من يقسِّم سوريا… ؟!
آلدار خليل
“ تتهمنا دوماً القوى المعارضة التي تعمل لصالح الدول الإقليميّة ومنها تركيا بكلّ تأكيد وكذلك النظام السوريّ وكلّ من لا يريد أن يكون هناك حلّ ولقاء سوريّ- سوريّ بأنّنا نسعى إلى تجزئة سوريا وأنّنا دعاة انفصال ولكن إن تمعنا في قراءة الواقع سنجد بأنه وتحت هذا الغطاء أو الحجّة هم يمارسون كلّ ما يؤدّي إلى التقسيم والتجزئة”
رغم الدلالات القطعيّة أنّ ثورة شعبنا في شمال سوريا ليست ثورة مقترنة بظروف وبحاجة معينة بل ثورة شاملة، تبحث في نواحي التغيير والتحوّل نحو الاستقرار والسلام وبناء المجتمع الديمقراطيّ، والسعي الجاد نحو بناء سوريا، تعدُّدية، ديمقراطيّة يتساوى فيها كلّ السوريين في الحقوق والواجبات دون تفريقٍ أو إقصاءٍ.
القيم والمبادئ التي ننادي بها على مدى سنوات مضت ولا تزال وستبقى ثابتة حيث أنّها تعبّر عن الحاجة الوطنيّة وتسعى إلى حلٍّ جامعٍ لكلِّ السوريين وحلّ القضية الكرديّة ضمن سياق وطنيّ بعيد عن حالات التشويه التي تحاول بعض القوى من خلال تلك الحالة تقديم ما هو مغاير لرؤية شعبنا، كذلك في ثورتنا توجد دون شك ضرورات التحوّل في سوريا نحو حالة مغايرة للتي شهدتها في البلاد منذ ما يقارب الأربعة عقود.
نحن ننادي بكلّ ما يمكن أن يحقق الوحدة السوريّة وهذا النداء الآن يتم ترجمته في الواقع وإن كان من جانبنا نحن فقط، لدينا الكثير من التوجّهات التي تدل على أنّنا نسعى نحو تماسك المجتمع ونسعى إلى وحدته، مشروع قوات سوريا الديمقراطيّة، مشروع مجلس سوريا الديمقراطية، التعدد والتنوع في الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة كلّ هذه الأمور مؤشّرات حقيقة على أنّ المكوّنات تسعى بحالة من التشارك في بناء نموذج ديمقراطيّ حقيقيّ في سوريا ويكون العامل المؤدّي إلى نهاية الصراع والحرب الدائرة.
نحن لا نخفي أنَّنا أصحابُ قضية وطنيّة كرديّة وهذه القضية تستوجب الحلَّ في سوريا ضمن إطار التوافق والحوار وحل القضية الكرديّة عامل مهم نحو ضمان تحقيق الأهداف الوطنيّة العامة في سوريا، لكن لابد أن يدرك الجميع أنّنا لا نسعى إلى حل القضية الكرديّة بمعزل عن الحل العام للمشكلة السوريّة وهذا بحد ذاته موقف لا يستطيع الكثيرون اتخاذه وبخاصة من يريد الحلّ وفق مصالحه حيث لا يوجد لديه ما يحقّق الحلّ ليس للكرد بل لجميع السوريين وعلى وجه الخصوص أبناء المكون الذي ينتمي إليه، هذه الأطراف والائتلاف أمثلة حيّة على أنّهم عامل مؤجّج للصراع ما بين السوريين من خلال شخصياته الموجودة فيه كائتلاف وما يجري في عفرين سعي جاد لخلق التناحر والصراع العرقيّ عبر عمليات التغيير الديمغرافيّ والاستبدال البشريّ بسعي تركي وموافقة الائتلاف، إذاً هناك من يقسّم ويخلق الصراع!
نضالنا في مشاريعنا كما مشروع أخوة الشعوب، مشروع الأمة الديمقراطيّة هو العمل على لقاء جميع المكوّنات السوريّة رغم خلافاتها وهذا اللقاء هو الجزء الأهم من الحلّ وبالتالي سيتمّ حلّ كلّ الأمور والمشاكل بما فيها القضية الكردية، وهذا تناولٌ مختلفٌ لذا يريدونه ألا يكون.
