حافظ الأسد …. العدو الصديق !!
وأنا أعيد ما سرده الرئيس صالح مسلم حول معسكر الحزب في سهل البقاع اللبناني في أوائل الثمانينات وكيف تم انتزاعه عندما تراجعت بعض الفصائل الفلسطينية أمام الاجتياح الإسرائيلي وما رافق الاجتياح آنذاك من بطولات الكريلا في سهل البقاع و قلعة الشقيف خصوصاً وتصديهم للإسرائيليين .. وكيفية إجبار تلك الفصائل و معهم الجيش السوري بالتعامل مع أمر الواقع الجديد بعد إن ضحى الكثيرون من الرفاق في سبيل الحفاظ على المعسكر الذي كان بالأصل لفصائل فلسطينية ….
أثناء قراءتي للسرد استرجعت منشور كتبته قبل عام حول تبريد جبهة روجآفا قومياً لصالح جبهات كردستانية أكثر أهمية وسخونة مضمونه يدور حول أولويات المصالح القومية الكردية والتمييز بين المهم والأهم وتراتبيتها في البعد الإستراتيجي و إهمال أو تبريد العمل القومي في روجآفاي كردستان لصالح باشور كردستان وباكوره , ورغم مرارة ذلك في حينه إلا إنه نحن الآن نحصد نتائج تلك السياسات وبشكل إيجابي على ساحة روجآفا وكذلك في باشور وباكور .
المهم في التذكير بتلك الأيام هو عندما كان حافظ الأسد يقدم الدعم سياسياً وعسكرياً للحركة التحررية الكردستانية المتمثلة بالسادة جلال طالباني ومسعود برزاني وعبد الله أوجلان ويفتح لهم بوابة المدن السورية , كان أغلب هذه المعارضة الحالية تقف في جبهة صدام حسين وجبهة الفاشية التركية ضد أي نهوض قومي كوردي وعلى رأسهم الإخوان المسلمين والبعث الصدامي و اللذان يتصدران المعارضة السياسية والعسكرية الآن .
رغم إن التعامل مع الأسد الأب كان تعاملاً حساساً وقد وصفه القائد أوجلان حسب الرفيق مسلم ..بحالة رجل يركب على أسد جائع أي خطأ أو سقوط من ظهره سيكون مصيره الموت بين أنياب الأسد الجائع المفترس .
تم ترحيل القائد أوجلان و تسليمه للفاشية التركية و ذهب حافظ أسد وانقلبت المصالح هو استفاد من الكرد في إضعاف خصمه صدام حسين الذي كان يدعم الإخوان المسلمين و البعث اليميني ويزعج ايران الشيعية التي تعتبر الأم للطائفة العلوية والشيعية في لبنان وسوريا , وكذلك استفاد الأسد من ب ك ك في إزعاج تركيا التي كانت تدعم الإخوان المسلمين وتطمح لإعادة أمجاد الدولة العثمانية بدء من الشمال السوري كما يحصل الآن , و بنفس الوقت استفاد الكرد عسكرياً و سياسياً منه حيث تم تخريج عشرات الآلاف من الكريلا تحت أنظار وحماية ورعاية النظام السوري عدا تهيئة الكوادر و تدريب عشرات الآلاف من الشباب الكرد في روجآفا وهم الآن يقودون ثورة روجآفا في الوقت الذي كان كل العالم ماعدا اليونان وارمينيا ضد منظومة حزب العمال الكردستاني , وكذلك وصلت أطنان من السلاح والأغذية للبيشمركة للصمود في وجه صدام حسين .وكانت مطارات سوريا وجوازات السفر السورية في متناول قادة جنوب كردستان و كانت العاصمة دمشق وقامشلو الملاذ الآمن لهم في الوقت الذي كانت أنقرة اشدد الخناق عليهم .
بالمحصلة بقي الكرد وانتصروا في الجنوب وتصاعد نهوضهم في باكور واستثمروا تلك العلاقة أفضل استثمار وذهب صدام حسين وحافظ أسد وسوف يذهب بشار أيضا , وتغيرت المعاملة التركية وركعت لل ب ك ك وفاوضتهم مكرهة , نعم تم الغدر بمئات الكرد وتسليمهم لتركيا في صفقات استخباراتية وتم تسليم القائد اوجلان وتم توقيع اتفاقية أضنة وخسرت سوريا لواء اسكندرون نهائياً وبقي الاستبداد مستمرا على كورد روجآفا ولكن الفائدة الكردية بالمنطق القومي العام كان أكبر بكثير من خسائرهم في التعامل مع نظام حافظ الأسد .
هذا ما يطلق عليه تشارك المصالح و اللعب على التناقضات , التضحية في مكان والاستفادة في مكان آخر والشاطر الذي يربح أكثر ..وهذا ما تتبعه قادة الحركة الآن في روجآفا مع المحاور الدولية والإقليمية المتداخلة والداخلة في الصراع السوري .
أنا وقتها كنت من الأشخاص الذين لاموا وانتقدوا قيادات ب ك ك و قيادات باشور وكنا نتهمهم بالتضحية بنا لصالح مناطقهم ومصالحهم الحزبية ولم نقرأ البعد الإستراتيجي القومي جيداً حين ذاك .
وفي هذا السياق و للحقيقة والتاريخ وبالمقارنة مع نظام طهران وبغداد و أنقرة كان حافظ الأسد أقلهم وحشية اتجاه الشعب الكردي في روجآفا و إن كانت ردة فعله المرنة تتناسب مع النضال المتواضع للحركة الكردية إلا إن البيئة التي كانت سائدة هي ليست قمعية دموية أو وحشية كما يقول البعض ..إنما كانت تعتمد على إستراتيجية الخضوع وعدم تجاوز الدوائر الحمراء والإبقاء على الحركة الكردية وتشتيتها ما أمكن ولكن لم يفكر الأسد يوماً بإنهائها وتدميرها بشكل كامل كما كان الامر في الأجزاء الأخرى..بل كان يقصقص جناحات الحركة كل فترة ويزج بالبعض في السجون فترات أخرى ويزيد الخناق من خلال المؤسسة الأمنية ..على مبدأ “لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم “!
التعليقات مغلقة.