سرقة برعاية الأسد

26

349لكي يستمر بشار الأسد في حربه على الثورة، يحتاج الى قوى بشرية ومليشيات ومقاتلين ومال، ولأنه بدد أموال السوريين وثرواتهم، فقد فتح أبواب ارتزاق أعوانه، تفاوتت من منح وكالات استيراد السلاح وغذاء السوريين المحاصرين حتى شرعنة السرقة، بما فيها ساعة يد القتيل وقراط المرأة المبقور بطنها، وسرت مصطلحات اقتصادية في أوساط عصابة الأسد.
“التعفيش” أخطر تلك الألفاظ، ليس لما تضمنه من استباحة سرقة موجودات البيوت والمنشآت في المناطق التي يدخلها “جيش الوطن” فحسب، بل ولأنه كرس الحقد بين أطياف الشعب السوري، وخاصة بعد تسميته أسواق مسروقات الثوار ومؤيدي الثورة بـ “أسواق السنة”.
الأمر تعدى “الحالات الفردية والسلوك الشخصي” كما تذرع النظام يوماً، فمنذ مطلع عام 2012 تفاقمت ظاهرة سرقة بيوت الثوار والهاربين من موت حمم طائرات الأسد ومدافعه، ولعل في سوق “عش الورور” ذي الغالبية العلوية المتاخم لـ”برزة” وسط العاصمة السورية، باكورة الحالة التي لاقت صمتاً، فمباركة، فتأييداً، ليباع أثاث بيوت مناصري الثورة بأسعار مخفضة، وينقل الفائض إلى مدن الساحل السوري جهاراً نهاراً.
وتتالت حالات التعفيش في ريف حماة ومدينة حمص وقلعة الحصن إثر “خديعة الهدنة ” ودخول مليشيات الأسد إليها، ليؤسس لتجارة شاركت خلالها سيارات الإسعاف ونقل الجنود العسكرية.
من المشاهد التي قد لا تمحوها السنون من ذاكرة السوريين، أن أثاث بيوت أهليهم باتت تستخدم لإغلاق الطرقات ووضع الحواجز التي تقطع أوصال دمشق، ففي واقع التفقير الذي نهجه الأسد الابن كسياسة لثني السوريين عن المطالبة بحقوقهم، زاد عرض المسروقات في “أسواق السنة” عن حاجة السوق وقدرة المستهلكين المالية، فتكدست الثلاجات والغسالات والأسرّة أمام حواجز الأمن السوري، في مشهد يحوي كل معاني الوجع و الإيلام .
نهاية القول: كما هي “الخصوصية السورية” تغرق في النتائج ولا تعنيها الأسباب، فإن تفجر أنبوب مياه وشكل حفرة يقع فيها المارة، فصناع السياسة الاقتصادية السورية يسعون الى بناء مشفى لمعالجة المصابين عوضاً عن ردم الحفرة، وهو ما حدث بالمعنى أمس، لما افتتح وزير داخلية النظام السوري مركزاً في عدرا العمالية شمالي العاصمة، لاحصاء البيوت “المعفشة” والسيارات التي عفشها الجيش والشبيحة، بدل أن يمنع التعفيش ويحاسب المعفشين، ولعل المفارقة التي تضاف الى إنجازات النظام السوري، أن قرار وزير الداخلية تضمن حرفياً “إحصاء المسروقات التي يعفشها الجيش السوري “.
عن العربي الجديد

التعليقات مغلقة.