اكتشاف قصائد حب مجهولة لبابلو نيرودا

34
%d8%a7%d9%83%d8%aa%d8%b4%d8%a7%d9%81-%d9%82%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%ad%d8%a8-%d9%85%d8%ac%d9%87%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d9%84%d9%88-%d9%86%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%af%d8%a7
انطوان جوكي

انطوان جوكي

لم يقل هذا العملاق كلمته الأخيرة، وبالتالي ما زال يخبّئ مفاجآت سارّة، آخرها قصيدة ملحمية طويلة بعنوان «أنشودة المأثرة” مع 21 قصيدة مجهولة عُثر عليها أخيراً لدى ترتيب أرشيف نيرودا وصدرت عن دار «سيغيرس» الباريسية حديثاً برفقة الترجمة الفرنسية لها ونصوص أخرى بخط يد الشاعر.

«أنشودة المأثرة» كتبها نيرودا في ربيع 1960، أثناء سفره إلى أوروبا على سفينة «لويس لوميير». وكما يوحي به عنوانها، إنها ملحمة شعرية بكل معنى الكلمة: ملحمة النضال من أجل الحرية في أميركا اللاتينية، وتحديداً في بلدان الكاريبي.

منذ مطلع القصيدة، يوضح الشاعر: «هذا الكتاب ليس نواح رجلٍ مستوحد ولا انبعاثاً من العتمة، بل سلاح مباشر ومصوّب، ومساعدة بسيطة أمنحها إلى إخوتي الشعوب من أجل (الاحتفاء) بكل يوم من أيام نضالهم». هكذا نقرأ هذه القصيدة كتحية لجميع مقاومي سياسة الولايات المتحدة في خمسينات القرن الماضي، وللمكافحين من أجل الاستقلال والحقيقة.

تحية للكوبيين أولاً الذين يشبّه الشاعر بلدهم بـ «وردة الكاريبي الشفّافة حيث يتعاظم ألم الآملين» وحيث انطلقت ثورة (1959) توقظ الأمل في قارّة بكاملها، واصفاً بإعجابٍ كفاحهم، انطلاقاً من جبال سييرا ماسترا، الذي وضع حداً لبطش نظام باتيستا الرهيب بالشعب الكوبي. بعد ذلك، يوسّع فضحه جرائم العسكر ليشمل أرخبيل الكاريبي بكليته، مستعيناً بصور ذات شحنة تعبيرية عنيفة: «آكلو لحوم البشر الدمويون/ المتقنّعون بزي جنرالات بطوليين: / مملكةُ جرذانٍ لا ترحم/ سلالةٌ من بصقاتٍ عسكرية (…)/ ورديةُ آلامٍ عظمى/ والدولار يدير الصفاقة (…)».

وفي هـــذا السياق، يتوقف عند آثار الطغيان في الباراغوي وبوليفيا قائلاً: «فـــي جنوب أميركا الأمازوني/ تحفر نُدَب الاستبداد/ جدران الباراغوي المتلفة/ وحــــجارة بوليفيا المُرّة»، ويحتجّ على وضـــــع جزيرة بورتوريكو التي يسمّيها «مرفأ البؤس» حيث «يبيع (الحاكم) مونوز اللغة والصواب، الأرض واللذة/ يبيع شرف قارّتنا المسكينة». ولا ينسى الشاعر نيكاراغوا: «نيكاراغوا، قلب البجعة/ سلالة السيف الغاضب/ أبعدي الأجراس عن صدرك/ والتفاحة النَزِقة عن حياتك/ وبالنار والدم اقطعي الحبال/ التي تتوّج نسلكِ بالشوك».

يبقى أن نشير إلى أننا نعثر في هذه القصيدة على نبرة «النشيد العام» (1950) وأسلوبه ونفَسه، ما يجعلنا نرى فيها امتداداً له.

أما القصائد الـ21 الغير منشورة من قبل، والتي نقلها الشاعر الفرنسي جاك أنسيه إلى لغة رامبو، وجمعتها دار «سيغيرس» في كتاب بعنوان «ألمس قدميك في الظل»، فقد كتبها نيرودا بين عامَي 1956 و1973، وتكمن قيمتها في إسماعنا من جديد صوت الشاعر في جانبه العفوي.

وتبدو القصائد الأولى ملتهبة بنار الحـــب: «أبداً لستُ وحدي، معكِ/ على الأرض/ عابــراً النار». وفيها يولد الشاعر مجدداً داخل العالم بفضل حضور الحبيبة، بينما يزول الواقع من دونها: «معتمٌ ليلُ العالم من دونك يا حبّي». وتبدو لغة نيرودا البسيطة في هذه النصوص مشحونة بشهوانية قصوى، كاشفةً في اتحاد الحبيبين الحميم علاقة الشاعر بالعالم: «أنتِ وأنا الأرضُ وثمارها». وحتى في المبالغة، يلجأ نيرودا إلى الإيجاز في صوره: «حبٌّ، لا ينضب، هو خمرنا». عن الحياة

نُشرت هذه المادة  في العدد (52) من صحيفة “Buyerpress”

15/10/2016

14643107_1168988499848248_1430651176_n

التعليقات مغلقة.