“كل حزب بما لديهم فرحون”

49
محمود ظاهر
محمود الشيخ ظاهر

تتشابه الخلافات إلى حد كبير مع الانتقادات، بأنه يمكننا وصف بعضها بالبنّاءة والبعض الآخر بالهدّامة, فعلى سبيل المثال نجد أن الخلاف الذي  يوصل  لفهم أعمق للمشكلة الحاصلة وزيادة ذهنية كل طرف على الاستماع للآخر يعدّ حينها خلافا بنّاء ذات طابع إيجابي, ويكون سير العمل السياسي صحيحا. أما الخلاف الكردي الكردي أخذت طابعاً كلاميّاً آخر ومازال الطرفان في خضم معارك شرسة، وهذا الأمر والخلاف لايخدم القضية الكردية وإنما يخدم أعداء القضية، حيث سيطر الغضب والتوتر الشديد على أنصار المجلسين والذي يوحي بعدم ثقة أي طرف بالاخر وبالتأكيد يستطيع كل من الجانبين أن يتعامل مع الموقف بطريقة عقلانية وسلسة للابتعاد عن هذا الأمر، والنأي بالنفس من مصيبة قد تهدم كل شيء، وأن يسعى كلا الجانبين لوقف العبارات التهجّمية المسيئة للكرد.

المشكلة في طريقة التعامل مع الخلاف القائم. فيما يسلم به البعض فيتعايش معه ويجعل من مريديه ومتصوفيه آلة طوع بنانه لخدمة أهدافه وسياسته التي أخذت صبغة ((الواحد )) من طرف واحد، ويكابر الطرف الآخر أو الفئة الأخرى فلا يعترف به فيحاول أن يلغي الآخر لأنه يختلف معه في شيء ما، مثال خط السياسة حسب مفهومه والنهج الذي مزق على أبواب المتسلقين والمتطفلين .

 بالطبع نحن لاننكر وجود الخلاف حيث، ولد الخلاف مع البشرية وهو الأصل في الخلقة وفي العلاقة البشرية، ولكن يراودنا سؤال؟ إلى أين يتجه الكرد بقضيتهم . على الاحزاب الكردية أن تدرك تماماً أن الفن في السياسة والسياسة المتداولة هنا ليس القضاء على الخلافات إنما توجيهها نحو الهدف المشترك، وهو التقدم بالقضية الكردية وفرض الواقع الكردي على القوى الاقليمية والدولية، وعدم الانجرار وراء الوعود الكاذبة والوهمية. حيث أن للكرد تجربة قوية في مجال التعامل مع الانظمة المستبدة والقوى الاقليمية والدولية وعليهم وضع تجربة الثورات الكردية والتاريخ الكردي مثالا نصب أعينهم، وهنا أكرر وأستطيع القول جازما بأن المشكلة ليست في الخلاف السياسي أو الهدف، إنما في طريقة التعامل مع الخلاف وقبل كل شيء فهم واستيعاب الخلاف الحاصل، حيث مازالت مطرقة النظام وسندان تركيا قائمتين، والمستفيد الأكبر من توسيع الهوة بين الأطراف الكردية المتنازعة هم النظام، تركيا، وايران، أما أحزابنا الموقرة ” كل حزب بما لديهم فرحون “صدق الله العظيم .

وكل طرف يدّعي أنه صاحب القضية الكردية، إذا كان الطرفان أصحاب القضية أين يكون تصنيف الشعب الكردي وأبنائنا ودمائهم إذاً؟. وحسب ما نلاحظه في الظاهر ( ونحن نأخذ بظاهر الحال والله يتولى السرائر ) بأن الساسة الكرد يمرون بصعوبة في المعالجة الحسية للحالة الواقعة حيث أنهم لم يعد باستطاعتهم التحكم بها وبالوضع الراهن، ومن المستحيل الخروج من هذه الدائرة، حيث من غير الممكن حلّ الخلافات والوصول إلى تفاهمات، وكلا الطرفين لهما أجنداتهما وارتباطاتهما، مما يؤدي إلى استفحال الخلاف بالتشهير والذم، ويكون سقوط الحلم الكردستاني في الهاوية، والتي يصعب الخلاص منها واشتعال التناحر والخلاف السياسي وقتل أي فرصة للتقارب.

مع الأسف دخل الكرد النفق المظلم، في حين ننتظر المخلص ومن هو المخلص؟ من هنا على الجميع الاحتكام إلى العقل والبحث عن حل وسط يجمع الطرفين ويقدم كل طرف التنازلات عن الأمور العالقة من أجل الفوز بأثمن شيء، وهو وحدة الصف الكردي والقضية وأين نحن والقضية من الساحة السياسية الدولية؟  للأسف لم يرتقِ أحدهم إلى مستوى الاعتراف السياسي الدولي أو كسب حلفاء أقوياء من الدول الغربية من الناحية السياسية ولا إلى كسب ثقة الشعب الكردي، والدور هنا يقع على عاتق المفكرين والمثقفين الكرد، بكل تأكيد واجب المفكرين والمثقفين بطبيعة الحال أن يطرحوا أفكارا وأن يستخدموا أية وسيلة ممكنة لايصال هذه الحلول والا فكار التقاربية إلى الشعب للضغط على الاحزاب ودرء الفتنة، وطبعا أتحدث عن المفكرين والمثقفين الذين لهم بصمة في الحركات السياسية ويجب أن لايقتصر دور المفكرين والمثقفين بأن يكون مجرد كلام، بل يسعى  إلى التركيز على نقاط أساسية في الخلاف القائم بين القوى الكردية، ويجب التوضيح بأن الهوة تتوسع بين الأحزاب والشعب الكردي، وأن القضية الكردية مازالت عالقة بين مطرقة النظام وسندان تركيا، وأن الشعب الكردي يعيش حالة من  التوتر الذهني مع خلافات الأحزاب وصناديقهم السوداء.

 إن قيام البعض ببيع الا نتصارات الوهمية للأتباع وهي في الحقيقة هزائم تعد كارثة بحق الشعب وقضيتهم، وهذا هو ما آل إليه الوضع، حيث لم نكن نتلمس أي انتصار سياسي بعد، ويجب الانتباه بأن أعداء الكرد يريدون إخراج الكرد والقضية الكردية من المعادلة السياسية الدولية ومازالت سياسة الاقصاء الاستبدادية تمارس بحق هذا الشعب من طرف النظام والمعارضة المتمثلة بتركيا.

 نحن ضعفاء جداً بالخلافات القائمة، ومن أخطر ما يهدد الوجود الكردي الشقاق والتناحر المستمر والابتعاد عن جوهر القضية والخوف هو الانزلاق مجددا في حقبة الاستبداد وعدم الخروج من سراديبهم المظلمة بالظلم وإنكار الوجود. الشعب الكردي لم يعد يقبل التناحر الموجود، ومن يقدم الشهداء هم الشعب، ومن يصبر على الويلات هم الشعب..! إذاً أين الشعب من كل هذا؟عليكم أخذ الشعب أساسا لكم، ووضع حدّ لحالة النفي المتبادلة بينكم، وكما أنه عليكم انتشال الشعب من مستنقع الكراهية التي ولّده صراعاتكم وخلافاتكم، وقتل بذرة الفتنة والكراهية التي زرعتموها وسقيتموها بدموع أمهات الشهداء.

نشرت هذه المقالة في العدد 60 من صحيفة “Buyerpress” بتاريخ 1/3/2017

3336

التعليقات مغلقة.