واشنطن تسلح الوحدات الكردية … ما الجديد ؟؟

40

ريزان حدو

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وافق  على خطة لتسليح وحدات حماية الشعب الكردية .

و في قراءة للخطوة الأمريكية نجد أن قرار التسليح هو قرار بالظاهر جيد لصالح الوحدات و خطوة متقدمة و لكنه في المضمون أجوف لعدة أسباب:

1- تسليح وحدات الحماية ليس بالشيء جديد فهو بدأ منذ ثلاث سنوات.

2- لم يشر القرار إلى نوعية التسليح، فوحدات الحماية ليست بحاجة إلى أسلحة تقليدية إنما بحاجة إلى أسلحة نوعية و على رأسها مضادات الطيران للتصدي للطائرات التركية.

3- هذا القرار جاء كرد أمريكي انتظره الكرد على الغارات التركية التي استهدفت مقار قيادة وحدات الحماية في كراتشوك، وهذه ردة الفعل الأمريكية نراها بالمضمون جاءت لصالح تركية أكثر منها لصالح الكرد، أو على الأقل دون التوقعات.

ومن المفيد الإشارة إلى أن صدور القرار الأمريكي بتسليح وحدات الحماية جاء بالتزامن مع الزيارة التي يقوم به وفد تركي رفيع المستوى لواشنطن مكون من: رئيس هيئة الأركان العامة خلوصي أكار، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن، ورئيس جهاز الاستخبارت هاكان فيدان، بهدف الترتيب للزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان منتصف أيار الجاري.

4- لم تكد تمضي ساعات عن إعلان واشنطن تسليح وحدات الحماية، حتى أعلن مصطفى سيجري القيادي في لواء المعتصم أن قيادة التحالف الدولي أصدرت اليوم كتاباً يقضي بتسليم لواء المعتصم ( المدعوم بشكل مباشر من البنتاغون و الذي يرتبط بذات الوقت بعلاقات وثيقة مع الاستخبارات التركية ) مسؤولية حماية مناطق خاضعة لقوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي (مريمين- المالكية- الشواغرة- ديرجمال -منغ – مرعناز- عين دقنة- تل رفعت- الشيخ عيسى – حربل – كفر ناصح)، وذلك بعد مفاوضات بدأت منذ شهرين تقريبا “ولا تزال مستمرة حتى الآن، على أن ينحصر حمل السلاح بيد عناصر اللواء فقط، بالإضافة إلى عودة أهالي القرى المذكورة من المدنيين ومقاتلي المعارضة بدون سلاح، كما يسمح للمدنيين الكرد من أبناء تلك القرى دخولها والإقامة فيها تحت حماية المعتصم.

5 – إعلان لواء المعتصم عن قرب تسلمه أحد عشرة قرية محيطة بعفرين في ريف حلب الشمالي تزامن هو الآخر مع إعلان هيئة تحرير الشام عن نيتها السيطرة على جبل الشيخ بركات (غربي عفرين) الذي يتصف بموقع استراتيجي كصلة وصل بين ريفي حلب وإدلب من جهة، و إشرافه على مدينة عفرين من جهة أخرى، إضافة إلى طبيعته الجغرافية والتي تؤهله ليكون الحصن الحصين لقادة إمارة إدلب يحميهم من الغارات الجوية، في محاولة من هيئة تحرير الشام استنساخ  نسخة عن جبال تورابورا معقل تنظيم القاعدة في أفغانستان والذي كان ومازال الملاذ الآمن والدرع الذي حمى قادة القاعدة من الغارات و الصواريخ الأمريكية على مدار ستة عشر عاما” و التي جاءت كرد على أحداث 11 سبتمبر 2001.

6 – إن كانت الولايات المتحدة جادة بدعمها لوحدات الحماية فهل ستتجاوز الفيتو التركي الذي استخدم كذريعة لتبرير عدم دعوة الكرد لحضور اجتماعات جنيف السابقة، وتعمل على إشراك الكرد في اجتماع جنيف المقبل؟!

فمن يتجاوز الفيتو التركي لتسليح الكرد ويعلن أنه سيقوم بتسليحهم، حكما” يستطيع أن يتجاوز الفيتو التركي المعرقل لحضور وازن الكرد على طاولة المفاوضات السياسية ويعمل إلى إشراكهم في محادثات جنيف المرتقبة في منتصف أيار مايو الجاري.

إلى الآن يبدو أن واشنطن مازالت تمارس سياستها المعهودة في إدارة الأزمات و ليس حلها، ولعل سياسة واشنطن التي تتبعها مع تركية والكرد أبرز مثال على هذا، فهي تحاول الموازنة بين علاقتها الاستراتيجية مع تركيا العضو الوظيفي في حلف الناتو، وعلاقتها الطارئة مع الكرد كحليف موثوق للتحالف الدولي ضد داعش، حليف أثبت كفاءته القتالية العسكرية.

قد يتساءل سائل كيف يرحب قسم من الكرد بالقرار الأمريكي رغم وجود تساؤلات وملاحظات مشروعة حول طبيعة الدعم الأمريكي لوحدات الحماية؟!

إن الإجابة على هذا السؤال يتطلب منا مراجعة لبعض المواقف الروسية من الكرد:

1- العلاقة الأمريكية مع وحدات الحماية بدأت خلال معركة كوباني 2014، بعد أن تمكن تنظيم الدولة من السيطرة على ريف كوباني وعلى أجزاء كبيرة من مدينة كوباني، ووقتها ترك الكرد لوحدهم حوالي الأربعين يوما “يواجهون قوة إرهابية مجهزة بعتاد عسكري تمتلكه جيوش دول (استخدمت داعش في معركة كوباني الأسلحة التي استولت عليها من الجيش العراقي بعد سيطرتها على الموصل) ومن ثم قررت واشنطن تقديم الدعم العسكري للكرد بعد أن وصلوا لحالة الغريق الذي يبحث عن قشّة ليتعلق بها.

وهنا نسأل ما الذي منع موسكو من أخذ المبادرة والمسارعة لتقديم العون للكرد وهم القوة التي طالما أثبتت أنها تحارب بنجاعة وإخلاص الجماعات الإرهابية، ولعل معركة رأس العين التي بدأت في نوفمبر 2012 و تصدي الكرد لجبهة النصرة وغرباء الشام وحلفائهم من الجماعات الإرهابية أبرز مثال على مواجهة الكرد للجماعات الإرهابية.

2- مع الأسف يبدو أن كفة العلاقات والمصالح الاقتصادية بين موسكو وأنقرة رجحت على حساب دعم الكرد، فموسكو لم تقدم أسلحة نوعية إلى الكرد.

3- عدم دعوة الكرد لحضور اجتماعات الأستانة  والتي تعتبر موسكو عرابها، كانت محط استغراب واستهجان من قبل الكرد، وخصوصا “وهم يشاهدون أن بعض المدعويين لاجتماعات الآستانة هم ممثلون لجماعات مارست كل أشكال الإرهاب بحق الشعب السوري بمختلف مكوناته (ياسر عبد الرحيم فيلق الشام – محمد علوش جيش الإسلام وآخرون)

 

التعليقات مغلقة.