الانتخـابـات الفرنســيـة حلـم للسـورييـن

44

حمــيد خلــف 

إن فوز المرشح الرئاسي الفرنسي مانويل ماكرون ابن النظام الفرنسي الوسيم  وذلك في منافسة سيدة التشدد مارين لوبان .

كل التوقعات أعطت الفتى الفرنسي الأغر رئاسة البلاد، فإن الجمهورية الفرنسية خرجت من سياق المألوف بسيطرة الحزبين الرئيسين في البلاد وما عادت أحادية التمثيل  بل أَصبحت حركة إلى الأمام والجبهة الوطنية  شريكاً والتي حصلت على نسبة أربعين في المئة .

الأمة الفرنسية خرجت من أغلال الديكتاتورية و سلطة الزعيم الاوحد إلى فضاء الإنسانية حيث لا تفاضل ولا  تمايز إلا بالجهد و العقل  منذ أن قامت الثورة الفرنسية عام 1789م وحتى اليوم، أما السوريون الذين كانوا يترقبون النتيجة . ينظرون إلى انتخابات فرنسا بعين الحسد اقتراعاً  وتنظيماً  واحترام مواعيد وسرعة نتائج .

ومكننة يبتعدون عنها سنوات ضوئية  جاء حافظ الأسد عبر انقلاب عسكري

يوم قرر حافظ الأسد وعلى طريقته أن يصحح ما بدا له مساراَ خاطئاَ، فقام بالحركة التصحيحية عام 1970 و دخلت فيه سوريا الى الجهل والتخلف و البيروقراطية  وتعطيل لمؤسسات الدولة استطاع الأسد ورجاله التوصل إلى صيغة سحرية لإحكام السيطرة على الدولة عبر مزاوجة نفوذ السياسة بنفوذ المال  ليبدأ دور التهميش السياسي للشعب  و لأحزابه ولتنظيماته المدنية  و لأن شرط السيطرة على السلطة في ذهن حاكم دمشق.

يعتقد أن التداول عليها يتم بينه  وبين الموت أو بينه  وبين ابنه . فقد تفنن نظام

الحكم في إضعاف المعارضة  وإرهابها  وكانت حصيلة حكم الأسدين أن تردّت السياسة وضجت المعتقلات بالسياسيين و بالوطنيين الشرفاء ومارس سياسة كم الأفواه والاغتيالات للمعارضين لسياسته وافتقار المواطن  والوطن اتسعت أحزمة الفقر. و تزايدت جيوش العاطلين .

و انسدت الآفاق في وجه الملايين من السوريين الذين وجدوا أنفسهم تحت خط الفقر. و منذ ذلك التاريخ و حتى الآن كان خلالها الأسد الأب والابن العنوان السياسي الأوحد لسوريا  لم ينصحه خلالها الأصدقاء الحلفاء سدنة الديمقراطية  وحقوق الإنسان في الغرب أن ولايتين في الحكم تكفي  أو أن ربع قرن أكثر مما يطيقه الشعب . لكن الأسد كان حريصاَ على السلطة ينتقل بين كل دورة حكم  وأخرى انتقالاَ سلسًا تضمنه انتخابات معلولة و صناديق كاذبة خاطئة . كل ذلك كان

يجري باسم الديمقراطية و في وفاء تام لمتطلباته الشكلية .

خرجت الثورة في سوريا خروج الوردة من أكمتها . خرجت الثورة من الحواري الفقيرة ومن أحلام العاطلين المجهضة  ومن شباب الذين ظُنت بهم الظنون . وادُّخروا لأدوار ليس من بينها الانشغال بالسياسة و الهم العام أمة كان قدرها أن تكون قائدة  ورائدة في ممارسة النظام الديمقراطي منذ الاستقلال وحتى انقلاب البعث المشؤوم عام 1963 .

فرأت نفسها في أربعين سنة الخالية يتراجع شأنها بين العالمين . اندلعت الثورة في سوريا نتيجة لفيضان كأس الوطن بآخر قطرة من الصبر. عبَر السوريون وبتكلفة عالية عن رغبتهم في رؤية سوريا اخرى لا يسيطر عليها حزب واحد ولا يرث حكم ابن عن ابيه . سوريا اخرى ذات نظام فيدرالي تعددي وتداولي  تتسع لجميع مواطنيها بتعدد مذاهبهم  واختلاف منازعهم السياسية و الفكرية

التعليقات مغلقة.