العلاقة بين اقليم كردستان والمركز ستشكل تجربة ملهمة للإدارة الذاتية في تعاطيها مع دمشق
شَكَّلَ حفل تنصيب السيد نيجيرفان البارزانى رئيساً لإقليم كردستان العراق الفيدرالي مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي حاز على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الإقليم حدثا عراقياً وكردستانياً وإقليمياً مهماً.
مع ان فوز السيد نيجيرفان بمنصب الرئاسة لم يكن مفاجئاً حيث تم تداول الاسم بعد تنحي الزعيم الكردي مسعود البارزانى الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق الذي أعلن أنه “لن يستمر” في منصبه بعد الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2017 ليتم توزيع صلاحيات رئيس الإقليم بعد انتهاء مدته على رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ومجلس القضاء.
لكن الحضور المكثف للفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية العراقية وأيضا الحضور الملفت للدبلوماسيين وموظفي وزارات الخارجية للدول الإقليمية وحضور الأحزاب والفعاليات الكردستانية كل هذا يعكس مدى أهمية المرحلة المقبلة.
الحفل الضخم والذي يعد الأول من نوعه في الإقليم الكردي والمخطط له بدقة ليدشن مرحلة جديدة لإدارة الإقليم على اكثر من مستوى ربما يكون المستوى الأهم هو اعادة العلاقات الطبيعية مع المركز على أسس دستورية طالما احتاجها العراق الفيدرالي ككل ليكون اكثر قوة ومنعة ولتبدأ معها ايجاد حلول منصفة للقضايا العالقة بين الطرفين ربما يكون من أهمها تنفيذ المادة 140وموضوع توزيع الثروات، بالطبع هذه الأسس الدستورية ستكفل سياسات اكثر اتزانا للإقليم الذي يعاني من تدخلات مريبة في شانه الداخلي من قوى إقليمية تستثمر في الهوة التي تشكلت بين المركز والإقليم، الطريق الى تحقيق هذا التكامل ليس ممهداً بالشكل المطلوب ولن يكون سهلاً في المرحلة المقبلة لكن مقدمات هذه المرحلة توحي بجدية العمل في هذا المضمار وما تمتلكه شخصية الرئيس الجديد من حنكة وتجربته في الإدارة تنعش الآمال بتحقيق الكثير .
هذا المدخل في تبني سياسات جديدة لإدارة العلاقة بين الإقليم والمركز سيوفر مناخات جديدة لعلاقات اكثر توازنا بين القوى الكردستانية الرئيسية في الإقليم للتركيز اكثر في مسألة الحكم الرشيد للاهتمام اكثر بمشاغل ومتطلبات المواطنين وهنا ايضا سيكون الرئيس في مواجهة تحديات جمة وعلى رأسها توحيد الإدارتين وتوحيد البيشمركة وإعادة تشكيل الجبهة الكردستانية في البرلمان العراقي.
بالتأكيد أن حماية تجربة الحكم في اقليم كردستان سابقا وحاضرا ومستقبلا واجب على كل القوى السياسية في المنطقة لان صيانة وحماية هذه التجربة هي مدخل مهم لإيجاد حلول منصفة للقضية الكردية في الأجزاء الأخرى والتي تعتبر من اعقد قضايا الشرق الأوسط ويبقى ايجاد حلول لهذه القضية المشروعة المدخل الحقيقي للاستقرار والتنمية المستدامة للمنطقة برمتها.
بالتأكيد هذا التصور لشكل العلاقة بين اقليم كردستان العراق والمركز سيؤسس لعلاقات افضل مع الإدارة القائمة في شرق الفرات المدعومة من التحالف الدولي الحليف المشترك لكلا الطرفين في محاربة داعش وتحقيق الانتصار الميداني على التنظيم الإرهابي وسيخفف من التدخلات الإقليمية التي تحول دون بناء علاقات جيدة بين الطرفين وسيشكل تجربة ملهمة ومفيدة للإدارة في تعاطيها مع دمشق لتصبح شريكاً أساسياً في العملية السياسية للوصول الى حل للازمة السورية
ان المهمة والمسؤولية كبيرة وهي لن تنجح اذا لم تتضافر كل القوى الداخلية الفاعلة وبمساندة القوى الصديقة في اجتياز هذه المرحلة التي مازال تهديد القوى المتطرفة قائما وتنتظر اقتناص الفرصة لتظهر من جديد اكثر إرهاباً وأكثر تطرفاً.
* عضو الهيئة القيادية في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يـكـيتي)
التعليقات مغلقة.