معتقلو الكرد.. من يتحمل واجب الدفاع عنهم.!؟

213

شيار خليل 

 

مازال في معتقلات النظام السوري والميليشيات الأخرى الكثير من المعتقلين الكرد الذين اعتقلوا على خلفية الأحداث في سوريا خلال الأعوام الستة الماضية، دون التطرق لوضع هؤلاء قانونياً أو حقوقياً من قبل الأحزاب والمنظمات الحقوقية الكردية.

خلال مكوثي لمدة عامين ونصف في معتقلات النظام السوري على خلفية عملي الإعلامي والحقوقي، التقيت بالعشرات من المعتقلين الكرد الذين لقى البعض منهم حتفه في المعتقلات المخفية تحت أقبية النظام السوري والبعض الآخر مازال قيد الاعتقال دون معرفة ظروف اعتقالهم، وخلال رحلتي بين أفرع النظام السوري التقيت بالكثير من المعتقلين الكرد الذين حمّلوني أمانة إلى الأحزاب الكردية بالتدخل للإفراج عنهم من خلال المنظمات الدولية أو الوساطة لدى النظام، أغلبهم ليس لهم علاقة بالعمليات المسلّحة في سوريا وهم من مناطق كردية عديدة، منهم من أكراد دمشق.

من سوء حظّ هؤلاء أن أغلب الأحزاب الكردية لم تهتم يوماً بملف المعتقلين الكرد بشكل حقيقي وعمليّ، فبرامج أغلب الأحزاب هي برامج سياسية بعيدة كل البعد عن التطرق لمثل هذه القضية الإنسانية بطرق عمليّة أكثر، على الرغم من أن أغلب الفعاليات الاجتماعية في سوريا غير الكردية تتابع ملف معتقليها من خلال المنظمات الدولية وتقدم قوائم خاصة بوضع هؤلاء، إلا أن الأحزاب الكردية إلى الآن ليس لديها ملف كامل بأسماء المعتقلين وتواريخ اعتقالهم وتواجدهم في معتقلات النظام السوري.

بالرغم من عدم اعتراف النظام السوري بالمواثيق الدولية التي نصّت على الحق في الحماية من التعرض للاعتقال والحجز التعسفي؛ إلا أن تلك المواثيق تناولت الحقوق المدنية والسياسية للإنسان، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصّ في مادته التاسعة على أنه: لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً. أما المادة التاسعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فقد نصت على أن: لكل فرد الحق في الحرية والسلامة والشخصية ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا على أساس من القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه. ومن هنا نستنتج أن الاعتقال والحجز التعسفيّ هو سلبٌ للحرية الشخصية التي يجب أن يتمتع بها كل إنسان والدفاع عنهم وجاب إنساني ووطني مشروع، ووفق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فقد قررت هذا الحق في الفقرة الأولى من مادتها الخامسة: بأن لكل إنسان الحق في الحرية والأمن، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا وفقاً للطرق القانونية.

رغم كل هذه القوانين المنصوصة عليها وفق المواثيق الدولية ورغم صولات وجولات الأحزاب الكردية المختلفة في أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلا أنها لا تملك إلى الآن جداول موثقة لهؤلاء وفق المبادئ الأساسية التي يجب أن تعمل عليها تلك الأحزاب بالدفاع عن معتقليها من الشعب الكردي.

حسين عيسو وكمال أحمد وغيرهم الكثيرون من المعتقلين الكرد مازالوا مختفين في زنازين النظام السوري دون ورود أية أخبار عن وضعهم الصحيّ أو الإنساني هناك، هؤلاء الذين كانوا من دعاة الحرية والديمقراطية للشعب الكرديّ ولكل السوريين والذين ناضلوا في سبيل إعلاء كلمة الحق بطرق سلمية دون الانتساب إلى أي حزب سياسي أو حركة سياسية عسكرية، لم تتطرق الأحزاب الكردية إلى وضعهم بطرق قانونية يخوّل المنظمات الدولية والهيئات المختصة العالمية بالدفاع عنهم أو إصدار تقارير حقوقية إنسانية عن مصيرهم.

هنا يكمن الدور الأكبر لتلك الأحزاب والهيئات السياسية بتشكيل لجان حقوقية قانونية للدفاع عن هؤلاء في الداخل والخارج وتوكيل محامين لملاحقة ملفاتهم لدى النظام السوري وبالتواصل مع ذويهم في الداخل والخارج، فالمعتقل ليس من المشروط أن يكون منتسباً لإحدى تلك الأحزاب لتنظيم حملات دفاع عنه والمطالبة به، فهم مواطنون كرد سوريون لهم حقوق على تلك الأحزاب للمطالبة بهم.

وأخيراً، ربما الأحزاب الكردية السورية تعيش حالة مخاض في الصراع السياسي بين كتلهم السياسية نفسها، وهنا على منظمات المجتمع المدني المنتشرة على خارطة المناطق الكردية في سوريا الضغط على تلك الأحزاب  للمطالبة بهؤلاء المنسيين في قوائم حقوقية غير رسمية طويت في أدراج المكاتب التوثيقية الدولية والمحلية، ومن واجبنا كلنا كصحفيين ومثقفين كرد أن نبقى نطالب وندافع عنهم لتحريرهم من معتقلات الديكتاتوريات المتعددة على الأرض السورية.

 

نشرت هذه المقالة في العدد (65) من صحيفة “Buyerpress” 

بتاريخ 15/7/2017

 

التعليقات مغلقة.