الطموح الكردي وآليات ونتائج الحوار بين “مسد” والحكومة السورية
فاضل موسى
لا يخفى على المتتبع للشأن الكردي السوري مامرت به القضية الكردية منذ بداية الأزمة السورية في العام 2011 من مراحل بدأت بمطالب الحرية والمساواة وانتهت بالفيدرالية “اللامركزية السياسية” من قبل مجموع الأطر السياسية كحل للقضية الكردية والأزمة السورية ككل.
وآخر تطور لهذا المطلب هو إطلاق شعار اللامركزية الديمقراطية والاستعداد للتفاوض “الحوار” مع النظام السوري “الحكومة السورية” من قبل مجلس سوريا الديمقراطية دون شروط مسبقة.
وقد تكلل اللقاء الذي جرى بين وفد “مسد” والقيادة السورية باتفاق على مواصلة الحوار “التفاوض” وتشكيل لجان مختصة لتنفيذ نتائجه بين الطرفين.
ومن المعروف أن اللامركزية في أي مجال هي استجابة لمشاكل النظم المركزية. واللامركزية الإدارية قد تكون حلاً لمشاكل التدهور الاقتصادي وعجز الحكومة عن تمويل الخدمات أما اللامركزية السياسية فقد يكون من شأنها حل المسائل الوطنية إجمالاً ومطالب المكونات القومية في إحقاق حقوقها السياسية بشكل خاص ضمن إطار الدولة الواحدة.
وفي الآونة الاخيرة كثرت الأسئلة والنقاشات في مختلف الأوساط الشعبية والسياسية والثقافية عن مغزى شعار “اللامركزية الديمقراطية” أهو مصطلح شامل للحل الديمقراطي للأزمة السورية في ظل نظام حكم لا مركزي، وإن كان لا مركزياً أهو لا مركزي إداري أم سياسي.
لأن هذا الشكل من نظام الحكم غير معروف نظرياً في الأوساط السياسية والحقوقية ولم يسبق التطرق لكهذا مصطلح محلياً أو إقليمياً.
لذلك فقد بات من الواجب على قيادة مجلس سوريا الديمقراطية قبل الحوار أو تشكيل اللجان تفسير وإيضاح المقصود بهذا المصطلح للشارع المتساءل ليكون على بينة بمصيره من ناحية، وليكن هذا الشارع نصيراً ورديفاً له في نضاله. سيما وأن إطلاق هذا الشعار تزامن مع الاستعداد للحوار “التفاوض” مع الحكومة السورية دون شروط مسبقة ودون التطرق للفيدرالية التي كانت حتى الأمس القريب شعاراً لا يمكن التنازل عنه أو استبداله بآخر مثل المنابر السياسية الأخرى حتى بات الشارع الكردي يعد العدة ويهيأ الوسائل لعيش هذه التجربة بعد طول معاناة.
ولا بدّ من التنويه أن اللامركزية ليست مجرد المزيد من الديمقراطية في يد المواطن البسيط وجعله أكثر قرباً من صنع القرار الذي يؤثر على حياته فحسب بل إنها تعني حياة الناس ومعيشتهم.
ولذلك فإن آليات الحوار “التفاوض” بين مجلس سوريا الديمقراطية والقيادة السورية يمكن أن تمر عبر القنوات التالية:
وجود رغبة سياسية حقيقية في الحوار البناء المفضي لحل سياسي يرضي الطرفين بأقل الخسائر وخاصة من طرف القيادة السورية التي يتحتم عليها تناول القضية كقضية سياسية وليست إدارية أوكمطلب خدمي.
- إجراء تغيير دستوري عاجل بالطرق القانونية يتضمن اعترافاً بوجود الشعب الكردي في سوريا كثاني أكبر قومية في سورية و تمهيد السبل لحل هذه القضية عبر الحوار السوري السوري الحر دون مراوغة و تسويف أو جعل هذه القضية كأداة ضغط على تركيا أو غيرها للحصول على تنازلات أو فك الارتباط مع المجاميع المسلحة التابعة للائتلاف. ويمكن تحقيق ذلك بوجود أطراف ضامنة لهذه العملية كالروس و الأمريكان.
- التوجه نحو تشكيل اللجان المختصة لاختيار شكل النظام السياسي الملائم لممارسة هذا الشعب لحقوقه السياسية في مناطقه سواء أكان إدارة ذاتية أو محلية أو فيدرالية أو حكم ذاتي…الخ.وذلك بالاعتماد على الكوادر الوطنية المحترمة من الشارع الكردي والسوري وعدم فرض شخصيات غير مختصة أو مرتبطة بجهات أمنية أو سياسية بقصد الهدم لا البناء.
- تنظيم علاقة المناطق الكردية بالمركز وفق شكل النظام السياسي المتوافق عليه بما يكفل رفع الغبن والاقصاء عن كاهل الشعب الكردي ومعالجة آثار السياسات الاستبدادية القمعية الشوفينية بحقه.
- توجيه الشارع السوري لاعتبار القضية الكردية السورية قضية وطنية بإمتياز وليست مؤامرة على وحدة سوريا واعتبار حل هذه القضية طريقاً لحل الأزمة السورية ككل.
- اعتبار نتائج الحوار (التفاوض) مبادئ فوق دستورية يجب أن يبني عليها الدستور السوري الجديد، لا أن تكون خاضعة لديمقراطية صناديق الاقتراع أو الاستفتاء العام.
- خلق الأرضية الملائمة لتنفيذ مآلات الحوار شعبيا واقتصاديا وسياسيا بتكاتف مختلف الفعاليات والمرجعيات السياسية والدينية والعشائرية لتحقيق المصالحات وبناء مجتمع متعدد القوميات حر ومتكافل ومنسجم.
وبالمحصلة فإن مجلس سورية الديمقراطية يجب أن يضع نصب عينيه حقوق الشعب الكردي وتضحياته ودماء الآلاف من شبابه منبراً يهتدي به إلى الحل العادل لقضيته دون إملاءات إقليمية أو دولية أو نهج سياسي معين كردستاني أو محلي، في إطار دولة سورية الموحدة.
نشر هذا المقال في العدد /83/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 15/8/2018
التعليقات مغلقة.