هل يطيح “داعش” بالأسد كما فعل بالمالكي؟

26

349

 

 

 

 

 

 

دخل تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) على خط الصراع السوري بتحالف، موضوعي، مع قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد. غير أن هذا “التحالف” قد بدأ بالتفكّك منذ أن بدأت تتشكّل ملامح تحالف دولي ضد “داعش”، الأمر الذي دفع بالنظام السوري إلى المسارعة بحجز مقعد له فيه، بهدف إعادة بطاقة العضوية لـ”المجتمع الدولي”. ولعلّ هذا ما يفسر الغارات الكثيفة التي شنها طيران النظام على مواقع “داعش” في محافظة الرقة، المعقل السوري الرئيس للتنظيم، وهو الأمر الذي اتّسع ميدانياً لصالح “داعش”، عبر سيطرته على مواقع استراتيجية للنظام في ريف المحافظة، التي باتت تحت سيطرته بالكامل.

غير أن السحر قد ينقلب على الساحر، بمعنى أن التحالف المرتقب قد ينقلب على الطرفين، لا سيما ضد النظام، وهو الأمر الذي لن يتمّ إلا عبر تفاهمات إقليمية ودولية، تتخلّى بموجبها إيران عن النظام السوري، في مقابل انخراط السعودية بالقتال ضد “داعش”.

هذا ما توقعت مديرة مركز “كارنيغي” للشرق الأوسط الباحثة لينا الخطيب، أن تؤدي إليه الخطوات الساعية إلى بناء تحالف دولي إقليمي فاعل لمواجهة خطر “داعش”، عبر إحداث نوع مما دعته الباحثة “تفاهم الضرورة” بين إيران والسعودية، توافق الأولى بموجبه على سيناريو للإطاحة بالأسد في سورية، شبيهاً بسيناريو التخلي عن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، من دون المساس بالمصالح الإيرانية، مقابل دعم السعودية الجدي لعمل جماعي ضد تنظيم “داعش”، مع ضمان دور مستقبلي لها في كل من العراق وسورية.

وفي دراسة نشرها موقع “كارنيغي” على الإنترنت، رجّحت الخطيب أن تتعامل إيران بمرونة مع مطلب إبعاد الأسد عن المشهد السياسي السوري، استناداً إلى أن هدف إيران النهائي ليس دعم الأسد، بل إيجاد حكومة في دمشق تضمن المصالح الإيرانية.

تنظر طهران والرياض إلى “داعش” باعتباره خطراً مشتركاً، والفرصة مواتية لهما للحوار

غير أنها استدركت قائلة إن “إيران لا ترى في المشهد السياسي السوري الراهن بديلاً عن الأسد من شأنه أن يؤدّي هذا الدور، مثلما أن السعودية لن تدعم تحالفاً إقليمياً ـ دولياً، ضد داعش، إلا إذا ضمنت لنفسها دوراً في سورية والعراق بعد هزيمة التنظيم”.

 

ولكن، وفقاً لرأي الباحثة، بما أن طهران والرياض تنظران إلى “الدولة الإسلامية” باعتباره خطراً مشتركاً على الجميع فإن الفرصة مواتية لهما للحوار بشأن إحداث تغيير في سورية، يفتح الباب أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية، شبيهة بالحكومة المأمول إعلانها قريباً في العراق، شرط أن يحظى أعضاء الحكومتين بقبول إيران والسعودية معاً.

وخلصت الدراسة إلى أن أي استراتيجية لمحاربة “داعش” في سورية والعراق لن تنجح، إلا إذا توصلت السعودية وإيران مسبقاً إلى تسوية ما حول دور كلٍّ منهما في الشرق الأوسط، بما يضمن لكل طرف منهما عدم إقصاء حلفاء الطرف الآخر من الشراكة.

وكانت تضحية إيران بالمالكي في العراق، وموافقتها على مطالب تغييره، قد جعلها متوافقة عن غير قصد مع السعودية، في حين رأت الرياض من جانبها في استبدال المالكي بوجه جديد، وسيلةً لتخفيف حدّة التوتر وفرصةً لزيادة التمثيل السنّي في السياسة العراقية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة.

لكن مع أن السعودية تتشارك مع إيران العداء تجاه “الدولة الإسلامية”، لا تزال السعودية قلقةً من أن يؤدي القضاء على التنظيم من دون إيجاد بديل عن نظام الأسد في سورية إلى ترسيخ نفوذ إيران في المنطقة، ومن هنا تأتي أهمية التفاهم الإيراني ـ السعودي لاجتثاث “داعش” مقابل الإطاحة بالأسد.

عن العربي الجديد/منير الماوري/ واشنطن

التعليقات مغلقة.