المتة والشاي والفتنة

81

 

%d8%a8%d9%88%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%ac%d8%a7%d9%86
بــــولات جــــان

أبو حيدر يقرقر و يرفع سماعة الهاتف و ما أن يسمع الصوت من الطرف الآخر حتى يبادره بصيغة آمرة: “تعال للمكتب يا ابني” و يستدرك “بسرعة”. و يغلق الهاتف دون أن يسمع جواب (ابنه).

بعد لحظات ينقر أحدهم على الباب فيقول أبو حيدر: “أُدخل” و يدخل (ابنه). يضرب قدمه على الأرض و يلقي التحية و يقول: ” أوامرك سيدي”.

– اقعد يا ابني.

– شكراً سيدي.

– يا ابني جعفر، أفي عندك مهمات حالياً؟

– لا سيدو، حالياً مافي وراي شي.

– طيب يا جعفر… أفي عندك كمبيوتر؟ أو لابتوب؟

– أي سيدي عندي.

– بتعرف بالأنترنت يا ابني جعفر؟

– أي سيدي بعرف و ساويت دورة كمان.

– أي كويس يا ابني. عندك فايسبوك يا جعفر؟

– نعم سيدي عندي حساب بس مو بأسمي سيدي.

– لكان بأنو اسم حسابك هاد؟

– سيدي اسم حسابي (بنحبك بجنون يا طبيب العيون).

– عفارم عليك جعفر. طيب رح أعطيك مهمة جديدة.

– أنا بالخدمة سيدو.

– لازم تعمل حساب جديد أو عدة حسابات حالاً.

– أنا جاهز… شو يكون اسمون و عن شو سيدو.

– ابني جعفر. اعمل كم حساب بأسامي كردية.

– عفواً سيدو، حسابات كردية!؟ ما فهمت كيف يعني.

– و لك لا تقاطعني يا ابني، عم أقلك مهمة.

– عفواً سيدي لا تؤاخذني.

– بدي منك تعمل كم حساب بأسماء كردية، مثلاً مثلاً: (بارزاني للعظم)، (صقور قامشلو)، (أحفاد بارزاني)، (كجا عفرين)، (بيشمركة و أفتخر و اللي ما عاجبو ينتحر) و هيك أسامي نار.

– تمام سيدي.

– كمان لازم يكون صور البروفايل فيها أعلام شمال العراق و صور من هنيك و صور بنات حلوات ميشان يجذب الشباب. و اذا لزمك صور بإمكانك تأخذها من أرشيف المنشورات و المجلات المُصادرة في القبو.

– تمام سيدي رح أطلب المساعدة من العريف وائل. بس سيدي شو أنشر بالحسابات هدولن؟

– أكتب شغلات منيحة كتير عن شمال العراق و عن البيشمركة و البارزاني و جماعتون اللي هو بالجزيرة. و حاول تجمع أكبر عدد ممكن من المعجبين و الاصدقاء و أدخل بكل المجموعات و الصفحات الخاصة بالجماعة.

– تمام سيدي رح أنفذ أوامرك.

– طيب يا ابني هلق روح بلش الشغل و ناديلي على العنصر أبو علي.

– حاضر سيدي.

بعدها قام أبو حيدر بالضغط على زر على مكتبه و ما هي لحظات حتى دخل الحاجب.

– أمرك سيدي.

– يا ابني سخنلي أبريق المي و جيبيلي علبة متة جديدة.

– حاضر سيدي.

في ذلك الوقت وقف العنصر أبو علي بعتبة الباب و ضرب بقدمه على الأرض مردداً : ” احترامي سيدي”.

– أدخل يا ابني. أقعد هون.

– شكراً سيدي.

– أبو علي أنت بتعرف تشغل الكمبيوتر و الانترنت منيح؟

– طبعاً سيدي. و كان عندي محل بالجميلية.

– أي منيح يا أبو علي، أصبح رح أعطيك مهمة و لازم تشتغل عليها منيح من قلب و رب.

– أنا حاضر سيدي.

