قراءة في مفاعيل الضربة الإسرائيلية..لا وطن للعبيد

49

 

قلم أخضر..زاوية ثابتة يكتبها حسين قاسم

 

لم تأتِ الضربة الإسرائيليّة فجر الخميس العاشر من أيار بجديد, فهي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة, وسوريا “الأسد” كما احتفظت بحق الرد سابقاً فستحتفظ بحق الرد أيضاً إلى تحرير سوريا من آخر سوري يعارض نظامه وعارض نظام الأسد الأب.

حيث شاركت 28 طائرة إسرائيلية نوع F15-F16 في الهجوم بـ 60 صاروخاً، بالإضافة إلى 10 صواريخ أرض-أرض مُستهدِفةً مواقع إيرانية في دمشق وجنوب سوريا واستطاعت الدفاعات السورية إسقاط أكثر من نصفها. المعلومات الواردة حسب وزارة الدفاع الروسيّة والتي تطابقت معلوماتها مع معلومات حليفها “النظام السوري” باستثناء أنّ النظام السوري أكد أنّه أسقط أغلب الصواريخ.

الضربة الإسرائيلية الأخيرة جاءت على ما أفاد به نتنياهو كرد على الصواريخ العشرة التي أطلقها الحرس الثوري الإيراني من الأراضي السوريّة، وكان الرد أيضاً على مواقع إيرانيّة في سوريا, كما أنّه من غير المسموح أيضاً أن تترسّخ أقدام أيران في سوريا أكثر مما هي مُترسِّخة, هذا بالإضافة أنّ الضربة تتزامن مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني بعد اعتلاء الصقور الجمهوريين دفّة إدارة الدفاع والخارجية الأمريكية.

نتنياهو قال إنّ الرد كان مناسباً لتجاوز إيران الخطوط الحمر, والنظام السوري وصف الضربة بأنّها مرحلة جديدة من العدوان على سوريا بدأت مع الأصلاء بعد هزيمة الوكلاء, وإيران أكدت أنّها لا تريد توتُّرات جديدة في المنطقة, وفرنسا دعت إلى نزع فتيل التصعيد وألمانيا دعت إلى ضبط النفس وبريطانيا أدانت الهجمات الإيرانية ودعت إلى تجنُّب تصعيد إضافي, الأمم المتحدة دعت على ضرورة التقيد بقواعد الاشتباك في الجولان, هذا كله مفهوم باستثناء تعبيري “الأصلاء والوكلاء” في بيان النظام السّوري كما أنّه لا يمكن فهم طلب روسيا تسريع مفاوضات السلام السوريّة باستئناف مفاوضات جنيف خارج فاتورة التصعيد ودخول إسرائيل على خط المواجهة الساخنة في سوريا تنذر أن منحى الأمور ستأخذ مساراً مختلفاً في مقبل الأيام.

كما أنّ المحاولة الروسيّة لاستئناف محادثات السلام السوريّة في لحظة الضربة الإسرائيلية تأتي في سياق النفخ في الروح الوطنيّة السوريّة باعتبار العداء لإسرائيل كانت نقطة جامعة للفرقاء السوريين؛ وهي قراءة قديمة لا تتطابق مع الوقائع الحالية التي خلفتها الثورة السورية من أكثر من نصف مليون قتيل وعشرة ملايين نازح ومُهجِّر وتدمير أغلب الحواضر السورية على يد محور الممانعة والمواجهة لإسرائيل, كما أن الجولان السوري “المحتل” أفضل حال من المدن التي تتمتع بسيادة “النظام السوري”, قراءة منصة موسكو للسيد لافروف لن تقنع الأحرار أن يسلكوا منحى العبيد في الدفاع عن وطن السيد.

المطلوب من الضحايا أن يتمتعوا بروح وطنيّة عالية وأن يتصدوا للعدوان “الغاشم” بعد ثمان سنوات من القتل والتدمير وأن يهللوا للصواريخ التي أسقطتها الدفاعات السوريّة -على ذمّة إعلام النظام- من مخيمات الجوار والشتات, على ابن الغوطة أن يهلل للنصر من عفرين وعلى ابن عفرين أن يدبك من مخيمات الشهباء وعلى ابن حلب أن يرفع إشارة النصر من إدلب.

لا أوطان للعبيد, على السوريين أن يكونوا أحرارا من قيود الطاغية قبل كل شيء.

نشر هذا المقال في العدد /78/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 15/5/2018

 

 

 

التعليقات مغلقة.