العبيد والدجاج

89

على مدى سنوات من عمر ” الثورة السورية المجيدة ” (المجيدة بكسرة تحت الميم) استخدم بعض الكتاب والصحفيين الكرد في مدوناتهم صفة ” بوّاك الدجاج ” وكانوا يطلقون هذه الصفة على عدة أشخاص ممن اتصفوا بالعنصرية والتخلف والحقد تجاه شعبنا، يومها شعرت ان إطلاق تلك الصفة قد تضعني في مهاترات عنصرية، لا أحبذها فبقيت بعيداً عن موضوع ” البوّاكين”.

قديما أتذكر أن ” بوك الدجاج ” وممارسة الجنس” الجحشة “، من مستلزمات اكتمال رجولة افتقدها هؤلاء من كثرة ما لعب بهم الآخرون وجحًشوهم، واستعبدوهم، فظلوا” عبيداً” لا يتزوج منهم أحد، ولا يزوّجهم أحد، وإذ يتحدث عنهم أحد من جيرانهم يستهل كلامه بـ :” كلنا عبيد الله، بس هو عبد..” ويعنون به انه بالإضافة كونه من عبيد الله، فهو عبد لأحد مخلوقاته كذلك، و اشتهر هؤلاء بسرقة الدجاج، والأغنام من الحظائر، وكانوا يتفاخرون بها لدى أبناء جلدتهم، فترى الواحد منهم يدعو جاره للعشاء قائلا: ” يا فلان أنت معزوم عندي، البارح بالليل هبشنا على دجاج الكراد، وجبنالنه چم دجاجة” وبالطبع، لهؤلاء ( أقصد من تلك الفصيلة ) مأثرة أخرى يتفاخرون بها، وهي علاقتهم المشبوهة مع الأتان، منطلقين من حكمتهم المشهورة : ” اللي ما يـ…  جحاش مو زلمه “.

ودارت الأيام بنا وبهم، وقامت الثورات في بلادنا وبلادهم، وانتفض السوريون على كرامة هدرت في درعا، وكانت  قد أبيحت تلك الكرامة منذ سنوات طوال، فقامت الثورة،  وكان الكرد مثل غيرهم ينتصرون لدرعا: ” يا درعا نحنا معاكي للموت ” واكتشفنا فيما بعد ان أغلب  ” ثوار درعا ” لم يسمعوا يوما ان للكرد وجودا، ببلدهم، وافترقنا، كل انشغل بشؤونه، ولم تعد درعا تغري الكردي، ليقول لها: ” معاكي للموت ” لاسيما حين جاءت جحافل العبيد المنتمين للقاعدة وداعش وما سمي وقتها بالجيش الحر، جاؤوا وهم يرددون، ويكتبون على الحيطان: ” أيها الأكراد الملاحدة جيناكم بالذبح “. فطاردهم الملاحدة، حتى أوصلوهم ديار أسد سنّتهم أردوغان، وكانوا كعبيد عقائديين قد استجرهم الحنين لخازوق العثماني الذي نكّل بهم وبثقافتهم على مدى أربعة قرون.

وحين أراد الكرد أن يؤسسوا لقليل من الكرامة في هذا البلد، أمرهم أسد سنتهم بالإلتحاق بمعسكراته، وراح يدربهم، ويتكفل نساءهم، ويعلم أطفالهم ثقافة الارتزاق والعبودية، وترسيخ تلك الرجولة العفنة، القادمة من  “بوك الدجاج” وممارسة الجنس مع ” الجحشة.”. ولهذا يخرج كل يوم ” مثقف منهم ” ويعلن انه يفضل أن يتخذ الدواعش من أهله وطرا، على أن يجلب الكرد لذويه القليل من كرامة، أو حرية، ولذلك انسحبوا من كل الزوايا المظلمة، ليلتحقوا بجيش أردوغان، كأدلاء أذلاء، يسيرهم أمامه، فينفقون، ولا يهتم بجثثهم أحد سوى هوام عفرين وذئاب وديانها.

أما من يتبقى منهم على قيد الحياة، فيبحث عن فرصة، ليصل قنّ الدجاج، ليخرج وبيده دجاجة ويهتف عاليا : ” الله اكبر والعزة لله، هذه قنايم الكراد.” ومؤخرا، سرًب لي أحدهم من تنظيمهم المسمى الائتلاف السوري لبوّاكي الدجاج : إن قيادة جيش ” الحر..امي” والبواك، أرسل بعض قادته لريف اعزاز وكلس والباب لشراء خمس وعشرين ألف أتان لتكون في الخطوط الأمامية ترافق البواكين، وجاء هذا القرار بتوصية من أصحاب التجارب والجنرالات المنشقين، ” الذين التحقوا بالثورة المجيدة.

تلك وحشة السوري النقيّ.. السوري الذي كتبنا الشعر معا، وبكينا معا، وحلمنا معا، السوري الذي يرى كل هذا ويعضّ على أصابعه ندماً، ولا تسعفه دموعه وقد ودعها جثامين الشهداء من أهله وأصدقائه، السوري الذي يحدّثني آخر الليل، ويقول لي: ” هذه وحشتنا جميعا، لقد سرقوا ثورتنا، وانشغلوا بـ ” البوك والجحاش ” ويكتب لهم العبيد الشعر،( ودخيل الله كلنا عبيد الله) فأقول له: ليس لحرامي أن يفرّق بيننا، نحن أبناء سوريا  الطيبون، ولن ندعها تضيع أو تصير جحشة لهؤلاء. وبالاعتذار من رياض صالح الحسين.

نشرت هذه المادة في العدد (74) من صحيفة Buyer تاريخ 15/2/2018

التعليقات مغلقة.