“أحمد علانة” سيرة فنان زاخرة بالعطاء..

96

 عمر اسماعيل

اذا مررت يوما في إحدى أزقة / ديركا حمكو/ الضيقة والقديمة لابد وأن ينتابك شعور عميق بالحنين إلى الماضي. شعور يوقظ فينا حبنا وعشقنا للتراث والفلكلور الكردي القديم والأصيل ويعيد إلى أذهاننا الفنان “أحمدي علانه ” وهو يعزف ويغني أجمل وأعذب الأغاني الفلكلورية الكردية البوطانية الأصيلة وكأن صدى صوته وصدى صوت مزماره ما زالا مسموعين  في هذه الأزقة منقوشا على جدران ذاكرتنا محافظاً بذلك على رونق الفلكلور الكردي وصونه من الضياع.

كما تداعب النسائم خمائل شقائق, النعمان هكذا كان عزف مزماره, يشدو على مسامعنا لحنا شجيا ترقص على أنغامه القلوب قبل الأوصال. لحن ردد صداه أغصان الشجر حين تمايلت فزغردت أوراقها من عذوبة اللحن, حين حنجرته في المزمار صدحت, والأصابع على ثقوب المزمار رقصت.. إنه عميد فناني ديركا حمكو وبوطان.

16299471_1619140974768903_9110051390803835867_n
أحمد علانة

ولد أحمدي علانه سنة 1880في قرية “شرفية” بقضاء ديرشو شمالي جزيرة بوطان وفي عمر /15/ سنة اضطر إلى الهجرة إلى قرية “دشتى لالاه” بسبب الفقر وضعف الحال.

تتلمذ على يد خاله “كوري تحلو ” من جزيرة بوطان وتعلم العزف على المزمار وغناء الأغاني الفلكلورية في هذه المرحلة العمرية,  حيث بداية انطلاقه في العزف والغناء وإحياء الحفلات والأعراس الشعبية كانت في منطقة “جزيرة بوطان ” .

 أجبر على الالتحاق بالخدمة العسكرية في زمن السلطان عبد الحميد في ظل الدولة العثمانية وبعد خدمة أربع سنوات فرّ من “باكوري كردستان ” إلى ” باشوري كردستان ” واستقر في قرية ” كلهي” وهناك تابع عمله في إحياء الأعراس إضافة إلى مزاولة بعض الأعمال التجارية, ومكث في قرية ” كلهي ” مدة عشرين عاما تقريبا وبعدها انتقل إلى غربي كردستان “روج آفايي كردستان ” واستقر في قرية ” سي كركا ميرو”  سعيا وراء لقمة عيشه وأسرته وكان عمره حينها خمسون عاما تقريبا .

تعرف أحمدي علانه على جنرال فرنسي في قرية “عين ديوار ” ونشأت بينهما علاقة ود وصداقة قوية نتيجة إعجاب الجنرال بعزفه الغريب.

 مكث في قرية ” سي كركا ميرو ” حوالي عشر سنوات انتقل بعدها إلى قرية “مامه شور”  وسكن في قصر ” مامه شور ” لمدة خمس سنوات بمساعدة صديق الجنرال الفرنسي. انتقل بعدها إلى قرية ” بورزه” والتي تقع شرقي ديركا حمكو حوالي ثلاث كيلومترات وبقي فيها زهاء “25” عاما تقريبا حيث عمل في الزراعة إلى جانب عمله الأصلي وهو إحياء الحفلات والأعراس.

انتقل بعدها إلى قرية “حب الحوى” واستمر في عمله إحياء الحفلات والأعراس إضافة لممارسة بعض الأعمال الزراعية وبسبب قرب القرية من الحدود التركية  – وهو الفارّ من الخدمة –  وخوفه على نفسه وأسرته انتقل إلى “ديركا حمكو ” وكان عمره حينها خمس وثمانون عاما.

سكن في بيت أجرة مع عائلة الفنان الكبير “آرام ديكران” في جوّ من الود والمحبة بين العائلتين. هاجر الفنان آرام ديكران إلى أرمينيا وبقي “أحمدي علانه” وعائلته في ذات البيت حيث استقر نهائيا في ديركا حمكو .

لعب “علانه ” دورا كبيرا في الحفاظ على الفلكلور الكردي مثل الغناء والعزف على المزمار “زرنة ” ونقلها بأمانة كما تعلمها إلى الأجيال اللاحقة. كما كان له دور كبير في الحفاظ على اللغة الكردية عن طريق نقله للتراث والفلكلور الكردي دون تحريف.

16406776_1619140958102238_6304180285211686416_nتأثر “علانه” بالتراث الغنائي الكردي وسمى بعض أولاده بأسماء مأخوذة من الغناء الفلكلوري مثل “لافش” وهي أغنية أو اسلوب غناء زجلي قديم, كما سمّى الآخر “هجال” او “هجار” والآخر ” افين” تيمنا بشخصيات إحدى الأغاني الكردية.

من أشهر الأغاني الفلكلورية التي غناها “لافش laveş” خزيموك  سينم ” sinem” كوجكا باعدلي . ” kocka ba adli”  حيران شارو وهسامي آغي وصوفي ابراهيم وبهيزوك.  أما نمط الأغاني التي غناها فهي “سه ري لي . بهيزوك . بيلويته

ومنها أغنية ” دنيايي وهيلا دنيايي”  وأيضا غناء ملكو وميدانه شاخي.

علانه يرث الفن لعائلته:

 تأثر الكثير من أبنائه وأحفاده به وتعلموا منه أسرار العزف على والغناء الفلكلوري لينقلوها بدورهم إلى أولادهم ومنهم:

– شقيقه رشيد علانه: غناء الأغاني الفلكلورية والعزف على المزمار ومن أغانيه “خزيموك. وسينم”.

– ابنه الفنان المشهور عبدو علانه: كان يعزف على جميع الآلات الشرقية آنذاك “جمبش. طمبور. عود. مزمار” إضافة إلى غناء بهيزوك وسه ري لي ومن أغانيه ” مزكينة. أمينة. حيران”.

– ابنه الفنان هجار علانه: غناء الفلكلور والعزف على المزمار وإحياء الحفلات والأعراس والنوروز وغيرها من المناسبات له بعض الكليبات مثل “خزيموك . خورفاني  ” ومقيم في المانيا ” .

أما أحفاده:

– محمد سليم صبري علانة – رمضان صبري علانه – حاجي صبري علانه – علي عبدو علانه – راكان عبدو علانه ومعظمهم يعزف على آلة الجمبش والعود والطمبور والبزق ويحيون الحفلات والأعراس.

– الفنان المشهور الراحل جمال سعدون حفيده من جهة ابنته: وهو عازف وملحن كان يعزف على “العود والجمبش” وإحياء الحفلات والأعراس وغناء الفلكلور وهو صاحب الصوت الشجي.

المصدر: ابنه الفنان هجار علانه المقيم في ألمانيا, بمدينة هامبورغ

نشرت هذه المادة في العدد “61″ من صحيفة Buyerpress تاريخ 15/3/2017

6

 

التعليقات مغلقة.