الليرة السورية .. ميتٌ مؤجلٌ دفنه

32

349

باءت كل محاولات صنّاع السياسة النقدية ومنفذيها في دمشق، للحيلولة دون تهاوي سعر صرف الليرة، بالفشل، فكل الذي حاولوا رميه في وجه سيل الانهيار المتدفق، بما في ذلك التدخلات المباشرة وبيع الكتل الدولارية للمصارف وشركات الصرافة، ذهبت أدراج الرياح، بعد أن امتصتها سوق عطشى، فقد متلقفوها أي ثقة بعملتهم الوطنية.
إن لم يكن سعر العملة أحد عوامل قوة الاقتصاد، فاستقرارها، دونما شك، أحد أهم دلالات نموه، بل وأحد مؤشرات الأداء الكلي والترمومتر الذي يقاس عليه.
في سورية، يحاول نظام بشار الأسد الوقوف في وجه طوفان الليرة، علّه يضلل المراقبين، ويسوّق مقولته الممجوجة أن “سورية بخير” بعد أن أتت سياسته الأمنية وآلته العسكرية على كل ما يمكن أن يساعد الاقتصاد والليرة، ليكونا بخير.
أقل الأرقام تفاؤلاً تقول إن الخسائر الاقتصادية التي لحقت بسورية جراء حرب الأسد على الثورة والشعب، نافت 200 مليار دولار، وتتابع الأرقام أن النظام الآثم بحق شعبه ومصائرهم، بدد كامل الاحتياطي الأجنبي الذي زاد على 18 مليار دولار قبيل الثورة، بل وأثقل كاهل مستقبل السوريين بديون تعدت 11 مليارا ورهن ثرواتهم وآمالهم، ربما لعقود.
بعد كل هذا، لا همّ في القطاعات الاقتصادية يشغل النظام السوري، سوى منع الليرة من الانهيار، ربما، لئلا يخسر مؤيديه ويستعجل سقوطه الحتمي، لطالما يستطيع حتى الآن، تمويل الحرب وأجور مؤيديه، وإن عبر التمويل بالعجز والاستدانة وبيع ثروات السوريين .
لذا، رأينا أخيراً تصميم مجلس النقد والتسليف في دمشق على دعم الليرة عبر بيع دولارات بشكل يومي، بما في ذلك أيام العطل، في طرائق يكسوها العناد والغباء الاقتصادي، لطالما يبدأ جهابذة الاقتصاد في دمشق، في معالجة المشكلة من نتائجها.
ولم يحاولوا البحث في الأسباب، سواء من تبديد الاحتياطي أو شلل القطاعات الإنتاجية..أو حتى توقف الصادرات والتحويلات الخارجية وما كانت تدره السياحة.
نهاية القول: ماتت الليرة السورية مقتولة بأفعال نظام مستبد، ولم يبق على نشر ورقة نعوتها إلا بضع ملايين الدولارات التي تلقاها نظام بشار الأسد من حلفاء الحرب وشركاء العقيدة، فما إن بددها الأسد، عبر تدخلات المصرف المركزي ورواتب الميليشيات والشبيحة، لن يجد ما يطمئن لاسترجاع الدين ليدينه، وقتها سيضاف تدهور سعر صرف الليرة، التي لم يزد سعر صرف الدولار مقابلها مطلع الثورة 2011 عن 48 ليرة، إلى إنجازات بشار الأسد في تدمير بلاده

عن العربي الجديد

التعليقات مغلقة.