تركيا شريكة في التحالف ضد “داعش” دون تدخل مباشر

21

349

 

 

 

 

 

 

أصبحت تركيا الدولة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة السنّية في التحالف الجديد، الذي أعلنته الإدارة الأميركية في قمة حلف شمال الأطلسي، والمكوّن حتى الآن من عشر دول أساسية هي، بولندا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا والدنمارك وكندا، إضافة إلى أستراليا والولايات المتحدة. وتُشكّل المهمة الأساسية لهذا الحلف محاربة التمدد السريع لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في كل من العراق وسورية.

يريد أردوغان أن يكون النظام السوري أيضاً تحت مرمى أهداف التحالف الجديد

وعلى الرغم من التوافق على أن أياً من أعضاء التحالف الجديد لن يقوم بإرسال جنود لقتال “داعش” بشكل مباشر، إلا أن رؤية المتحالفين للاستراتيجية التي سيتم العمل من خلالها لتحقيق الأهداف المرجوّة تختلف.

بالنسبة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فقد أصرّ أن تأخذ رؤية الحلف، خلال العمل على وضع استراتيجية كاملة لقتال “داعش”، بعين الاعتبار بأن الأخير هو نتاج الفوضى التي سبّبها النظام السوري بقيادة، بشار الأسد، بعد قمعه الدموي الثورة السورية. أي أنه يريد أن يكون النظام السوري أيضاً تحت مرمى أهداف التحالف.

وعلى الرغم من أن واشنطن لا تزال تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على الاستراتيجية ضد “داعش”، إلا أن وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، كان قد لمّح في وقت سابق إلى أن الاستراتيجية ستكون مبنية على مهاجمة “داعش” بطريقة تمنع التنظيم من الاستيلاء على أراضٍ جديدة من دون مواجهة مباشرة، مع دعم قوات الأمن العراقية. أي أن الضغط على النظام السوري أو توجيه ضربة له لن يخدم هذه الاستراتيجية، بل على العكس سيسمح لـ”داعش” بالاستيلاء على الأراضي التي سيضطر النظام الى إخلائها، إلا في حال حصول توافق تركي ـ غربي على العمل على إعادة بناء قوات الجيش السوري الحرّ، لتشكّل البديل وتسيطر على الأراضي التي سيخليها داعش والنظام، ما يُعد أمراً مستبعداً على المدى القريب.

ويبدو أن التحالف الجديد يعيد لتركيا، وبسبب قربها الجغرافي من موقع الحدث، دورها كحليف مهم لا يمكن الاستغناء عنه، وبغض النظر عن الإحراج التركي المتمثل بالرهائن الـ49 الأتراك الذين يحتجزهم “داعش” منذ اقتحامه القنصلية التركية في الموصل في يونيو/حزيران الماضي، لكن المتوافق عليه وبحسب الرؤية الأميركية والتركية لدور التحالف، بأن تركيا لن تتدخل بشكل مباشر في الحرب على “داعش” ولن تسمح باستخدام قاعدة إنجرليك التابعة لحلف الأطلسي للقيام بضربات مباشرة للتنظيم.

وكما يبدو حتى الآن، ستقتصر المهمة التركية على ضبط الحدود ومنع تسلل المزيد من المقاتلين للانضمام الى “داعش”، إضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية حول المقاتلين الأجانب، الأمر الذي كان محور اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بنظيره التركي في قمة الحلف الأطلسي في ويلز. إلا أن الدور الذي ستختاره تركيا لن يتبلور بشكل نهائي، قبل زيارة وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، المنتظرة لأنقرة، وقبل إكمال الإدارة الأميركية لبناء تحالفها.

تبدو المهمة التركية حتى الآن مقتصرة على ضبط الحدود ومنع تسلل مقاتلين إضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية حول المقاتلين الأجانب

 

ومع أن الأميركيين أكدوا استبعاد إيران من التحالف، لكن تركيا لن تبقى الدولة المسلمة الوحيدة فيه، فمن المرجح أن تنضم دول مسلمة سنّية أخرى في المنطقة مثل الأردن والسعودية وقطر إليه، وذلك في ظلّ تصريحات رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال، مارتن ديمبسي، الذي أكد أن الطريقة الوحيدة للقضاء على التنظيم، هي إنشاء تحالف من مجموعة من الدولة المسلمة السنّية.

إذ يُعتقد أن حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في المنطقة كالأردن والسعودية وتركيا سيكون لهم دور بارز، مما قد يعيد العلاقة المتأزمة بين السعودية والإمارات من جهة وتركيا وقطر من جهة ثانية للحوار في سبيل تعزيز التعاون في وجه العدو المشترك، خصوصاً في ظل المحاولات الخليجية تجاوز الأزمة بين قطر والسعودية.

وفي ما يخصّ الأزمة الأوكرانية وقوات الردع السريع التي قرر الحلف الأطلسي إنشاءها في دول أوروبا الشرقية رداً على مواصلة روسيا تدخلها في أوكرانيا، وخوفاً على بعض دول الاتحاد السوفييتي السابق، والتي تضم أقلية روسية مثل لاتفيا وليتوانيا، فقد أكد أردوغان في قمة ويلز أن تركيا لن توافق على ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم.

ومن غير المتوقع أن يكون لتركيا دور مهم في قوات الردع السريع أو استراتيجية الحلف الأطلسي في هذا المجال، إذ أن أنقرة ما زالت تحاول أن تتبع الاستراتيجية نفسها التي اتبعتها مع إيران بعد فرض العقوبات عليها، خصوصاً في ظل المصالح الضخمة بين الطرفين، إذ أن روسيا ما زالت أكبر موردي الغاز لأنقرة، بل وأصبحت تمثّل سوقاً مهمة بعد العقوبات المتبادلة بين روسيا والدول الغربية.

من جهة أخرى، وفي ظل الظروف الجيوسياسية الحالية، تتزايد أهمية الدور التركي في مجال الطاقة، إذ تتحوّل تركيا إلى دولة محورية كممر للغاز الطبيعي إلى أوروبا، وبحسب استراتيجية أمن الطاقة الأوروبي الذي أقر في نهاية مايو/أيار الماضي، فإن خطة تنويع مصادر الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي تستدعي تقليل الاعتماد على الغاز والنفط الروسيين، وفتح التفاوض مع تركيا التي تمثل ممراً مهماً للنفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا إلى أوروبا.

عن العربي الجديد

التعليقات مغلقة.