تتهمنا دوماً القوى المعارضة التي تعمل لصالح الدول الإقليميّة ومنها تركيا بكلّ تأكيد وكذلك النظام السوريّ وكلّ من لا يريد أن يكون هناك حلّ ولقاء سوريّ- سوريّ بأنّنا نسعى إلى تجزئة سوريا وأنّنا دعاة انفصال ولكن إن تمعنا في قراءة الواقع سنجد بأنه وتحت هذا الغطاء أو الحجّة هم يمارسون كلّ ما يؤدّي إلى التقسيم والتجزئة.
حيث أنّ عملية منع تحقيق وحدة الشعب السوريّ التي ندعو إليها من خلال مشروع الأمة الديمقراطيّة وأخوة الشعوب والحوار هو سعيٌ نحو التجزئة!
تشويه انتصارات شعبنا على الإرهاب ومحاولة تبرير هزيمة الإرهابيين هو سعي نحو ضرب جهود تحقيق الاستقرار في سوريا وبالتالي منع الحلِّ وهذا يؤدّي إلى الصراع والتقسيم!، عدم التعامل مع المقترحات والرؤى التي نقدّمها في كلّ مرّةٍ على أنّها سبيل نحو الحلّ سعي كذلك نحو التعطيل ودوام الفوضى!.
يتهموننا بالعمل من أجل القضية الكرديّة وأنّ مشروعنا كرديّ، لم نرَ في أيّ وقت بأنّ القضية الكرديّة هي قضية منفصلة عن القضية السوريّة، ونضالنا من أجل الحلّ نضال من أجل جميع الوطن السوريّ، لم نطالب بتحقيق حلولٍ بمعزل عن سوريا ولم نسعَ إلى التعامل وفق ما يخدم مصالح الكرد فقط لأنّنا بالأساس لا نرى بأنّ لغة المصالح جزء من أهدافنا، على كلّ من يتهمنا بالانفصال أو التعامل لتحقيق الانفصال أن يعيدَ النظر فيما يفعله حيال الوضع في سوريا.
تركيا اليوم تحتل مناطق من سوريا وهي قوة قامت بتقطيع جزء عن سوريا ومن ثم باتت تمارس عليها سيادتها وتفرض ما تريد هل هذا انقسام أم لا؟
عندما يتم إبعاد طرف رئيس وأساس في تحقيق الحل في سوريا- مكوّنات روج آفا- ودفعهم نحو إيجاد حلول منفردة هل هذا تقسيم أم لا؟
النظام الذي يقوم بمقايضة مناطق سوريا بأخرى من أجل الظهور بمنظر المخلّص والاحتفال بنصر غير موجود هل هذا تقسيم أو تجزئة أم لا؟
لا نعتقد بأنّنا سنكون في أيّ توقيت خارج إطار الحفاظ على الوحدة السوريّة، ولكن لابد للقوى التي تتحدث عن الوحدة أن تدرك بأنّنا أكثر من قمنا بالحفاظ عليها حتى الآن، الهجوم على عفرين كان هجوماً على الوحدة السوريّة ولم يكن هجوماً على المشروع الكرديّ فقط لأنّ المشروع الذي نؤمن به هو سوري – وطنيّ يحمل حلّ للقضية الكرديّة كما سائر القضايا السوريّة، نحن نقدّم عوامل تحقيق الوحدة وهم يتهموننا دون تقديم أيّ شيء فهل يستطيعون تقديم ما يحقق الوحدة السورية لنكون نحن في أوائل المتعاونين، طبعاً لن يستطيعوا فإذاً لما التشويه ولماذا التلفيق ضدنا، بكلّ تأكيد الهدف واضح وهو تحت حجّة الاتهامات يريدون تحقيق أهدافهم التي ترضي تركيا ومن معها ولا يوجد لتلك الأهداف أيّ علاقة بالسوريين!
نشر هذا المقال في العدد/82/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/8/2018
نقلا عن صحيفة روناهي
التعليقات مغلقة.