روسيا الآن في حالة حرب كاملة

35

1388794160650855500

 

 

 

 

 

 

روسيا على وشك أن تخسر إمكانية الحصول على جميع المواد الغذائية التي تستوردها من الغرب، والتي تشكل جزءا كبيرا من المواد الغذائية التي يستهلكها الروس. أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمرا يقضي بفرض حظر على الواردات، كرد فعل انتقامي ضد الدول الغربية التي فرضت عقوبات اقتصادية على روسيا، عقب إسقاط الرحلة 17 لطائرة «ماليزيا إيرلاينز» في شرق أوكرانيا. ومقارنة بالأحداث الأخرى التي وقعت خلال هذا العام، من ضم شبه جزيرة القرم، وحزمة القوانين القمعية الأخيرة التي أقرها البرلمان، والعقوبات المفروضة من جانب الغرب، يشكل هذا الإجراء (الحظر المفروض على المواد الغذائية) نقطة تحول بالنسبة لروسيا؛ فروسيا الآن تُعدّ في حالة حرب تامة وحقيقية.
لقد أدى هذا الحظر بالفعل إلى ارتفاع الأسعار، والإقبال المستمر على محلات «السوبر ماركت» ونقص في المواد الغذائية.
يوجد لدى الروس ممن تزيد أعمارهم عن 30 عاما ذكريات عن حالات نقص المواد الغذائية التي تعرضت لها روسيا من قبل، ولكن تبذل آلة الدعاية بالدولة جهدها لعدم ربط هؤلاء الأشخاص بين هذه المصاعب التي تلوح في الأفق وذكريات فشل الاقتصاد السوفياتي. وقد تنجح هذه الدعاية في ظل تأييد الغالبية العظمى من الروس الجهود المبذولة في الحرب الراهنة، على الأقل على المدى القصير.
عادة ما تعلن الدولة التي تشهد حالة حرب أن الحرب ليست فقط ضد العدو الخارجي، ولكن تكون أيضا ضد العدو الداخلي. وفي خطاب بوتين التاريخي أمام البرلمان في مارس (آذار)، عندما أعلن ضم شبه جزيرة القرم، أشار إلى «الطابور الخامس» من «الخونة الروس» المتواطئين مع الغرب، ومع فرضه حظرا على المواد الغذائية المستوردة، فإنه بذلك يكون قد قضى على هدنة مضطربة وطويلة الأمد مع المجموعة التي يُنظر إليها بقدر كبير من الريبة، والتي تتمثل في مجتمع المقهى في روسيا.
تزامن العقد الأول لتولي بوتين زمام السلطة مع فترة ازدهار لم يسبق لها مثيل نجمت عن حدوث طفرة في أسعار النفط. وهذه الثروة غير المقصودة سمحت لبوتين بترسيخ سلطته بشكل سريع، وإقامة حكم استبدادي. وبينما كان يسيطر على وسائل الإعلام، وألغى تدريجيا النظام الانتخابي، كانت الطبقات المتعلمة وهؤلاء الذين أصبحوا من الأثرياء، منغمسة في ملذات الطعام والشراب، وكان كل فرد تقريبا يحصل على دخل شخصي متاح للإنفاق، على استعداد للتنازل عن قدر كبير من الحرية، إذا كان ذلك من شأنه أن يوفر له وجبات طعام شهية.
والحق يُقال، فقد جرى توفير أجواء سعيدة في البداية، ثم تراجع توافر الطعام لعدة سنوات، ولكن بحلول عام 2010 تقريبا، كان موسكو لديها المزيد لتقديمه حتى بالنسبة لعشاق الطعام. وفي الشهر الماضي، قضيت نحو أسبوع في إجراء المحادثة نفسها مع عدة أشخاص حول مجموعة من الوجبات الجيدة التي تُقدّم في مختلف مطاعم موسكو. وتحدثنا عن تغير مسار التاريخ، والآفاق القاتمة للغاية للبلاد، وخيارات الهجرة. وفي مرحلة معينة من حوارنا، كان ينظر هؤلاء حولهم، ويقولون شيئا مثل: «ولكن بعد ذلك، هل سيوجد هذا؟»، وهم يعنون بذلك المكان الذي يقدم لهم طعاما جيدا ويتناولونه في الهواء الطلق.
أصدقائي على حق، حيث إنه لا يمكن تصور وجود هذه المطاعم بموسكو في ظل تحويل روسيا لنفسها إلى دولة محاربة تعود إلى العصور الوسطي.
وبينما يتحسر البعض على اختفاء أكلات مثل الموتزاريلا الإيطالية، والريب آي الأسترالية، والزبادي الفنلندي، وأكلة الدجاج الأميركية رخيصة الثمن، أشار المدونون الروسيون أيضا إلى أنه من خلال لجوء بوتين لفرض المزيد من العقوبات ضد دولته، فإنه بذلك قد يضعف حكومته.
هناك شيء واحد واضح، هو أن روسيا في عهد بوتين كشفت عن وجهها الحقيقي.
* صحافية أميركية من أصل روسي
* خدمة «واشنطن بوست»

التعليقات مغلقة.