صورة السوري إعلامياً /ندى الأزهري
في تحقيقات تلفزيونية عن اللاجئين السوريين، ثمة أمر يتكرر. نساء يخفضن رؤوسهن أو يغطين وجوههن أو ينسحبن بسرعة من أمام جولات العدسات التلفزيونية المتطفلة. بعض الرجال يفعل أيضاً…
حرمة الأموات في الصراعات، وهنا الصراع السوري تحديداً، انتهكتها الشاشات فماذا عن حرمة الأحياء؟ هل يسأل الصحافيون النسوة والرجال الذين يبدو بعضهم أيضاً شديد الحرج من ظهوره بهذه الصورة، عن إمكان تصويرهم قبل القيام بذلك، أو أنهم يعتبرون أنهم يؤدون لهم خدمة بعرضهم على العالم ليتفرج على مأساتهم ويتعاطف معها؟
مع كل الصور التي تظهر الفظائع والأفراد في سورية بأوضاع غير إنسانية، بات الدفاع عن حق الفرد بالخصوصية أمراً ضرورياً. مجموعة «أبو نضارة» السينمائية السورية تدافع اليوم عن «حق الصورة» كأحد الحقوق الإنسانية.
المجموعة التي تبث أسبوعياً فيلماً على الشبكة يتمحور حول الحرية والكرامة لكل السوريين وتلقي الضوء عبر شهادات أفراد على كل جوانب الصراع السوري، فازت أخيراً بجائزة تمنحها الحكومة الهولندية للمبدعين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، فهي «عبر لغة السينما تكشف الصراع على الصعيد الإنساني وتدافع عن حق السوريين في صورة كريمة».
المجموعة ترغب عبر الصورة بخلق صلات بين سورية وبقية العالم خارج إطار الحرب السياسية. وتصف المؤسسات الإعلامية بأنها «منفلتة العقال»، فالحق بالصورة نتعرض اليوم لانتهاكات متزايدة مع «تطور وسائل الاتصال وضرورات الإعلام» مما يسيء في شكل خاص للمواطنين غير القادرين على مواجهة كل من يعبث بصورتهم أو يستغلها. وقد وجهت رسائل للإعلام العربي والغربي بهذا الخصوص. وفي مقالة نشرتها أخيراً صحيفة «لوموند»، تلوم المجموعة التلفزيونات الأوروبية التي لم تنظر كما يجب للمجتمع السوري منذ بداية انتفاضته وبدلاً من إعطاء «صورة» لشعب يأمل بديموقراطية استسلمت لصور «الثائر» النمطية ثم استبدلتها بعد تعقد الأوضاع بمفهوم «الشرق المعقد»، مفضلة تأكيدات الماضي على محنة الواقع. لقد حُصر السوري في صورة معينة وحرم من كرامته وأذل على الشاشات وساهم ذلك في أن يبدو قابلاً للتصديق في عيون المشاهدين ما يحصل اليوم من «إعلان للخلافة»، كما أدى إلى تعرف «مذلولين» من فرنسا وبريطانيا على أنفسهم في إخوتهم السوريين المنذلين ونخوتهم للذهاب لنجدتهم.
إن صورة السوري في الإعلام عموماً، تنتهك من خلال عرض صور أجسادهم المعذبة على شاشات العالم من دون موافقتهم الأمر الذي يسيء لكرامتهم كما للإنسانية جمعاء بحيث بات من الضروري التأكيد على حق الإنسان في صور كريمة مهما كانت الظروف. إن صعوبات العمل الصحافي، بخاصة في سورية، وسرد ما يجري يجب ألا يمنع المحطات من احترام مبادئ الكرامة الإنسانية والتعامل بحدود متطلبات الأخبار ونشر الصور.
عن الحياة
التعليقات مغلقة.