تركيا ونظامها الأمني والعسكري على المستعمرة الدولية” كردستان” – كلال كاساني
إن المتتبع لتاريخ الصراع الدائر والحروب بين الدولة التركية, منذ مطلع القرن الثامن عشر وحتى بداية القرن الحالي ( نجد أنها –الدولة التركية- في حالة الهوس الأمني والعسكري, في حالة من الاستنفار الدائم والاستعداد القائم لشن الحروب والاجتياحات الامنية والعسكرية, لمستعمرتها اليتيمة كردستان دوماً) ,وحركة المقاومة الثورية المسلحة والسياسية قديما والمتمثلة بالجمعيات والنوادي السياسية والانتفاضات التي قامت إبان الخلافة العثمانية المزعومة, واستمرت حتى نشوء الدولة الأتاتوركية, وحديثاً متمثلا بالحزب العمالي الكردستاني وكذلك مجمل الأحزاب والتنظيمات الكردية والتي كانت لها دور كبير في النهوض الشعبي الكردستاني في بداية السبعينات وحتى نهاية الثمانينات وقبلها في الستينات حيث كانت هناك حركات وتنظيمات سياسية نشطة إلا انها كلها كانت تواجه ألة عسكرية ونظام أمني وكانت نتيجة ذلك قمع الحركات الثورية والسياسية.
إن الخوف الحاد الذي يسكن هذه الدولة وبالتالي انصباغ نظامها كلها بالصبغة الأمنية والعسكرية يجعل منها دائما طرفا عدوانيا على وجه الدوام, حيال المسألة الكردية في تركيا بوجه خاص والقضية الكردية, كقضية شعب مجزأ بين أربع دول عامة, حيث أنها تبادر دوما نحو الاعتداء والغزو بآلته العسكرية الهائلة سواء كان قد وجد مبرراً أو لم يجد.
إن الفلسفة والطبيعة العسكريتارية اللتان تقوم عليها الدولة التركية تحولان دون أن يكون لدى الساسة الأتراك قديما وحديثا علاقة سلام أو استقرار في المستعمرة الدولية “كردستان” بأجزائها الأربعة كما سماها المناضل التقدمي التركي البرفسور اسماعيل بشكجي.
إن النهج المعادي لحقوق الكرد والقائم على العنصرية والسيطرة البغيضة والاستغلال الى أقصى الدرجات والتي تتضمن الموارد الطبيعية والبشرية لخدمة الدولة التركية العسكرية وهذا بدوره – النهج- يجعل من هؤلاء القادة العسكريين والساسة الجدد, ويحتّم عليهم الامتناع حتى عن إتاحة الحد الأدنى من الحقوق القومية للشعب الكردي في شمالي كردستان بما هو مثبت في المواثيق والمعاهدات الدولية وشرعية القانون الدولي وحقوق الانسان.
والأنكى من ذلك أن نجد أمريكا والدول الاوربية وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا والمانيا قد وقفت موقفا معاديا لقضية شعب كردستان في فترة من الفترات وشاركت هذه الدول في ما بينها في تبادل المعلومات الاستخباراتية والتي كانت نتيجتها اعتقال الزعيم الكردي عبدالله اوجلان إضافة لإدراج اسم حزب العمال الكردستاني في قائمة المنظمات الإرهابية.
إن السلام والاستقرار في الدولة التركية لا يمكن أن يكون أو أن يتحقق ولا يمكن للشعوب المنطٍقة أن تتقدم و تتطور في ظل بقاء المسألة الكردية رهنا للأساليب القمعية والأنظمة الأمنية وإن اتباع أسلوب المراوغة واستعمال المسألة الكردية كورقة انتخابية وغيرها من الطرق الملتوية والتشدق بمفاهيم وقيم حديثة دون تطبيقها, لا ينطلي على الكرد, ويجب على الكرد أن يكونوا يقظين جدا لأحفاد أتاتورك – العثماني لأنهم لن يتنازلوا عن مستعمرتهم بهذه السهولة إلا بتوفر مجموعة من الشروط أهمها, أولا: أن يحدث تغير في الموازين القوى السياسية والعسكرية, وأن تجنح تركيا كدولة عن حلفها “ناتو”.
ثانيا : أن يحدث تغيير جذري في المواقف الدولية حيال المستعمرة الدولية “كردستان “, يجب أن يتم إعادة تناول المسألة الكردية كقضية دولية وإعادة الاعتبار لها في المحافل الدولية دون أي اعتبار للدور التركي المراوغ وهذا بدوره لن يحدث إلا إذا تحققت مجموعة من العوامل من أهمها العامل الذاتي, تأسيس كونغرس كردستاني, هذا على المستوى التنظيمي, العامل الدبلوماسي وتشكيل اللوبي الكردي حتى يشكل عامل ضغط على القرار الأمريكي – الغربي انطلاقا من المصلحة القومية -الكردية بالمطلق.
وعلى هذا فإن تركيا بنظامها الأمني والعسكري لن تفلح في اقتلاع المسألة الكردية من التداول والتدويل ولا بد أن تـُحلّ طالما الأمهات الكرديات لديهن القدرة على إنجاب أمثال قاضي محمد وبيران وملا مصطفى البارزاني ومظلوم دوغان وسليمان آدى وآرين ميركال…الخ .
التعليقات مغلقة.