الكرد يقررون مصير إستنبول
فوزة يوسف
للمرة الثانية هزم حزب العدالة والتنمية في انتخابات إستنبول، و السبب في ذلك بسيط جدا، أردوغان يحصد ما زرعه. فقد قام أردوغان وعلى مدى سنيين حكمه باستغلال القضية الكردية كوسيلة من وسائل إطالة مدة حكمه، فتارة سوّق نفسه على أنه قائد سلام وبأنه سيحل القضية الكردية، وتارة أخرى قام باستهداف الكرد وإثارة الشعور الشوفيني لدى الاتراك ضدهم، إلا أن السحر انقلب على الساحر هذه المرة ولم تعد هذه السياسة منتجة وناجعة كما كانت في السابق.
من حسم معركة إستنبول هم الكرد، فقد كانوا نقطة التوازن أو بيضة القبان بين الحزبين المتنافسين، والتزامهم جانب أي الطرفين يعني بأن كفة الميزان سترجح لصالح ذاك الطرف. وحالة كون الكرد يشكلون اليوم نقطة التوازن بين مختلف الاطراف لا تقتصر على تركيا فقط إنما تتجاوزها إلى مناطق أخرى كسوريا مثلا و هذا ينبع من حقيقة أن القوة المنظمة هي القوة المؤثرة و إن كان حجمها صغيرا -فإن لم تستطع أن تكون ملكا فاصنع الملوك- إذاً، وهذا ما حصل بالضبط في انتخابات إستنبول، ويجب على جميع الدول التي يتواجد فيها الكرد أن تدرك هذه الحقيقة جيدا وتتعامل مع الكرد وفقا لذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن؛ هو ماذا سيكون رد فعل أردوغان على نتائج هذه الانتخابات؟! هل سيعيد النظر في سياساته ويعلن عن فشل تحالفه مع حزب الحركة القومية و يتخذ مسارا جديدا في تعامله مع القضية الكردية وقضية التحول الديمقراطي في تركيا التي انحدرت مؤخرا الى الحضيض، أم أنه سيجتر نفس السياسات المؤذية والعقيمة ضد الكرد والقوى الديمقراطية التركية!
هناك من يقول بأن أردوغان رجل براغماتي وبما أن الخطر محدق به الآن الى درجة غير مسبوقة فهو مضطر لإعادة النظر في سياساته، بالطبع هذا ما يطمح إليه الجميع لأن سياسات أردوغان المؤذية لم تقتصر على تركيا فقط، إنما تجاوزتها الى دول الجوار بحيث هدد أمن المنطقة برمتها. وإذا ما أخذنا بعض الأمثلة المشابهة في منطقتنا فأن الصورة ليست واعدة البتة، فقد وجدنا الكثير من زعماء هذه المنطقة أصروا على اجترار مواقفهم وسياساتهم التدميرية فالتهمتهم فيما بعد والتهمت معهم دولهم، وأردوغان يملك في شخصيته الكثير من خصائص أولئك الزعماء التدميرية لذلك من الصعب التكهن بمآلاته و ما سيقوم به.
يبقى أنه ثمة شيء ثابت يمكن التكهن به ببساطة وهو اذا ما اختار أردوغان الاستجابة لنداء القائد أوجلان و بدأ مرحلة جديدة من المفاوضات الجدية فأن ذلك يمكن أن يطيل فترة حكمه، و لكن أيّة سياسة في ظل استمرار الزواج المدمر بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية سيكون محكوما عليها بالفشل مسبقا والعد التنازلي الذي دخل فيه حزب العدالة والتنمية سينتهي إلى نقطة الصفر كما انتهى مع أحزاب تركية سابقة، كحزب تانسو جيلر، إلى نفس النقطة إن لم يتدارك أردوغان أخطائه وسياساته المؤذية.
إذاً، الكرة الآن في ملعب أردوغان وهو أمام خيارات صعبة جدا، فإما أن يقوم بإعادة النظر في سياساته واستراتيجيته المعادية للشعب الكردي ويكسبهم وبالتالي يكسب الفوز، وإما أن يستمر في محاربة الكرد فيخسر في انتخابات 2023 مثلما خسر في انتخابات إستنبول.
نقلا عن صفحة “الفيسبوك” لعضو منسقية مؤتمر ستار فوزة يوسف
التعليقات مغلقة.