حميمية الكتاب الورقي وسهولة النشر الإلكتروني

40

نعيش اليوم عصرا رقميا فيه جدل قائم بين النشر الرقمي الإلكتروني والنشر الورقي، تتباين فيه الآراء بين قائل بقرب نهاية الورق والتعامل معه وبين الانتقال إلى الكتب الإلكترونية والنشر الإلكتروني والصحافة الإلكترونية. وهو ما أثار لدينا مجموعة من الأسئلة حول تجربة نشر الكتب الإبداعية وموقف بعض المثقفين العرب من مستقبل الكتاب الإلكتروني.1

في ظل الظروف الصعبة للحصول على الكتب، ثمة وسيلة للحصول على كتب نادرة قد لايمكننا الحصول عليها ورقياً، وهو الكتاب الرقمي إلا أن هذه الطريقة في القراءة قد لاقت معارضين لها بدعوى أن لا شيء يضاهي متعة القراءة في كتاب ورقي، أو لنقلها بصيغة شعرية ( رائحة الورق تساعد الذهن على استقبال المعلومة والتماهي مع الفكرة المطروحة)، أيضاً ثمة توجه من شعراء عرب كثر نحو نشر أعمالهم إلكترونياً والاستغناء عن دور النشر والظلم الذي تمارسه هذه الدور إضافةً إلى الانتشار الذي يحققه النشر الإلكتروني وإمكانية الحصول على الكتاب بصيغته الإلكترونية في أي مكان من العالم .

ميساء الخطيب: أعشق شعر الدواوين الورقية

تقول الشاعرة ميساء الخطيب:”أنا أعشقُ الشعر، وأفضل قراءته من الدواوين، أشعر بمتعة كبيرة وتركيز عال، ولكن هناك الكثير منا من لا يملك كل دواوين الشعراء خاصة الشعراء العباقرة، لذا من المهم الاطلاع على ما يكتبون من خلال هذه الصفحات الإلكترونية، كما أن أغلب شعرائنا الشباب لا يملكون إلى حد الآن إمكانية طباعة أعمالهم، بالمناسبة الشيء الوحيد الذي يكون على وسادتي ليلياً هو واحد من دواوين الشاعر محمود درويش.”

أميرالحسين: دور النindexشر التجاريَّة

يعتقد الشاعر أمير الحسين أنه ليست لديه مشكلة مع طريقة كهذه، شريطة ضمان حقوق المؤلف. حيث إنها توفر على الكاتب الأعباء المادية المترتبة عن الطباعة وخاصة أن دور النشر لا تتبنى إلا (الأسماء المعروفة) في أكثر الحالات. وذلك لأسباب تجارية وتسويقية محضة. ناهيك عن أن النشر الالكتروني مفتوح على كل الجغرافيا. ويكون القارئ في هذه الحالة ليس مضطراً لجر مكتبته وراءه ؛ وإنما يحمل فقط شريحة إلكترونية مخزنة عليها كل الكتب. وهو أفضل بالنسبة إليه من أن تقع على رأسه المكتبة كما حصل مع الجاحظ.

سوسن غطاس: النشر الإلكتروني والتعرف على مهارات الكتَّاب

في رأي الشاعرة سوسن غطاس أن النشر إلكترونيا هو ليس بالضرورة أمرا سيئا أو بمعنى آخر يسيء إلى الكاتب، التواصل الإلكتروني هو وسيلة جيدة للتعارف دعنا نقل إنه يحر مهارات الكتاب وقدراتهم التعبيرية المختلفة، ولكن يجب الحذر أيضا من الاكتفاء بالنشر والكتابة من خلال هذه المواقع والتي مهما اتسعت دائرة القراء تبقى محدودة جدا ولا ينكشف الأدب إلا لشريحة معينة، وبرأيي أفضل الكتاب والنشر الأدبي من خلال الكتب لأنه لا بديل عنه أبدا ويجب أن نعي تماما بأهمية ذلك.