– بدي منك تعمل كم حساب على فايسبوك بأسامي كردية، مثلاً: (صقور قنديل)، (زاغروس بوتان)، (جوانين كوباني)، (آبوجي للعضم)، (صيّاد الخونة)… و هيك أسامي قريبة من جماعة قنديل و صاليييح مسّلم. طبعاً لازم تحط صور للانفصاليين و مقاتليهم و أعلامهم الخاصة.

– سيدي فهمت المطلوب بس ما دخلت بمخي…

– يا ابني أنت اعمل اللي أقوله لك.

– أمرك سيدو.

– و اذا لزمك صور أو منشورات بإمكانك تأخذها من المنشورات و المجلات الانفصالية المُصادرة الموجودة بالقبو. لازم تنشر كتير صور حلوة و منشورات قوية و أشعار و كلمات مؤثرة… طبعاً ما بدي أوصيك، لازم تجمع أكبر عدد من الاصدقاء على الحسابات و تدخل بكل الصفحات و المجموعات التابعة للانفصاليين و جماعة قنديل.

– أمرك سيدي.

– هلق فيك تروح و تبلش شغلك.

نظر إلى كاسته المليئة ببقايا المتة الخضراء و صرخ بصوت عالي: “ولك يا زفت ليش ما جبتلي المي السخنة؟”

* * *

بعد أسبوع

أبو حيدر يقرقر المتة و و هو يتصفح الكمبوتر الذي أمامه و بين لحظة و أخرى يرفع عينيه عن شاشة الكمبيوتر و يتابع شريط الأخبار على القناة الرسمية. رفع الهاتف و أدخل الأرقام الأربعة و ما أن سمع صوت الطرف الآخر حتى بادره بصيغة آمرة و بلا اكتراث: ” تعال للمكتب يا ابني بسرعة” ووضع الهاتف. و ما هي لحظات حتى سمع صوت دقات على الباب فرفع صوته دون أن ينظر إلى الطارق: “أادخل”. دخل أحدهم و ضرب قدمه على الأرض: ” احترامي سيدي”.

– اقعد يا ابني.

– شكراً سيدي.

– شو عملت يا ابني بالمهمة. (كان يخاطبه دون ان يرفع عينيه عن شاشة الكمبيوتر).

– سيدي تم تنفيذ أوامر وعملت خمس حسابات والشغل ماشي تمام التمام بحسب أوامركم سيدي.

– صار عندك كم من الأصدقاء يا ابني؟

– سيدي في حساب وصل لشي أربعة آلاف صديق و حساب تاني فيها شي الفين و في حساب شي الف و خمسمية و حساب تاني…

– تمام تمام… هلق صار لازم تبلش الشغل الجد.

– كيف يعني سيدي ما فهمت؟

استدار نحو العنصر جعفر و نظر إليه ملياً و قال:

– لازم تبلش تتهجم على جماعة قنديل و كل الانفصاليين و على جماعة مسلم. مثلاً اشتم رموزهم، اشتم و تمسخر على أمواتهم، تمسخر على رموزهم و أعلامهم و قادتهم و أفكارهم و بناتهم… مثلاً عيرهم بأنهم جماعة كهوف و مغاور و متوحشين و باعوا القضية و ضد كردستان و عملاء و متخلفين و عطالين…

– يعني أبلش حرب عليهم؟

– أي أكيد… و كمان خلي الشباب يساعدوك بالتقاط بعض الصور. مثلاً اعملوا صورة، خلي كم عنصر يحمل علمنا و عنصر تاني يرفع علم جماعة قنديل و صور زعيمهم. في عندنا كتير أعلام و صور موجودة بالقبو. بدي منك تخلق ضجة كبيرة و لازم تخلي أصدقاءك على الانترنت يشاركوا كل شيء و يعلقوا عليها و كمان أنت فيك تنشر هذه الصور و تضعها كتعليق على كل الصفحات و المجموعات.

– حاضر سيدي فهمت عليكم. رح اولعها.

– ممتاز. هلق انصرف و خلي العنصر أبو علي يجي لعندي.

– تحياتي سيدي.

بعد خمسة دقائق دخل العنصر أبو علي و ضرب بقدميه على الأرض :” أحترامي سيدي”.

– ادخل يا ابني و أقعد هنيك.

– شكراً سيدي.

