قلم أخضر.. (صيرورة دولية تقودنا لا عوامل داخلية)
حسين قاسم
مخيم اليرموك والحجر الأسود ضواحي دمشقية عادت لها قوات النظام منذ أيام بعد أن تمكنت من طرد فصائل إسلامية متطرفة, وقالت مصادر في النظام أن القوات المنتصرة “بعد حملات التعفيش التي تلي في العادة إنتصاراتها” ستتجه إما شمالاً أو جنوباً, لكن مصادر أخرى في إعلام النظام نفسه أكدت أن تلك القوات تتجمع في الهامة “لتطهرها” من بقايا “الإرهابيين”. لا خوف على شرق الفرات إذاً فهي ما تزال بعيدة وليس هناك مبررات للأصوات التي تبشّر بعودة النظام إلى شمال سوريا, لم يعلن النظام بعد سيطرته الكاملة على ضواحي دمشق حتى يبلغ به الجرأة في مغامرته في شرق الفرات.
لكن بمطلق الأحوال ما يحكم مسار اية قوة سورية مولاةً ومعارضةً, أو أية قوة في سوريا بعيدٌ كل البعد عن منطق إنتصار النظام وهزيمة “المعارضة” أو العكس, ورغم أهمية العوامل الداخلية لكنها لا تعتبر أولوية, هناك صيرورة دولية تبدأ بمقدمات الصراع الروسي الأمريكي مروراً بالإنسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني ولجم نفوذ الميليشيات الإيرانية في المنطقة ودفع أثمان بقاء تركيا في الناتو وضمان بقائه خارج اصطفافات غير مرغوبة بها إلى إنزياحها في بعض المحطات إلى المحور الروسي, وأخيراً وليس آخراً ضمان حدود سورية آمنة مع إسرائيل.
في هذا الإطار تأتي الدعوة الروسية إلى خروج شامل لكافة الميليشيات الأجنبية من سوريا, بما فيها الإيرانية, عقب الضربة الإسرائيلية لمواقع إيرانية في سوريا والرد السوري لم يكن موفقاً والذي جاء على لسان نائب وزير الخارجية فيصل مقداد الذي أفاد بـ” أن بقاء أو إنسحاب القوات الإيرانية أو حزب الله في سوريا غير مطروح للنقاش ولا يمكن أن نسمح لأحد بطرحه”, لا يمكن لأحد أن يحمل تصريحه محمل الجد أمام مشهد استدعاء بوتين للاسد وضرورة أستئناف محادثات السلام استناداً على قرار مجلس الأمن 2254.
كما أن حديث رئيس حكومة الأئتلاف أحمد طعمة لجريدة الحياة “صحيح أننا فقدنا المناطق المذكورة” ويقصد بها ضواحي من دمشق والقلمون وريف حمص” ….لكننا نعتقد أن ذلك لا يضعف موقفنا التفاوضي, لأنه في المقابل أصبحت عفرين معنا “, يبدو مضحكاً جداً أمام مشهد إحتلال تركيا لعفرين السورية ووضعها عرضة لنهب وإرتزاق الفصائل المتطرفة الإسلامية والسعي لتغيير ديمغرافي بجلب نازحي الغوطة والمناطق الأخرى إليها, لا أحمد طعمة ولا “شيخ الحقوقيين” هيثم المالح ولا صاحب الشفاه الغليظة أحمد رمضان ولا حتى المآسوف على نضاله رياض سيف كانوا يملكون من قرار غزو عفرين أيّ شيء, ولا بقايا ما يسمى “الجيش الحر” كانت قادرة على أن تطأ ضيعة عفرينية لو لم يكن هناك قرار تركي وموافقة روسية وتواطؤ حلفاء الكرد, عن أي موقف تفاوضي يتحدث ابن دير الزور وهو أحد خطباء الجوامع وطبيب أسنان؟ وكيف أصبحت عفرين معه؟ ومتى كانت الفصائل المتطرفة تنفذ أوامره حتى يكون طردها من ضواحي دمشق وريف حمص خسارة لائتلافه؟
العوامل الداخلية تكاد لا تحرك قشة في سوريا دون أن تحمل مشاريع الكبار, نحن الكرد لسنا استثناءً في اللوحة السورية.
نشر هذا المقال في العدد /79/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/6/2018
التعليقات مغلقة.