أميمة عزالدين : السطو الإلكتروني

أما القاصة أميمة عز الدين فتعتبر النشر الالكتروني تجربة رائعة لكن يشوبها بعض الريب بسبب إمكانية السطو التكنولوجي، لكنه يتيح مجالا وانتشاراً للشاعر خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف الطباعة والنشر الورقي مع معاناة الكاتب العربي عامة في النشر والكتابة، قليل من يحظى بالدعم ورفاهية الاختيار بين دور النشر. أيضا تهيء التكنولوجيا الكاتب لنضوج محتمل بسبب ردود الأفعال التى قد يتلقاها. النشر الالكتروني عامة أتاح الحرية لأقلام واعدة شرط أن نعي أيضا ليس أن ليس كل من هب ودب ونشر يصبح كاتبا أو شاعرا، فالعبرة في القيمة.

آخين ولات: لا يمكن الاستغناء عن رائحة الورق

من جهتها ترى الشاعرة السورية آخين ولات أن الديوان الالكتروني وبغض النظر عن مساوئ تداوله، فهو يحقق مثله مثل الديوان المطبوع رغبة القراءة للجادين في التقرب من الشعر، لكنه لا يغني بالتأكيد عن الورق وملمسه ورائحته. الكتاب المطبوع رفيقٌ خفيف الظل نحمله في حقائبنا أينما اتجهنا، بينما الالكتروني فهو رفيقٌ ضالٌ في فضاء افتراضي.

سامية عياش: القادم عالم رقمي

تذهب القاصة والروائية سامية عياش إلى أن القادم هو عالم رقمي قائم، قائم بذاته، لكن في نظرها يبقى الكتاب الورقي والتفاعل بينه وبين القارئ أمرا خاصا جدا وله طعم مميز مهما انتشر الالكتروني وهو الأن منتشر جدا لكنه سيبقى ناقصاً، طبعا يؤخذ بعين الاعتبار كون الكتاب الالكتروني مجانيا والورقي مرتفع السعر.

أماني لازار: الكتاب الإلكتروني وسهولة وصوله للقارئ

اما المترجمة السورية أماني لازار فتقول:”أنا مع فكرة الكتاب الالكتروني من باب سهولة وصوله للقارئ فلولا هذه الفكرة لم استطع الحصول على العديد من الكتب إلا أني لم استطع التعود على القراءة عبر الشاشة وبالتالي فأنا أقوم بطباعة الكتاب ولا أظن حتى في حال تفوق النشر الالكتروني فلابد أن يبقى هناك هامش للكتاب الورقي”.

رايسة حيدر: علاقة مع الكتاب الورقي

وتنبه الشاعرة رايسة حيدر إلى أن الكثير منا ينفق ساعات فراغه على صفحات النت وهي الساعات التي كانت مسبقا مخصصة للقراءة، وتقول:”أخشى أن النت استحوذ على عقول الناس لأنك وبكل بساطة تمارس القراءة وأنت بكامل الاسترخاء ولست بحاجة أبدا لمغادرة البيت والبحث عن أفضل نتاجات الكاتب أو الشاعر ومتابعة الجديد من إنجازاته والإنسان بطبعه كسول ومتّكل لذلك أقول نعم هذا اليوم قريب حيث يستغني فيه الناس عن الورق أنا أفضل الكتاب لأني أشعر بعلاقة أقوى مع الكاتب حين أتحسس الكتاب وأقلّب صفحاته أشعر بأنني قريبة أكثر من الفكرة”.

باسم سليمان: الكتاب الإلكتروني يشابه صفات الكتاب الورقي

يعتقد الشاعر السوري باسم سليمان أن فعل قرأ، يفترض الحيازة وقديماً كان التلميذ يقرأ له معلمه ويقرأ التلميذ ما احتازه من علم معلمه، فالحيازة حسية وأقرب للمادية من المعنوية، فكيف بالافتراضي؟.

