ما هو قائم أكبر من “إدارة” وأقل من “كيان”…

201

أكرم حسين

تصريحات البعض عن “الإدارة الذاتية” و” فيدرالية شمال سوريا” – حتى لو لم تكن شرعية – هي بدافع الانتقام والكيدية الناتجين عن عدم قراءة التاريخ وتناول المجتمع بشكل غير عادل وغير صحيح ، وهي عقيمة ولامعنى حقيقي لها،  فكل الأخطاء والتجاوزات التي تقع فيها هذه “الإدارة” بما فيها الاعتقالات التعسفية –التي نرفضها وندينها بالمطلق- لا تبرر كمية الحقد ومطالبة البعض من – “كردنا”-  إلى رفض تسليح وحدات الحماية الشعبية بالأسلحة والمعدات والذخائر، كما أنها لا تجيز لهم التلويح بالعمل على إسقاط هذه ” الإدارة” –”عسكريا”- ومنعهم من أية مشاركة محتملة فيها مستقبلاً  فيما لو أقاموا سلطتهم “الديمقراطية”-المحتملة-  في أذهانهم، وهو قول أقل ما يمكن أن يقال فيه بأنه انقلابي وإقصائي ، لا يمكن لمن يدعي ” الديمقراطية” التصريح به، فما هو قائم رغم شموليته وسلبياته، يخلق واقعا يصب في مصلحة الكرد وحقوقهم التي ناضلوا طويلا من أجلها، حتى لو كان من يقوم به لا يملك مشروعا قوميا كرديا كما يصرح به نظريا.

إن تحليل التاريخ والمجتمع  بشكل خاطئ  بوصفهما كائنان عضويان وحيّان، سيردان حتما، عاجلا أم آجلا على اللذين يحللانهما بشكل خاطئ وسيوجهان لهما الصفعة تلو الصفعة، لأن المجتمعات المعطاءة هي تلك التي تمتلك القوة، ومن أجل إنجاز هذه القوة لابدّ من دعم كل ما يمكن أن يقع في هذا الاتجاه، ومشكلة البعض من “كردنا” لا يستطيعون أن يروا أبعد من أنوفهم، ويرفضون الوقائع العنيدة التي تقول بأن المجتمع الكردي السوري قد تحول من حالة الوهن والضعف إلى حالة القوة والسيطرة والندية، وبات يقترب من “إدارة”  نفسه وتسيير أموره بعد سنوات طويلة من الذل والخنوع، فما آلاف المقاتلين والشهداء اللذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية كردستان إلا دليل على امتلاك هذه القوة، حتى لو اختلف  المرء معهم سياسيا أو ايديولوجياً، ورغم كل الأخطاء التي قد تقع هنا أو هناك .

لأول مرة في تاريخ روجافي كردستان عادت الأسماء الكردية إلى مناطقها، وباتت اللغة الكردية لغة رسمية تُدرّس في المدارس وتُكتب في وثائق”  الإدارة” ويتم التعامل معها بشكل حر، كما أنشئت  قوات الآساييش والمحاكم والسجون وبات كل شيء تقريباً بلون كردي – حتى لو  لم يكن كما يشتهي البعض منا – وما قول المفكر الأمريكي الشهير نعوم تشومشكي على أن الأكراد يحكمون أنفسهم ذاتياً إلا تأكيدا على ذلك .

لنعترف بالحقائق كما هي لا كما نشتهي، فما تحقق حتى الآن يتجاوز جمهورية كردستان “مهاباد” 1946 وفاق إنجازاتها رغم اختلاف الزمان والمكان والعوامل الموضوعية والذاتية.

أعتقد بأن ما هو قائم أكبر من إدارة وأقل من كيان، وصيانة وتطوير هذه التجربة يجعل لزاما علينا أقله أن نقف على الحياد وأن لا نساهم في تقويضها – إن لم نكن إيجابيين تجاهها- وذلك لا يمنع انتقادها والوقوف في وجه تغولها-  وهو أضعف الإيمان…!

التعليقات مغلقة.