الوحدة الكردية بين فكي كماشة

58

 

في الوقت الذي أصبحت فيه قضية الوحدة الكردية حديث الساعة في روجآفا و يتم بذل الجهود لإيجاد نقاط مشتركة بين القوى الكردية في روجآفا يدور حديث آخر عن وضع خطر طرأ في منطقة زينة ورتة واحتمالية بروز صِدام بين كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني ما يعني بأن قضية الوحدة الكردية تواجه إرهاصات جدية وفقا للمستجدات التي طرأت مؤخرا.

هناك إجماع على أننا في حقبة يتم فيها عملية تقسيم سياسي جديدة في المنطقة حيث تسود أجواء تشبه إلى حدٍّ بعيد تلك الأجواء التي سادت في بدايات القرن العشرين حيث تسعى كل القوى، سواء الاقليمية أو العالمية ، توسيع نفوذها بشكل أو بآخر والتي تنجح في فرض أكبر نفوذ لها في هذه المنطقة ستكون الأكثر ثقلا في التوازنات السياسية الراهنة والمستقبلية ولها الدور الأكبر في رسم معالم القرن الحادي والعشرين وتبوّأ مكانة على الخارطة السياسية على مدى قرن كامل على الأقل، وبهذا المعنى نحن كـ كرد أمام مرحلة مصيرية حاسمة، وإذا لم نقرأ المشهد السياسي بشكل موضوعي وبأفق واسع لن تكون العاقبة علينا بأفضل من تلك التي حلت بأجدادنا، لذلك نجد بأن الأتراك يسعَون بكل ما لديهم من أجل أن يحافظوا على معاهدة لوزان، بالطبع القسم المرتبط بالقضية الكردية، فيسوقون كل شيء ويتنازلون عن كل شيء في سبيل تحقيق هذا الهدف لأنهم على يقين بأن الخرائط التي سترسم اليوم ستستمر لوقت طويل، فحملاتها المسعورة هي نتيجة فزعها من احتمال خروج المارد من الفانوس السحري فيصعب بعد ذلك إعادته مرة أخرى، فالقضية الكردية بالنسبة للدولة التركية هي ذاك المارد والكابوس الذي يقض مضجعها. طبعا يمكن قول نفس الشيء بالنسبة لمخاوف إيران لأنها أيضا تواجه القضية الكردية.

الدول الغربية، و بسبب مصالحها الحيوية مع تركيا، مقاربتهم للقضية الكردية مقاربة ازدواجية، ففي الوقت الذي تحاول فيه هذه الدول التقريب بين الكرد في جنوب كردستان والكرد في غربي كردستان، تقوم بتهميش القضية الكردية في شمال كردستان وغض النظر عن ما يجري في زينة ورتي، علما أن الجميع يعلم أنه أذا ما حصل صدام بين الكرد هناك فإنه سيكون له تأثير مزلزل في جميع أنحاء كردستان ولا يمكن لروجآفا أو شرق كردستان أن ينأيا بنفسيهما عن تداعياته.

على الرغم من حالة التقسيم والتجزئة التي فرضت على كردستان ما زالت أجزاؤها تتأثر سلبا أو إيجابا ببعضها البعض إذ أن النسيج الاجتماعي بين الأجزاء الأربعة ما زال قويا وما زالت أفراحنا وأتراحنا واحدة و ما يصح اجتماعيا يصح سياسيا أيضا فهناك كلياتية في القضية الكردية وأي تطور إيجابي كان أم سلبي في جزء يكون له تأثير غير متوقع على الأجزاء الأخرى، فعلى سبيل المثال، أعترف بأنني لم أكن أتوقع بأن استفتاء إقليم كردستان سيؤثر لهذه الدرجة على روجآفا حيث أتذكر بأن الكثير من الأشخاص من المعارضة السورية وحتى المعتدلين منهم بدأوا يقولون: كيف يمكننا أن نصدق بأنكم لن تطلبوا الانفصال عن سوريا مستقبلا مثل ما قام به أخوتكم الكرد في العراق ! لذلك بدأوا يناهضون مشروع الفيدرالية في سوريا بشكل أكثر بعد عملية الاستفتاء.

هذا يعني بأنه حتى إذا أردنا أن ننأى بأنفسنا عن بعضنا البعض فإنه أمر مستحيل لأن هناك ثمّة حقيقة تاريخية ووجودية بين الكرد. لذا فإن تحريم و تجريم الاقتتال بين الكرد واجب على كل كردي أينما كان لأنه يحدد مصيره ويقرر مستقبله، وأيضا من يدّعون صداقة الكرد ويدعون الى الوحدة الكردية يجب أن يتركوا هذه الازداوجية وأن يبذلوا الجهد لتحقيق وحدة الكرد في كل الأجزاء.

 

نقلا عن صفحة “الفيسبوك” لـ عضو منسقية حركة المجتمع الديمقراطي (Tev_Dem) فوزة اليوسف

 

التعليقات مغلقة.