ما سرّ الاطمئنان التركي والإسرائيلي؟

30

samihsaab

 

 

 

 

 

 

وقت تستشعر دول في المنطقة والعالم خطر الجهاديين، وبعضها محق في ذلك ويرفعه الى مصاف الخطر الوجودي، ثمة دولتان لا تستشعران هذا الخطر بالنسبة عينها ولا تعيرانه اي اهتمام، انهما تركيا واسرائيل.
الاولى لا تزال حدودها مفتوحة أمام الجهاديين الآتين من كل أصقاع الارض ليقاتلوا في سوريا والعراق. وبينما العالم مشغول بوضع استراتيجية فاعلة لمواجهة “داعش” و”جبهة النصرة”، ينشغل الرئيس التركي بانتخابات السنة المقبلة لتضمن له غالبية الثلثين في مجلس النواب وتاليا تعديل الدستور لتوسيع صلاحيات الرئيس بحيث يكون ديكتاتورا بثياب ديموقراطية. ومن يدري، ربما كان طموحه استرداد “الخلافة” من أبو بكر البغدادي!
واذا ما سئل المسؤولون الاتراك عن الامارات التي يقيمها الجهاديون في الجانب الآخر من الحدود التركية، يأتي جوابهم المكرور بأن الرئيس السوري بشار الاسد هو المسؤول عن ايصال سوريا الى ما وصلت اليه، وكأن تركيا فتحت حدودها أمام عشرات الآلاف من الجهاديين الى سوريا كي تفعل ذلك من منطلق انساني وليس من منطلق تخريب سوريا ودفعها الى الفوضى.
أما الأكثر حيرة، فهي إسرائيل التي لم تبد أي رد فعل استثنائي على سيطرة الجهاديين على معبر القنيطرة في الجولان حتى بات مقاتلو “جبهة النصرة” التابعة لتنظيم “القاعدة” الام على مسافة أمتار من المواقع الاسرائيلية في الشطر المحتل من الجولان. وعلى رغم ذلك، ثمة اطمئنان اسرائيلي الى وقائع المعارك التي ابعدت الجيش السوري
عن الحدود. وهذا الاطمئنان يثير اسئلة لا تحظى بأجوبة قاطعة.
صحيح ان الجهاديين الذين يقاتلون في سوريا لا يولون قتال اسرائيل أهمية ولا تدخل في أجندتهم المعلنة دعوة الى القتال في فلسطين. لكن هل هذا كاف ليطمئن اسرائيل الى انها ستبقى خارج نطاق عمل الجهاديين مستقبلا؟ أم أنها تنطلق من مقولة ان قيام دول دينية في المنطقة يسبغ شرعية عليها هي “دولة يهودية”؟ أم أن اسرائيل ترى في “حزب الله” و”حماس” خطرا عليها يفوق بكثير خطر الجهاديين؟ أم أن مهادنة الجهاديين مردها الى عدم الرغبة في استفزاز هؤلاء لئلا يحولوا زخم هجماتهم نحو اسرائيل عوض توجيهها الى سوريا والعراق ومصر؟
في الواقع تصعب الاجابة عن كل هذه التساؤلات. انما ذلك لا يلغي واقع الاطمئنان في تركيا وفي اسرائيل، على رغم التطورات المرعبة في المنطقة وشعور الاخرين بأن الخطر الزاحف لن يتوقف عند سوريا والعراق أو الخليج وأوروبا وأميركا.

سميح صعب

التعليقات مغلقة.