حيازة الكتاب كمادة تغذي شعور الملكية وهذا الشعور راكمته قرون من سيادة الكتاب بأشكاله السابقة، من سموط وبردي وأحجار والحالية الورقية الصفة وعليه أن يتم دفعة واحدة جبّ هذا الطبع بتطبع ليس له من العمر إلا احتلام ناقص عن طريق الكتاب الإلكتروني وأشكاله المتعددة من “WORD” و”PDF” وغيرها، هذا أمر صعب، وخاصة إن الملكية بشكلها الإلكتروني غير منتشرة وبنفس الوقت غير مقنعة نفسياً وإن لاحظنا التراكم السريع لشكلها الذي يؤذن بآمال عريضة!؟.

بقول:”الآن صار الكتاب الإلكتروني بالإضافة للأجهزة التي تحاكي صفة الكتاب الورقية سواء من صوت وتقليب الصفحات والإمساك باليدين، يكسب الجولات بإزاء الكتاب الورقي ومفهوم الحيازة السابقة.”

ويضيف:”حسنات الكتاب الإلكتروني؛ سهولة النفقات والتداول والوصول السهل للقارئ بعد انتشار النت وتجاوز الرقابة بالإضافة إلى القيمة المادية التي تدفعها دور نشر إلكترونية وهذه الحسنات تتضاعف يوماً بعد يوم مما يغري الكتّاب بانتهاج هذا المنحى وأيضاً القارئ.

لكن لن يستقر الأمر مع الجيل الحالي من الكتاب والقراء بل يحتاج الأمر للأجيال اللاحقة التي ولدت في خضم الزمن الإلكتروني فالأجيال اللاحقة ستسخر من مقولاتنا حول الكتاب الورقي وأن هذه نوستالوجيا لا غير مكانها في المتاحف”.

لينا شدود: النشر الورقي أهمّ

ترى الشاعرة والمترجمة السورية لينا شدود أن النشر الإلكتروني جيد، ولكن للورق ذلك العطر الذي لا يغادر. إنه كما الخروج إلى النور من شرك العتمة وحده الورق، يمنح الكلمات الدفء لتصير حياة، والأصابع الذكية، كما العقول، تتحسّس الورق وتشعر بحرارة وقيمة ما فيه.

لا شك أن استبداد الصورة في النشر الإلكتروني قد مهّد لازدياد القلق والضغط على روح الكاتب، من جدوى النشر الورقي، إذ يقف حائراً متردّدا أمام كلفة مادية، غالباً لا يستردّها، أو متخوفاً من رؤية كتبه مصفوفة ببرود على ألواحٍ ميتة فتصيبه بجروحٍ إضافية، لم تعد تتسع لها روحه. ومع ذلك ..ستميل الكفّة دائماً إلى النشر الورقي.

خلف علي الخلف: نشرت كل أعمالي إلكترونيا

الشاعر السوري خلف علي الخلف يقول:”أنا شخصياً نشرت كل دواويني إلكترونياً فعلى سبيل المثال أرسلت من ديواني الثالث 10آلاف نسخة إلكترونياً وهذا مالايحققه النشر الورقي أبداً.”

ديالا بشارة: أزمة شعر وليست أزمة نشر

ترى الروائية اللبنانية ديالا بشارة أن الشعر في هذه الأيام يعاني أزمة قراء وأزمة وضع اجتماعي صعب. وتقول: “كثيرة هي المرات التي أقول لنفسي ماذا لو غيب الموت الشعراء الكبار الذين يملؤون حياتنا صخبا كأدونيس وأنسي الحاج كما غيب محمود درويش والماغوط. ما هو البديل ودور النشر مقلة في نشر تجربة الشباب الشعرية؟ لهذا يمكنني القول إن النشر الاكتروني فرصة رائعة ليثبت من لديه جدارة في انتاج هذا الفن الأدبي الراقي. ففي النشر يمكن ان يقرأ الكثير من الناس ويعلقوا على التجربة الشعرية الجديدة. ويمكن ان ينقدوه ويصححوا مساره او يغنوا تجربته.

جوان تتر / عن العرب اللندنية

التعليقات مغلقة.