الكرد… والمعركة القادمة !!
هيثم محمد سليم حسكي
” كذلك التصريحات الإسرائيلية على مستوى مسؤولين رفيعين في الحكومة يبيّن رفع الفيتو الإسرائيلي على القضية الكردية، وضرورة حلّها، لا وبل تقديم الدعم، والمساعدة لها في المرحلة الأولى لكينونتها كدولة ناشئة” !!.
المتتبع للمشهد السوري عامةً، والكردي خاصةً يتلمس بوادر انفراجات قريبة، فالتحركات الدولية الأخيرة، والتسريبات الإعلامية تشي بوضع حدٍّ للمأساة السورية بعد ما يزيد عن خمس سنوات.
فبالنسبة للنظام السوري، وحلفائه الروس، والإيرانيين، والمليشيات العراقية الداعمة يحاولون بشتى الوسائل والطرق الاستحواذ على أكبر قدرٍ من الجغرافية السورية، وذلك تمهيداً للمرحلة القادمة القريبة، والتي ستكون فيها الفيدرالية العنوان الأبرز .
في حين أن المعارضة السورية، و بالأخص شقّها المسلح لا تزال تتخبط بين وهم إماراتٍ إسلامية، ومناطق نفوذٍ محلية صغيرة يتقاتل قادتها فيما بينهم على غنائم حربٍ لم يكسبوها بعد، على أن التقدم الحاصل في ريف حماة لم يأتِ من فراغ بل هو تمهيد آخر للمرحلة الجديدة، طبعاً على أن لا ننسى التغيير الديمغرافي الحاصل لحاضنتها الإجتماعية في مناطق عدة من سوريا مثل داريا، ومناطق أخرى في ريف دمشق، وكذلك حي الوعر في حمص، وغيرها من المناطق، إضافةً إلى الركود الحاصل في جبهات عديدة كما في الجنوب، والساحل.
تنظيم داعش هو الآخر بات في موقف دفاعيّ بعد الخسائر المتتالية له في الكثير من المناطق التي خسرها، سواءً في سوريا أو في العراق، وبات الخناق يضيق عليه أكثر فأكثر نتيجةً لإنتهاء الدور المنوط بها، وهو السيطرة على منابع الطاقة، والمياه، والمعابر الحدودية، ومن ثم طرده منها لتحلّ محله القوى التي تقررها دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة تمهيداً للتقسيم الفيدرالي الذي يُحضّر له في الكواليس الدولية.
وبالنسبة للكرد فالمعركة القادمة ستحدّد ملامح نظامهم الفيدرالي بشكل أوضح، على الرغم من تنازل الولايات المتحدة لتركيا عن الشريط الحدودي المتمثل بمنطقتيْ جرابلس والراعي وصولاً إلى إعزاز، وطلب الولايات المتحدة من قوات سوريا الديمقراطية “”QSD، والتي تشكل وحدات حماية الشعب ” YPG ” الكردية عمودها الفقري التوجه إلى شرقي الفرات، إلا أن الاستراتيجية الأمريكية توحي بغير ذلك، والمطامع التركية المتمثلة في التوجه صوب مدينة الباب في الريف الحلبي وصولاً إلى قلب مدينة حلب بدأت تتلاشى رويداً رويداً، على الرغم من الضخّ الإعلامي الكبير للعملية التركية، والتي أطلقت عليها “درع الفرات”، وكذلك التقدم السريع للجيش التركي، والفصائل التركمانية المرافقة له، إضافة إلى بعض الفصائل المدعومة منه في جرابلس، والسيطرة على المدينة خلال ساعات بعد إتفاق مع قادة تنظيم داعش، إلا أنها لم تستطع إلى الآن التقدم أكثر مما سمحت لها الولايات المتحدة.
وبالرغم من الضغط الأمريكي على قوات “QSD” لخوض معركة عبيثة في الرقة، وذلك لتحسين صورة الولايات المتحدة في الداخل الأمريكي المُقبِل على انتخابات رئاسية قريبة، والتي يحاول فيها الديمقراطيون بشتى الوسائل الفوز بها، إضافةً إلى إظهار الولايات المتحدة كالبطل المنقذ للعالم من همجية تنظيم داعش.
إلا أن المعطيات الأخيرة توحي بأن قوات””QSD ، لن تشارك في تلك المعركة إلا بعد الحصول على ضمانات كافية لتوصيل المقاطعات الثلاث وصولاً إلى المنفذ البحري، إضافةً إلى الاعتراف الكامل بالنظام الفيدرالي المزمع إعلانه قريباً، جاء ذلك إثر التصريحات الأخيرة لقيادات في حركة المجتمع الديمقراطي ” Tev – Dem”، حول شروطهم المبدئية على التحالف الدولي للمشاركة في معركة الرقة، وهذا يدل على أن الكرد سيلعبون دوراً محورياً في المعادلة السورية القادمة.
طبعاً يجب أن لا ننسى أن لإقليم كردستان المصلحة العليا في الوصول إلى المنفذ البحري، كي تتخلص من الضغط التركي، والإيراني، والعراقي، وعلى الرغم من الحرب الإعلامية الشرسة بين (الديمقراطي الكردستاني و العمال الكردستاني )، إلا إن الكواليس تقول عكس ذلك، فالمساعدات العسكرية التي تتدفق بشكل مستمر، إضافةً إلى وجود تنسيق عالٍ ضمن غرفة عمليات مشتركة في التحالف الدولي، والتحضير لمعركة الموصل، ومشاركة الكرد فيها يحضر لمرحلة جديدة على المستوى الكردستاني أيضاً.
كذلك التصريحات الإسرائيلية على مستوى مسؤولين رفيعين في الحكومة يبين رفع الفيتو الإسرائيلي على القضية الكردية، وضرورة حلّها لا وبل تقديم الدعم، والمساعدة لها في المرحلة الأولى لكينونتها كدولة ناشئة !!.
نُشرت هذه المقالة في العدد (52) من صحيفة “Buyerpress”
15/10/2016
التعليقات مغلقة.