حول الجدل بين الانتماء القومي الكردي أو الوطني السوري
*شيروان ملا ابراهيم
- الرد الدولي غير المنصف ضد استفتاء كردستان العراق
- التنظيمات المحسوبة على PKK التي كانت تنادي بشعار (تحرير وتوحيد كردستان) باتت الآن تتماشى وتضطر لاستخدام مصطلح (شمال سوريا)، بالإضافة إلى الحكم الذاتي وأخوة الشعوب والديمقراطية في تركيا.
- سقف مطالب أحزاب كردستان إيران هي الحصول على حكم ذاتي ضمن وحدة البلاد.
ما سبق هي دلالات جدّية على أن قيام دولة كردية صعب الآن لهذا الأفضل على النشطاء والسياسيين من كرد سوريا التفكير ملياً بإعادة أو بناء العلاقات مع الداخل السوري، وبمواقف قوية وليست هزيلة (كما حصل في مؤتمر الرياض2 مؤخراً) وهذا لا يعني خفض مستوى العلاقة مع كرد الأجزاء الأخرى، بل على العكس، فان تقويتها يعطي زخماً للموقف الكردي السوري أمام الأطراف السورية الأخرى التي هي أيضاً بدورها لها ارتباطات خارج الحدود.
أن “دولة كردستان” في الوقت الحالي، أُمنية وحلم قومي، وهي أصلاً ليست مشروعاً أو هدفاً سياسياً مباشراً لأغلب التيارات السياسية، فالأفضل عدم إضاعة الوقت أكثر، وآن الأوان للتفكير ملياً بأن يشكل كرد سوريا جسراً بين القوى السورية المتنوعة كُرد الأجزاء الأخرى، وهذا بحد ذاته قوة في الموقف السياسي.
الكثير من النشطاء أو الكوادر الحزبيين بات جل تفكيرهم بحلم الدولة الكردية. حتى قبل أن يطرأ موضوع استفتاء كردستان العراق على الساحة وليس بعده، لدرجة أنهم نسوا أو تناسوا تقييم وتفعيل عمل أحزابهم المعطل، ونسوا هشاشة موقفهم داخل الأطر السورية والمؤتمرات الدولية التي تنعقد لبحث الشأن السوري، وهؤلاء عندما يتذكرون أنهم كرد سوريا، يتفرغون لانتقاد ممارسات ونواقص حزب الاتحاد الديمقراطي والادارة الذاتية، أو إبراز مواقف بعض المعارضين العنصريين تجاه الكرد وتصوير واعتبار هؤلاء العنصريين على أنهم يمثلون كل السوريين.
تنظيمات الحراك السياسي الكردي في سوريا لم تدعو الى الاستقلال عن سوريا وبنفس الوقت فشلوا “ومنهم لم يحاول أصلاً” في مدّ جسور التواصل مع الأطياف السورية إلا بمستوى محدود، مفضلين التقوقع في الحالة المحلية، وعندما كانوا يفكرون خارج الأمور المحلية، كان التفكير جلياً حول كيف سيكون حال ارتباطهم مع كرد العراق أو تركيا، أو كيفية التبعية لأحزاب الأجزاء الأخرى.
في بداية 2011، نجحت بعض الشخصيات الكردية في التواصل مع الداخل السوري، لكن فيما بعد، وبسبب خلط الأوضاع في سوريا بشكل عام، تحولت العلاقة والتعاملات بين الكرد وغيرهم، إلى علاقة منافسة وخصام سياسي وليست شراكة وطنية، وهنا لا ننسى أو ندافع عن النظرة العمياء العنصرية للكثير من شخصيات المعارضة الذين لا يقبلون بالآخر بالرغم من ادعائهم للمبادئ المدنية والديمقراطية والتعددية، لكن في المقابل علينا أن نعترف أيضاً بأن الحركة السياسية الكردية (ككلّ) ليس لديها مشروع واضح لحل القضية الكردية في سوريا لأن كل طرف يغني على ليلاه، وأغلب الكرد يتمسكون بشعارات الخط العريض دون الدخول في التفاصيل وطرح الحلول الواقعية، لدرجة أن الكرد أنفسهم لا يعرفون ماذا يريدون بالضبط بسبب تشرذمهم السياسي قبل أسباب عدم تقبل الآخرين لمطالبهم، فكيف لأطراف وشخصيات غير كردية أن تعرف ماهي مطالبهم…!!؟؟ هل العالم مضطر أن يطرق بابنا كي يعرف ماذا نريد، أم نحن مضطرون لطرق أبوابهم…!!؟؟
توقعات حدوث استقرار جزئي في سوريا والعراق في العام 2018
قد يطول الحديث حولها لكن التوافق الروسي الامريكي الايراني الحاصل يشير إلى ذلك، لهذا فهي تفرض على الكرد بلورة مطالبهم مع شركائهم في الدولة الواحدة، والعمل عليها وليس الإبقاء عليها كمجرد شعارات، خاصة وأن مؤتمرات هامة على الأبواب مثل سوتشي وحميميم وغيرها.
كلنا نرى الآن اقليم كردستان العراق، بكل قوته ودعمه الدولي واقتصاده، بات يتودد بأشد العبارات لطفاً للتقرب من الحكومة العراقية، لأن وجوده الحالي ضمن دولة العراق أمر واقع لا مفر منه بقرار من المتحكمين في العالم وليس من داخل العراق، فكيف بكرد سوريا المنقسمين أصلاً بين المجلس الكردي الضعيف في المعارضة السورية، والادارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي القوي عسكرياً لكنه مرفوض من بعض الأطراف الاقليمية والدولية، والتحالف الكردي المستبعد نوعاً ما من القرار الكردي.
شعورنا القومي الكردي، لا يعني أن ننسى بأننا سوريين وشعورنا الوطني السوري، بالتأكيد لا يؤثر على عملنا القومي، فليس من المنطق أننا نجد الكثيرين البعض يقولون ” أنا قومي كردي قبل أن أكون وطني سوري…!!” أو ” أنا مسلم قبل أن أكون كردي…!! أو بالعكس”.
للأسف هناك الكثيرون حتى من الطبقة المثقفة من أكرادنا، لازالوا يعتبرون (القومية والدولة الوطنية والمعتنق الديني) بمثابة منافسة بين الاتجاهات الثلاث، وليس اعتبار كل منها على حد سواء، أنها مكملات لبعضها البعض في الأمور التي تخص إدارة المجتمعات.
في النهاية، إننا كرد من حيث القومية، وسوريون من حيث الدولة، شئنا أم أبينا، فالدول العظمى هي التي رسمت حدود المنطقة، وهي وحدها القادرة على تفكيك تلك الحدود وليس شعوب المنطقة بمن فيم الكرد، وما أشيع عن الشرق الأوسط الجديد، يبدو أنه كان وهماً، أو لن يدخل حيّز التنفيذ في المستقبل القريب، فالأفضل أن نقتنع أننا مواطنين سوريين، تماماً كقناعتنا أننا قوميين كرد.
* صحفي كردي يقيم في هولير
نشر هذا المقال في العدد /71/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 15/12/2017
التعليقات مغلقة.