هذا وجه الضيف!!

77

راشد الأحمد

بعض الزعماء ـ إن لم يكن الكل ـ الذين حكموا البلاد برعوا في شيئين، الخطابة التي تسمّ البدن، فضحكوا بها على شعوبهم، والثاني الغباء الذي وصلوا إليه، فهم مثل الحبّ من طرف واحد، وإنني أتساءل أحياناً بحماقة بعض السياسيين الذين هم أشرس وأخطر في خطاباتهم من الديناصورات المنقرضة، هؤلاء المغلوبين على أمرهم في السمسرة بالدّفاع عن فلان وعلتان، كيف لهم أن يقدّموا كرنفالات بهذا الأسلوب الفضفاض؟

بصراحة، لا يمكن حصر المشكلات بهذا الحنان الجارف فيما أوصلوا إليه شعوبهم ومواليهم المساكين، بكل أمانة أقول: إنَّ القرارات الكارثيّة التي حلّت بالبلاد كانت تبرم بشكلٍ أو بآخر وعلى قدم وساق لخلقِ بطل ـ وما أكثرهم ـ كي يعتبره إنجازاً بعكس الواجهة الحقيقيّة، ومع احترامي لهؤلاء الابطال ليس للحياة قيمة، إلاّ إذا وجدنا فيها شيئاً نناضل من أجله، هناك مثل ألماني يقول: أصعب كلمة تقولها لجائع هي أن تقول له: انتظر.

وباعتبار نحن في حديثنا عن الرؤساء الأبطال، ومن ضمن ما أتذكّره، عندما قفز صدَّام وأوقعوه الأمريكان، في بستان مليء بالأشجار أخبر ولديه أنَّ تمثيليته الدراميّة قد انتهت وطلب منهم الفرار إلى “دمشق” فأدرك البطل أنّه وحده سيتحمل ضرر بؤسه، بيد أنّه لم يضع في الحسبان أنَّ (الثور ) عندما يقع، تكثر حوله السكاكين، أخبر وقتها سكرتيره (عبد الحميد التكريتي) عن خطأه الأكبر من جملة أخطائه التي وصل نفسه وحال البلاد إليها، قالها متحسّراً: عندما لم أضع يدي في يد الكُرد عرفت أنّني سأقع في غياهب الجب، والغريب أنّ كل تحالفاته  مع أشقّاءه ( بلاه وشرب مائه ) أو كما يُقال: ذهبت أدراج الرياح، كل دول الصمود والتصدّي، وعربان الخليج ساعدوا الأمريكان من أجلِ التضحية بكبش الفدى، قاهر الفرس.

وحيث إنَّ الجبان يفكّر بساقيه ساعة الخطر، يذكرني هذا ببطل اليمن الشاويش ( علي عبد الله صالح ) صاحب الألقاب الفخرية الذي استنجد بالشيطان من أجلِ انتصاره على شعبه حتّى وصل الدَّم إلى الركب كما ترون، تنازل لا حباً، وهذا وجه الضيف، ومن ضمن المواقف التي تذكر بسادية لمجنون العرب كما يقولون، الرئيس الليبي السابق العقيد ( قذافي) كان له وقفات لا تقارن بحكمائهم من الزمر الدكتاتورية، عندما قال: أطالب بدولةٍ كُرديّة، وهي دولة تم استعمارها واحتلالها، ولا بد أن تظهر يوماً ما، كلام عجز عن قوله أعظم قائد في التاريخ المشؤوم.

يا سادتي الشعب الكُرديّ شعب عظيم، ولا يوجد قائد كُرديّ خان شعبه، أو مسيرته والتاريخ حافل بهذه العظمة ومن حق شبابه والأجيال القادمة أن تعيش في دولة مدنية، أو أي شكل يحقق له أمنه وحريّته، فكفاكم مزايدات، وعلينا أن نعرف أنَّ الرئيس التركيّ عندما يقول: بأنَّ تركيا وكافة قواتها المسلحة ترفض، ولن تسمح بأيَّ كيان كرديّ في المنطقة، هي رسالة ليس لحزب أو قائد، أو اتّجاه معين، ولا تهمّها إن حكمت المنطقة جهة معتدلة أو تراها متطرفة ولكنها ترفض الشعب الكرديّ بكلّ أطيافه، وترفض أي اعتراف بالواقع الذي أصبح على المحك، ومع احترامي للشعب التركيّ الجار أقول: عندما يخرج هذا المريض ويُصرّح بمثل هذا الخطاب، فإنّه يعترف ضمنياً أنّ هناك إرادة شعبٍ أفشَلَ كل جيشه العرمرم، أصحاب الرايات السوداء، وعندما يستقبل أو يفاوض أي شخصية كرديّة لها لغة وعلم وأرض وجيش على الأرض، يسمح بمروره عبر أراضيه، فإنه يعترف بكل القرارات، ولن يستطيع منذ الآن أن يرميهم حتّى بقبله.

راشد الأحمد كاتب وصحفي كردي- مقيم في النرويج

 

نشرت هذه المقالة في العدد (64) من صحيفة “Buyerpress”/

بتاريخ 1/7/2017

التعليقات مغلقة.