هل هي أزمة الفكِر والإدراك؟ .. أم أزمة الوطنيّة؟

160

خالد عمر

xalid-omer

  في ظلّ الثورة التكنولوجية وثورةِ المعلومات وصيرورةِ العالمِ مختزلاً في جهاز لا يتعدى حجمه حجم كفّ اليد, في ظلّ ذلك يكون من الصّعب الجزم أو القبول أو الإقرار بعدمِ المعرفةِ إن افترضنا جدلاً صحة ومطابقة المعلوماتِ المنقولةِ للحقيقةِ والواقعِ, لقد أصبح العالم صغيراً جداً, هناك قاعدة قانونية تقول (( لا جهل بالقانون )) قياساً عليها وبنتيجةِ الفوران التكنولوجي الذي يعيشه العالم يكون من المعقولِ جدّاً أن نستحدث قاعدة أخرى مع بعضِ التّصرف فنقول  (( لا جهل بالواقعيّة )) أي أنّه أصبح من غيرِ المقبولِ إلى حدّ ما التّذرع بعدمِ المعرفةِ للأحداث والوقائع الّتي تجري بالعالم, إلّا أنّ الاعتماد على وسائلِ الإعلام لا يكفي لمعرفةِ الحقيقةِ ونقلها واتّخاذها مصدراً موثوقاً لإنتماء المعلومة, ولا سيما أنّ من هذه المؤسسات الإعلامية ما أضحى منها بمثابةِ امبراطوريات أو فلنقل أنها أصحبت شركات قابضة تبلع المؤسساتِ الأصغر منها بل أنّها وصلت لدرجة أصبحت هي التي تصنع الحدث وليست تنقل الأحداث فحسب, ولا تمتلك أدنى معاييرِ العملِ الإعلاميّ وخاصة الحياد في نقل المعلومة.

تختلف أهميّة الأحداثِ والوقائعِ التّي تجري بمختلفِ أنحاء العالم باختلاف تأثيرها على حياتنا المعاشة ضمن الحيّز المكانيّ الّذي نعيش فيه مهما اتّسع ومهما ضاق سواءاً كان ذلك الحيّز هو المنزل الّذي نعيش فيه أو الشارع الّذي نمشي فيه وسواءاً كان المدينة أو المقاطعة أو البلد, ومن الأمور الّتي أصبح من المُقرّ بها ولا يمكن تهميشِ قيمتها أنّ كلّ ما يجري في العالم في أيّ بقعة منه يكون له تأثير كليّ على كامل هذا العالم وتأثير جزئيّ منحصر في البقعةِ الّتي جرى فيها ذلك الحدث أو وقعت فيه تلك الواقعة وإنّ أكبر دليل على ذلك في يومنا هذا هو مسألة الإرهاب كمجموعات بشريّة تمارسه, أو كفكر وعقيدة يتّم الترويج لها ونشرها, فإنّ انهزام الإرهاب في أيّة بقعة في العالم فإنّنا ككرد في روج آفا وعموم كردستان نرى فيه فائدة لنا, بل إن قتل إرهابي في نيجيريا فيه فائدة لنا وفيه فائدة لعموم البشرية.

بالعودة إلى القاعدة القانونيّة المستحدثة (( لا جهل بالواقعيّة )) فإنّ هذه القاعدة المجتمعيّة الحياتيّة تزداد قوّتها وتقوى حجّة من يتمسّك بها في مواجهة الأضداد أو من هم في الجانب الآخر أو في الضفة الأخرى, عندما تكون الوقائع أو المعلومة بصدد حدث نعيشه ونشاهده ونسمعه وله التّأثير الكليّ والجزئيّ والمباشر وغير المباشر على حياتنا وقضيّتنا وواقعنا أي بصدد الأحداث الّتي تجري على أرض بلدنا و نكون نحن كأفراد وكشعب وكمجتمع أطرافاً فيه أي بصدد الأحداث والمواقف والتصرّفات الّتي نمرّ بها ونعايشها وخاصة إذا طالت فترة المعايشة لدرجة لاتغدو فيه المواقف والتصرّفات تصرّفاتٍ ومواقف آنيّة أو مرحليّة قصيرة المدى والتّأثير بل تكون تصرّفاتٍ ومواقف جوهريّة تعبّر عن حقيقة ومضمون ومآرب من صدرت عنه لدرجة أنّه يغدو من الغباء والاستغباء أن تحاول إقناع الغير بعكس حقيقة وأهداف تلك التصرّفات وحقيقة من قاموا بها.

لطالما ترى البعض الّذي إلى الآن يحاول إقناعك بأنّ ما صدر ويصدر من مواقف وتصرّفات من الحزب الدّيمقراطي الكردستاني وقيادته وقياداته وممثّليه من تيّارات سياسيّة وأشباه أحزاب في ساحة روج آفا إنّما يصبّ في خانة المصلحة الكردستانيّة العامة والمصلحة الكرديّة في باشور و روج آفا  قافزين بذلك فوق كلّ الحقائقِ الملموسةِ والنّتائج المترتّبة على تلك المواقف والتّصرّفات, المصيبةُ الأكبر حين يحاول ذلك البعض إقناعك بأنّ النّهج السياسيّ لحزب الاتحاد الديمقراطي يخدم أعداء الكرد ويؤزّم الوضع أكثر, مستخدمين في محاولات إقناعك سياسة بدائيّة ركيكة قبليّة بل ومقزّزة أكل عليها الدّهر وشرب.

لقد أصبح الحديث في مثل هكذا تفاصيل من باب إثبات ما يتطلّب إثباته في مثل هكذا جدالات من الأمور التي تمّ تجاوزها منذ زمن ولم يعد هناك استعداد للحديث عن تفاصيل بالية و قديمة لا يتجاوز منطق الحديث فيها منطق من يمشي على محيط دائرة بهدف التقدم للأمام في حين أنه يدور ويدور في المسار ذاته.

هنا يطرحُ سؤالٌ جوهريٌ نفسهُ, هل أزمة هكذا أشخاص هي أزمةُ فكرٍ وإداراك؟ أمْ أزمةُ وطنيّة؟.

التعليقات مغلقة.