الأزواج لا يغسلون الصحون

80

تُدين النساء بالفضل للأميركية جوزفين كوكران، التي مكنتهن بفضل اختراعها لغسالة الصحون عام 1889، من التخلص من عبء غسل الأواني التي تتراكم في حوض الغسيل، وخاصة في المناسبات والولائم العائلية، الأمر الذي منحهن متسعا للاهتمام بأنفسهن بشكل عام واستغلال الوقت في مشاغل أكثر أهمية من الجهد الذي يقضينه في غسل الأواني.

والواقع أن الرجال لا يدركون الجهد والإزعاج والأضرار التي تلحقها مواد التنظيف بالمرأة، بل إنهم يتعالون على هذه المهمة ويعتبرونها شأنا نسويا حتى وإن رأوا مطبخهم قذرا! فمهمة غسل الأطباق من المهمات التي لا نجد لها متحمسين من الرجال في جميع دول العالم، بل إنهم يكرهونها كرها أعمى، فما بالك داخل الأسرة الواحدة.

الرجال مصنوعون من طينة واحدة ويشتركون في ميزة واحدة، وهي الاستمتاع بما تعدّه لهم الزوجات من أكلات دسمة، وعندما يملؤون بطونهم ترتخي جفونهم، فيتمددون على الأرائك لمشاهدة التلفزيون أو يختلون بأجهزتهم الذكية ويبحرون في العالم الافتراضي متجاهلين كل ما يدور حولهم، أما الزوجات فتنتظهرهنّ كالعادة مهمة غسل الأطباق وتنظيف الأوعية المتسخة بعد كل وجبة.

وإن صادف وطلبت إحدى الزوجات من زوجها غسل الأطباق بدلا منها بسبب الإرهاق الذي تشعر به جرّاء كثرة المهام المتعددة التي تقوم بها يوميا في العمل وفي البيت، فإن حبل انسجامه ينقطع وتتلبد أسارير وجهه، ويسوق لها جملة من الأعذار ليتنصل من هذه المسؤولية، وإن ألحت في الأمر يدعي أنه أخرق ولا يجيد ذلك، وقد يقبل على مضض، ثم يتعمد ترك ظهور الأواني متسخة أو يكسر الكؤوس، وبالتالي لا مناص لزوجته غير القيام بمهمتها المعتادة لتتجنب الكوارث التي يمكن أن يحدثها داخل المطبخ.

العديد من الأزواج اليوم بارعون في لعب دور الرجل المتحضر ونقيضه، ويبدون تحمسا كبيرا لفكرة المساواة بين الجنسين، ولكن عندما تدخل المساواة إلى عش الزوجية يخرجون ويتركون زوجاتهم، إنهم بارعون في فن الاسترخاء عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مبدأ الشراكة الزوجية المقدسة، وهم في ذلك لا يدفعون غير ضريبة الكلام، بينما المرأة وحدها تتحمل أعباء الحياة الزوجية.

وقد روت لي إحدى الصديقات قصة رجل عراقي طلق زوجته لمجرد أنها كانت تغسل وجه الصحن ولا تغسل ظهره، فعوض أن يقوم هو بالمهمة بدلا منها، أو ينبهها بأسلوب سلس أقدم على إنهاء حياة زوجية كاملة لسبب واهن.

الرجال يعتقدون أن الشؤون المنزلية مفروضة على المرأة دون الرجل ويتوارثون هذا المعتقد أبا عن جد ولا يقبلون تغييره لأي سبب من الأسباب، ولا تكمن المشكلة في الرجال فقط، فالنساء جزء من المشكلة أيضا.

فالأمهات يطلبن من بناتهن القيام بالأعمال المنزلية ولا يطلبن الأمر نفسه من أبنائهن الذكور، ولذلك حين تتزوج بناتهن تظل الأعمال المنزلية مهمتهن الرسمية.

ربما هناك بوادر للتغيير قد بدأت تظهر في العديد من الدول، وبتنا نشهد الكثير من الرجال يساعدون زوجاتهم في المهام المنزلية، ولكن نموذج الرجل الفخور برجولته ما زال مسيطرا على المجتمعات العربية، ويحدونا أمل في أن نرى تغييرا في عقليات الأجيال القادمة.

 

عن العرب اللندنية

التعليقات مغلقة.