زاوية يكتبها: ولات احمه
في مدينتي، النسوة يكتبن على مسامع أولادهن الكثير من المعتقدات والتقاليد، التي باتت بمثابة نقاط إرشادية توجيهية في الأخلاق والتربية، وكذلك وصفات طبية للكثير من الأمراض في عموم جنبات المنزل، إلى جانب إنها العين التي تقرأ المستقبل والحظ والزواج والحسد!.
مثّلت تلك الطقوس، في أواسط القرن المنصرم، ذاكرة شعبية جمعية لجيل من البشر، كان له الإبداع في الطبابة وقراءة المستقبل والفلك، وفقاً لقناعاته آنذاك، عبر العديد من الوجبات والتعاليم والملاحظات.
الزواج والحَبَل
النساء في مدينتي، كُنّ يعتقدنّ أن جلوس العروس على يمين العريس في يوم حفل الزفاف من الموبقات، ومن المعيب جداً أن تضحك الفتاة يوم زفافها. وكذلك من المحال أن يتم زيارة الفتاة في الأيام الأولى من زواجها من قبل أهلها، ﻷنك ذلك ينافي العرف الاجتماعي آنذاك.
والمرأة التي كانت تلد، عليها عدم حضور أي حفل زفاف إلا بعد قضاء أربعين يوم من تاريخ ولادتها، ومخالفة ذلك كان يجلب عدم الحَبَل للعروس.
بينما، المرأة التي لا تحَبَل، من الواجب عليها أن تطوف سبع منازل، يتقلد أحد أفرادها اسم “محمد”، وكذلك تطوف سبع منازل يتقلد أحد أفرادها اسم “علي”، لتحصل من كل منزل على بعض من المال، ومن خلال ذلك المال، تتوجه نحو بائع الفضة، لتشتري إسوارة من الفضة، تضعها في يدها، لتكون تلك الإسوارة، الدافع نحو حبَلها في القريب العاجل.
ولتحديد جنس الجنين، كان يتم جلب رأس خروف، ويتم كسره على حظ المرأة الحامل، فإذا كان على عظم الحنك لرأس الخروف، بقايا لحم فأن المولود ذكر، أما إذا لم يكن هناك لحم على العظم فيكون المولود أنثى!.
الطبابة
كان، لفرط إفراز اللعاب عند الأطفال “سيلان اللعاب” مشكلة تواجه الكثير من الأمهات، وكانت النصيحة بلا جمل: على خال الطفل، ضربه بكعب رجله على فمه، وذلك سيكون سبب وجيه لتوقف سيلان اللعاب.
هل لديك شحاذ العين، وهي حبة تظهر في جفن العين، التخلص منها لا يدعو لزيارة طبيب جلدية، فقط عليك التوجه نحو امرأة تزوجت من ابن عمها، لتمسح بشعرها العين المصابة، حينها ستختفي الحبة بعد أيام.
مع الأكزيما، من الواجب مراجعة المعالج يوم الأربعاء، الذي بدوره وبصوت خافت يردد بعض المفردات، ويحدّد دائرة حول بقعة الجلد الملتهبة برأس الإبرة، حينها كانت كل الأكزيما تختفي لاحقاً من مكان البقعة المصابة.
رغم أن العِلم، لم يصل إلى السبب الكامن وراء ضحكة الطفل الرضيع النائم، إلا أن النساء كان لهن منذ أمد بعيد تفسير لذلك، في حال بكاء الطفل وهو نائم، إذاً الملائكة تقول للطفل: بأن والدتك قد ماتت. وفي حال ابتسامة الطفل وهو نائم، في ذلك الحين، تكون الملائكة تخبره بأن والدته لن تموت.
والذي يصاب ببحة الصوت، كان من الواجب القائم بالطبابة قد خنق حيوان الخلد، حينها كانت تختفي البحة على يده، وتعود عذوبة الصوت إلى حبالها.
مع مرض فيروس الأطفال “الحصبة”، كان يتمّ شوي وتحمير قطعة من اللحم فوق الصاج ويجب على المريض استنشاق رائحة اللحم المشوي، وبذلك يتم طرد الطفح الجلدي ذو اللون الأحمر من عموم الجسد في أسرع وقت.
