في لا شرعية انتخابات كانتون الجزيرة / شيار عيسى
“حتى تكون العملية الانتخابية ديمقراطية يجب أن تتوفر فيها مجموعة من الشروط منها توفر الحريات العامة كحرية التعبير والتظاهر والصحافة، وكذلك وجود قانون عصري للأحزاب والانتخابات والسماح بإجراء حملات انتخابية معلن عنها مسبقاً وتشكيل لجان انتخابية محايدة والسماح بمراقبة الانتخابات من قبل الجهات الحكومية الشرعية، وكذلك من قبل جهات محايدة”
أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في مقاطعة الجزيرة يوم 1 شباط 2015 عن يوم 13 آذار موعداً لإجراء انتخابات المجالس البلدية، مما أثار لغطاً كبيراً في الشارع السياسي الكردي، بسبب ترافقه مع اجتماعات المرجعية السياسية المنبثقة عن اتفاقية دهوك، التي يبدو أن مسؤولي الإدارة الذاتية لم يعيروا اهتماماً لها حين وضعوا جدولاً زمنياً للانتخابات دون علم أعضاء المرجعية السياسية الغير منتمين للإدارة الذاتية.
تجاوزات قانونية
حتى تكون العملية الانتخابية ديمقراطية يجب أن تتوفر فيها مجموعة من الشروط منها توفر الحريات العامة كحرية التعبير والتظاهر والصحافة، وكذلك وجود قانون عصري للأحزاب والانتخابات والسماح بإجراء حملات انتخابية معلن عنها مسبقاً وتشكيل لجان انتخابية محايدة والسماح بمراقبة الانتخابات من قبل الجهات الحكومية الشرعية، وكذلك من قبل جهات محايدة.
بإلقاء نظرة خاطفة على الوثيقة التي أصدرتها المفوضية العليا للانتخابات يتبين جلياً أن الاعتماد في إجراء الانتخابات بدءاً من قبول طلبات الترشيح وحتى فرز الأصوات، سيكون على أفراد مؤسسات حزبية تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي كالبلديات، دار الشعب وكومينات الحارات وهذه المؤسسات غير متوافق عليها، وبالتالي فإن ذلك يفقد العملية الانتخابية مشروعيتها. كما أن تحديد موعد الانتخابات بهذه السرعة وإعطاء مهلة شهر ونصف فقط لإجراء الانتخابات لا يعطي المجال للأحزاب الأخرى للتحضير للانتخابات ويعني أن التعددية السياسية المطلوبة التي تمكن المواطن من خلالها أن يقوم باختيار حزبه المفضل، أو مرشحه المفضل من عدة خيارات تنتفي.
من جهة أخرى فإن تحديد موعد إجراء الحملات الانتخابية من يوم 24 شباط وحتى 28 شباط يعني بشكل آخر بأن مسؤولي الإدارة الذاتية يسدون الطريق على إجراء دعاية انتخابية في ظاهرة خطيرة وفريدة من نوعها في العالم وهو ما يتنافى مع أبسط شروط العملية الديمقراطية.
بالإضافة إلى هذا وذاك، فإن الوثيقة تسد الطريق على طلبات الطعن في العملية الانتخاية بوضعها شرطاً تعجيزياً، يتمثل في أن الشخص الذي يطلب الطعن في نتائج الانتخابات في أية دائرة انتخابية يجب أن يدفع مبلغ 100000 ليرة سورية ستتم مصادرتها في حال رد طلب الطعن!!!
كما أن الوثيقة لم تشر بأي شكل من الأشكال إلى السماح بهيئات مستقلة بمراقبة الانتخابات. فالوثيقة تنص على أنه يحق لمندوبي المرشحين وثلاثة من موظفي الإدارة الذاتية مراقبة العملية الانتخابية في كل دائرة انتخابية، وبالتالي فإن مسؤولي الإدارة الذاتية يقعون في نفس المطب من حيث تسليم كل مفاصل العملية الانتخابية لجهات حزبية غير متوافق عليها.
خلفيات سياسية
يبدو جلياً أن هذه السرعة في اتخاذ قرار إجراء الانتخابات البلدية من قبل الإدارة الذاتية التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، وعدم إعطاء اية فرصة للأحزاب الأخرى للتحضير لتلك العملية، وكذلك عدم استشارة أعضاء المرجعية الكردية من المجلس الوطني الكردي يعني بشكل قاطع أن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يريد مشاركة تلك الأحزاب في الانتخابات البلدية، أو إجبارها ربما على القبول بالأمر الواقع، والمشاركة بدون تحضير في ظروف غير صحية وتحت شروط الحزب، التي ستمكنه من الفوز في تلك الانتخابات.
الممكن في موقف المجلس الوطني الكردي
المتتبع لخارطة العمل السياسي والحزبي الكردي يرى جلياً أن الوضع السياسي في كانتون الجزيرة يختلف عن كانتوني عفرين وكوباني وخاصة من حيث جماهيرية الأحزاب حيث أنه بخلاف كانتوني عفرين و كوباني، فإن شعبية أحزاب المجلس الوطني في كانتون الجزيرة كبيرة جداً، و يبدو أن لحزب الاتحاد الديمقراطي هواجس أن لا يفوز في أية انتخابات تجري في ظروف طبيعية، لذلك فإنه يحاول استبعاد تلك الأحزاب من المشاركة.
بناءاً على ما سبق فإن على المجلس الوطني عدم الانجرار إلى عملية انتخابية تبدو أنها خاسرة ضمن المعطيات الحالية، و بالتالي خسارة معقلها الرئيسي وشرعنة السلطات المنبثقة عن تلك الانتخابات، التي لا تتوفر فيها أبسط المعايير الانتخابات النزيهة، و المطالبة بصيغة جديدة و جدولة زمنية مناسبة كي يأخذ كل طرف فرصته لإجراء حملات انتخابية.
بالمحصلة فإن حزب الاتحاد الديمقراطي يحاول إجراء الانتخابات لشرعنة سلطته دون أن يعلم أن سلطته الحالية أكثر شرعية من أية سلطة ستنبثق عن انتخابات لا تتوفر فيها معايير النزاهة وفق الصيغة التي طرحها. حيث أن سلطته الحالية تعتبر سلطة أمر واقع قامت بسد الفراغ ويوجد الكثير من التجارب لهكذا حكومات يعتبرها الكثيرون شرعية بشكل نسبي وفقاً للظروف التي تولدها لكن السلطة المنبثقة عن انتخابات غير ديمقراطية ستكون سلطة غير شرعية لا أخال أن شعبنا سيقبل بها و يعتبرها ممثلة له.
التعليقات مغلقة.