جرن الذاكرة: هرشو البرازي.. قاتِل الرئيس السوري سامي الحناوي

162
%d9%87%d8%b1%d8%b4%d9%88-%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d8%b2%d9%8a
هرشو البرازي

 

زاوية يكتبها : ولات احمه

في منتصف القرن العشرين، شهدت الدولة السورية سلسلة من الاِنقلابات العسكرية، وكانت تعيش آنذاك تحت شعار “بشّر الانقلابي بأن ثمة من سينقلب عليه”. ولعل أكثر الاِنقلابات وحشية ودموية كان اِنقلاب العقيد سامي الحناوي، قائد ثاني اِنقلاب في سوريا، الذي سارع في اليوم الأول من اِنقلابه إلى إعدام الرئيس السوري حسني الزعيم، ورئيس وزرائه محسن البرازي من دون محاكمة. وقد حدثت عملية الإعدام “الرمي بالرصاص” في 14 آب/ أغسطس 1949، على طريق المزة بالعاصمة دمشق، أمام أنظار الطفل “خالد” نجل رئيس الوزراء محسن البرازي الذي طلب من الاِنقلابيين تقبيل يد والده، وطلب الوصية الأخيرة. كل ذلك، بالإضافة إلى لحظة مداهمة المنزل واعتقال والده ونقله إلى هيئة الأركان، سرده الطفل “خالد” على مسامع هرشو البرازي، الذي قرر مع حلقة ضيقة من عائلته بالاِنتقام لابن عمه، رئيس الوزراء الدكتور محسن البرازي.

%d8%ac%d8%b1%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9-2-%d9%87%d8%b1%d8%b4%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d8%b2%d9%8a
ولات احمه

هرشو البرازي، هو محمد بن أحمد آغا البرازي، الابن البِكر لعائلة كُردية عريقة في مدينة حماة السورية، التي لها وزنها وشأنها، منها خرج رئيسان للوزراء في سوريا وعدد من المسؤولين والنوّاب، وتُعرف بقوة رجالها وإتقانهم فنون ركوب الخيل والصيد والزراعة.والدته مهدية السباعي، تزوج من مها العاشق، وهو من مواليد 1920. رجل قوي، طويل القامة، مفتول العضلات، شديد، شجاع، تلقّى تحصيله الدراسي بين مدينتي دمشق وبيروت، بعد تخرجه أشرف على أملاك والده. إلى جانب العناية بالخيول، كان بارعاً في استعمال السلاح، حيث كان قادراً على قص الإبرة فوق رأس أي شخص، وفق زعمه.

هرشو، أو هرجو أو حرشو، كلمة كُردية تعني “الدب” أطلقها والده عليه تيمناً بالقوة، والحفاظ عليه من الحسد. ولقد تحققت نبوءة والده في أن يكون ابنه البِكر شجاعاً، فلقد عُرف بأنه “قبضاي حماة”. ذاع صيت هرشو البرازي بالقوة والشجاعة واستخدام السلاح، حتى قِيل أن الناس تداولوا مثلاً شعبياً يُقال لمن يحاول عرض عضلاته: “هل أنت قاتل الحناوي، هل أنت هرشو!”. بالإضافة إلى ذلك، كانت النسوة يهددن أطفالهن عند النوم بالقول: “هل ستنام، أم يأتيك هرشو!ً.

لم يدم اِنقلاب الحناوي طويلاً، حتى انقلب عليه أديب الشيشكلي، قائد الاِنقلاب الثالث، ليقصيه من سدة الحكم في 19 كانون الأول/ ديسمبر 1949. وبعد أن سجنه في سجن المزة العسكري، أفرج عنه في أيلول/ سبتمبر 1950، ليغادر الحناوي دمشق برفقة أسرته، حيث سكن في شارع محمد الحوت ببيروت. هنا، أُتيحت الفرصة لعائلة البرازي الاقتصاص من الحناوي اِنتقاماً وثأراً لابنهم محسن البرازي، وأُوكلت المهمة لثلاثة شبان من العائلة، وهرشو رابعهم، وكانت مهمته توفير المناخ الملائم والأدوات لعملية الاِنتقام. وفعلاً غادرت المجموعة المرشحة للاِنتقام نحو بيروت، وبدأت ترصد تحركات الحناوي لمدة أشهر.

في حوالي الساعة الحادية عشرة، من صباح يوم الاثنين، 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1950، وعلى رصيف محطة الترام في شارع محمد الحوت ببيروت، سمع سامي الحناوي صوتاً يناديه: “سامي، سامي… أنا هرشو جيتك”. حينها، أدرك بأن الموت دنا منه، فبدأ بالتوسل، لكن ذلك لم ينفعه أمام عناد وصلابة هرشو البرازي، حيث اغتاله بثلاث رصاصات من مسدسه، ووفقاً لتقرير الطبيب الشرعي “ميشيل جبارة” أُصيب الحناوي برصاصة فوق القلب وأخرى في الكبد وثالثة مزقت الأمعاء.

 أُلقي القبض على هرشو، الذي أنكر اِغتيال الحناوي، ليعود ويعترف في المحكمة مبدياً عدم ندمه على ذلك. صدر الحكم عليه بالإعدام، ثم خفض إلى 16 عاماً، حتى أعفى عنه الرئيس اللبناني كميل شمعون، وخرج من السجن عام 1953 بوساطة سعودية، وذلك بعد سجنه عامين وثمانية أشهر وخمسة أيام.

لاحقاً، قضى هرشو البرازي بقية أيامه بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية، حتى وافته المنية قي 23 كانون الأول/ ديسمبر 2015، وتم نقل جثمانه إلى إقليم كردستان العراق، حيث دفن في منطقة بارزان وفقاً لوصيته.

نُشرت هذه المقالة في العدد (52) من صحيفة “Buyerpress”

15/10/2016 

14643107_1168988499848248_1430651176_n

التعليقات مغلقة.