الكثير، كانوا يعانون من ظهور الثآليل، وهو مرض جلدي عبارة عن أورام جلدية حميدة في الوجه أو اليدين، كان من الضروري زيارة المعالج يوم الأربعاء، ومعك عود صغير من شجرة التين، حيث كان يتم تقشيره بشكل دوائر وفق عدد الثآليل، إلى جانب ترديد بعض المفردات أو الأدعية التي يتقنها المعالج فقط.
لا داعي أبداً لزيارة عيادة الطبيب في حال ارتفاع حرارة الطفل، القليل من الشحوار بشكل صليب أو على شكل قمر على جبين الطفل، سيكون دواء فعال لانخفاض الحرارة.
بينما مرض الصّفار عند الأطفال، كان له معالجة بطريقة أخرى، حيث يتم وضع الطفل أمام رجل دين، الذي بدوره، وبشكل مفاجئ، يلطم الطفل كفاً قوياً، يكون له الدور الأساس في الشفاء.
إن كان لديك ألم في الظهر، أو مرض “الديسك”، الحل بسيط جداً، وهو البحث عن امرأة ولدت توأما، وعليها أن تمشي على ظهرك ذهاباً وإياباً، وبعدها الحمدلله على سلامتك.
مع الحُمّى،كان يتم جلب سبعة خيطان، ويتم شدها معاً بسبع عُقَد بعيدة عن بعضها البعض بنفس المسافة، ومن ثم يتم وضع الخيطان في اليد على شكل إسوارة، وهذا كان سبباً وجيهاً للتعافي من الحُمّى!.
المستقبل والحظ
إذا كانت هناك حكّة في كف يدك اليمنى، قريباً ستحصل على الكثير من المال، بينما كف اليد اليسرى في حالة الحكة كانت بشرى سيئة بأنك ستخسر الكثير من المال.
في جانب آخر، إذا بقي المقص مفتوحاً، سواء في الليل أو النهار، فهناك شجار سيحدث بين الزوج والزوجة لا محال.
وعند طوفان عيدان الشاي في كأس الشاي، وبحسب طول العيدان إذاً هناك ضيف قادم، إذا كان العود طويلاً إذاً الضيف طويل، والعود القصير يجلب ضيفاً قصيراً.
وإذا كانت لديك الرغبة أن يكون أحد أطفالك مدرساً، فهذا سهل جداً، كل ما عليك، هو رمي سُرّة الطفل المولود جديداً إلى أحد المدارس، ليكون بذلك طفلك مدرساً في المستقبل المنشود.
عند طنين الأذن، إذاً هناك من يتكلم عنك. وإذا غصت اللقمة في حلق شخص ما وهو يأكل، اعتقدوا أن هناك أحد الأقرباء البعيدين عنهم جائع!.
الحسد وسوء الطالع
الكثير كان لديهم الخوف من “الإصابة بالعين – الحسد” وخاصة كانوا يتشاءمون من الإنسان الذي عيونه زرقاء، حينها عليك أن تقول: الله يسترنا منه، الله يسترنا من العين، والابتعاد عنه قدر المستطاع، إلى جانب إذابة الرصاص وسكبه على ماء بارد فوق رأس المصاب بالعين.
بينما المرأة التي بين أسنانها الأمامية تباعد ومسافة فارغة، كانت تجلب الشؤم دائماً، وفق زعمهم. أما إذا انطفأ ضوء الشمعة عدة مرات في الليل فكانوا يعتقدون أن أمراً سيئاً سيحدث لهم.
في العائلات البخيلة، كان يتم توبيخ الأطفال الصغار في حال قيامهم بتكنيس المنزل في الليل، حيث ذلك دليل واضح على قدوم الضيوف. وكذلك يمنع منعاً باتاً النظر إلى المرآة ليلاً، كي لا تصاب بالجنون.
بينما الاستحمام يوم الأربعاء ممنوع تماماً، حيث سيجلب ذلك الشؤم أو كارثة ما، وكذلك حذاري من تقليم الأظافر ليلاً. وإذا كان أحد الشباب يتناول طعامه وهو ممدد على أحد جانبيه، إذاً سيتزوج من أرملة. بينما إعطاء الملح ليلاً للجيران كان يجلب الفقر للمنزل!.
نُشر هذا المقال في العدد(56) من صحيفة Buyerpress
2017/1/1
التعليقات مغلقة.