جانب القومية العربية ووضع حدا بل حلا جذريا لهذا الصراع التاريخي الذي يستيقظ بين الفينة الاخرى.
فهل سيتحول الصراع الايديولوجي الديني الى تشكيل قومية اخرى؟. بين ابناء قومية واحدة، بناء ما ذكر بين السنة والعلوية، رغم ان ايران تمثل قومية واغلبها متدينة بالفكر الشيعي اذا صح التعبير، وهذا الصراع تحولت الى افاق مغلقة ليس باستطاعة أحد أن يوقف هذا النزيف المستمر بين هذين الطائفتين. والسؤال الذي يطرح هنا وهو لصالح تشكيل قومية اخرى هو ان الفكر الديني قادر على حمايته ضمن هذا السياق للتشكيل، فنرى ان اليهود هم اقرب الى الدين وتم به تشكيل القومية اليهودية، وحيث ان جل تصرفات والافكار التي تحمله العلوية عن السنة والعكس صحيحا مآله هو التقسيم بين الطرفين ووضع حدود لهما كي يوقف كما اسلفنا هذا النزيف الانساني بينهما، والحوؤل دون الحل هو بمثابة عار على فكر الانساني برمته. وهو برأي انجع حلا في هذا السياق، فوجودهما بجانب البعض هو الفتنة نائمة تنتظر ايماءة صغيرة لاستقاظها من جديد على رائحة الدم؟!.
حوار المتمدن
التعليقات مغلقة.