– عملت الحسابات يا ابو علي؟

– نعم سيدي، عملت، بس مافي كتار من الجماعة على الفيسبوك.

– إشقد إلك أصدقاء على أكبر حسابك؟

– سيدي تقريباً شي الفين واحد.

– أصبح لازم تنشر شغلات بالكردي كمان، ها الجماعة بيستخدموا كردي كتير. ممكن تستفيد من العنصر اسامة المارديلي هو بيعرف كردي منيح.

– تمام سيدي.

– صار وقت شغل الجد يا أبو علي.

– أنا جاهز لكل شي سيدي.

– بدي منك تبلش تشن هجوم على جماعة الاقليم و مسعود و جماعة البارتي و المخربين. اشتم على حساباتك رموز الاقليم و بيشمركة وتمسخر عليهم وانعتهم بكل شيء قذر. و قل فيهم بأنهم خونة و جبناء وعملاء لتركيا و صدام و ايران و لا خير منهم… طبعاً لازم تجمع بعض الصور المهمة تستفيد منهم و كذلك حاول لكي تقنع أصدقاءك على الحسابات لكي يشاركوا منشوراتك و يؤيدوها و يدعموك.

– تمام سيدي.

– و امرق على أمين السر ميشان تأخذ منه ضبط إفادات جماعة البارتي. و كمان اعملوا بعض الوثائق والملفات الممهورة والموقعة لحتى تكون مقنعة.

– تمام سيدي فهمت منيح.

– تمام هلق فيك تنصرف و ناديلي على الحاجب الزفت خليه يسخن المي ميشان المتة.

* * *

بعد شهر

كان أبو حيدر يقرقر المتة و هو يتصفح الأنترنت و يقهقه فيهتز كرشه و خدوده المتدلية مثل الكلاب الدانماركية. كان يتابع نجاحات عنصريه جعفر و أبو علي. كانت حرب الفايسبوك في اوجها بين الكرد و الكل يشتم الكل.

اتصل أبو حيدر على العنصر جعفر و قال له: ” جيب معك أبو علي و تعال فوراً للمكتب”.

بعد دقائق كان دخل جفعر و أبو علي و بعد تقديم التحية جلسا بناء على إشارة أبو حيدر الذي وجه إليهما سؤاله:

– كيف تسير الأمور؟

جعفر: سيدي شغلنا تمام التمام. هلق كل جماعة البارتي و التابعين للاقليم ما عندهم شغل غير يشتموا جماعة قنديل و صالح مسلم والانفصاليين.

أبو علي: سيدي شغلي كمان عال العال، و الشباب ما بيقصروا و نازلين سب و شتم.

أبو حيدر: برافو عليكم يا شباب. عملتوا شغل منيح. فيكم تأخذوا إجازة و تروحوا للضيعة.

جعفر: سيدي و شو نعمل بالشغل و المهمة؟

أبو علي: سيدي ما بيصير نتبع المهمة بالضيعة، بصراحة عجبتني الشغلة؟

أبو حيدر: لا مافي داعي. أنتو مهمتكم حالياً خلصت هون.

جعفر و أبو علي (و هما حائرين): سيدي كيف خلصت يعني نوقف الحرب بيناتهم؟؟

أبو حيدر: ولك لااا. شو نوقف الحرب بيناتهم؟ أنا بعرفهم منيح للأكراد، فقط لازم تشعل بيناتهم و هم يقومون بالتالي و ما بيقصروا كمان… أهم شي لازم نكتم الأصوات العاقلة بينهم و نترك الباقي للعامة حتى يعمقوا الصراع و يتفننوا فيها.

* * *

كان يسبح و يحمد باسم الله و يحك لحيته الكثة التي لم يتعوض عليها كثيراً و يلمس شاربه الحليق، يعمل كل ذلك وهو يرتشف كاسة الشاي. نادى على مرافقه الجالس في الغرفة الأخرى: ” يا أبا قتيبة، نادي لي الاخوة أبو خالد وأبو عبدالله الهادي. وبالله عليك أأتي لي بشايٍ طازج… ” أمرُك مُطاعٌ شيخنا”.

 

التعليقات مغلقة.