هل يتحرك أوباما في سورية؟/ جويس كرم
خطة أوباما الثلاثية لضرب «تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسورية» (داعش) بدأت بأكثر من ١٥٠ غارة جوية على غرب العراق، وفصلها الثاني انطلق فعليا مع تشكيل حكومة عراقية جديدة قد تطوي، في رأي الأميركيين، صفحة حكومات نوري المالكي. غير ان الشق الأصعب في تحرك أوباما هو في التعاطي مع الوجود «الداعشي» في سورية، وتأكيد مسؤول أميركي لصحيفة «نيويورك تايمز» ان «الجميع في الخط نفسه عندما يتعلق الامر بالعراق إنما هناك قلق اكبر حول سورية وأين قد تؤدي الضربات… إنما لا بديل عنه».
أوباما الذي يعلن عن خطته اليوم حسم أمره حول ضرورة التحرك في سورية، إنما الشكل والوتيرة والاستراتيجية هي موضع الجدل داخل الادارة، في الكونغرس، ومع الحلفاء الإقليميين. اذ تدرس واشنطن اليوم خيارات عدة معظمها عسكري، للتعاطي مع الأزمة السورية، وهي تتداخل في توقيتها وشكل تطبيقها مع ملفات إقليمية بينها المفاوضات حول الملف النووي مع ايران، البنية الإقليمية للتحالف ضد «داعش»، وآلية المرحلة الانتقالية لتغيير الحسابات، وخروج الرئيس السوري بشار الاسد من السلطة والذي ما زالت تسعى واشنطن الوصول اليه في سورية.
بداية، هناك تلاق أميركي رئاسي – استخباراتي – نيابي وشعبي حول توسيع الضربات الجوية ضد «داعش» الى سورية، التي يراها المسؤولون الأميركيون أصل المشكلة والسبب المحوري لامتداد التنظيم من الرقة الى الموصل شرقا وعرسال غربا. وهناك أيضاً قناعة أميركية بان النظام السوري هو في صميم المشكلة في سورية وليس جزءا من الحل. وكان اوباما واضحا في مؤتمره خلال قمة حلف شمال الأطلسي وفي مقابلته مع شبكة «أن.بي.سي» الأحد الفائت بأن التعاون على الارض سيكون مع الثوار المعتدلين وبناء تحالف إقليمي أوسع يشمل تركيا والأردن والسعودية التي يزورها وزير الخارجية الأميركي جون كيري هذا الأسبوع.
الا ان هذا الإطار السياسي يصطدم بتعقيدات جمة، لان هذه ليست الخطة الاولى لأوباما في سورية التي قد تفشل من حيث التطبيق، وبسبب الظروف على الارض في سورية التي قد تبطئ التحرك. فحتى اليوم ليس هناك في نظر الادارة قوة عسكرية للثوار المعتدلين يمكن الاعتماد عليها بشكل محوري لمواجهة «داعش»، بالشكل الذي تساعد قوات البيشمركة الكردية والجيش العراقي والقبائل في الأنبار على دحر «داعش» في غرب العراق. وليس هناك ثقة كاملة بالجيش الحر وبعض الكتائب على الارض التي أجرت تعاملات مع «داعش» في السابق. وسيقتضي تأهيل هكذا قوة او تحالف في سورية فترة أشهر على الأقل وتعاونا إقليميا مركزا واستراتيجيا يتخطى الخلافات والتحركات الفردية اليوم وضمان فعاليتها. ويعني هذا الامر تأجيل اي ضربات جوية في سورية الى حين نضوج هكذا تحالف، والتركيز على ضرب «داعش» في العراق ولو ان ذلك قد يعني هروب قوات التنظيم باتجاه سورية.
ومن هنا، هناك خيارات عدة تدرسها واشنطن، احدها إقامة منطقة حظر جوي جزئي وبدعم من تركيا لتدريب الثوار وتجهيزهم. كما تضع الادارة على الطاولة خيار الضربات «الجراحية» والطائرات من دون طيار وقوات خاصة لتنفيذ عمليات داخل سورية، برغم الصعوبات الاستخباراتية والميدانية التي تعيق ذلك. ومن ناحية التوقيت لا تريد الادارة ان يعيق أي تحرك في سورية المفاوضات النووية الإيرانية التي يفترض ان تختتم نهاية تشرين الاول (أكتوبر) المقبل.
هذه العوامل الداخلية والإقليمية تحيط اي تحرك أميركي في سورية، تراه الادارة ضروريا لشل «داعش»، وتربطه بمسار داخلي يساعد المرحلة الانتقالية وخروج بشار الاسد من السلطة «المغنطيس» الأكبر للتنظيم برأي واشنطن في سورية. أما نجاحه فيكون في التطبيق وهو ما تلكأت فيه إدارة اوباما في السنوات الثلاث الفائتة، فهل تغير «داعش» التجربة الاميركية في سورية؟
عن الحياة
التعليقات مغلقة.