من مصلحة السوريين بناء التحالف الوطني الديمقراطي

42

“وصل الأمر بالمعارضة في مؤتمر الرياض إلى تكليف ممثلي تلك التنظيمات ككبير المفاوضين إلى جانب أحد الشوفينيين كرئيس المفاوضين، وتم تجاهل قضايا مهمة في سوريا كالقضية الديمقراطية ووضع مشروع سياسي عصري لسوريا المستقبل، والقضية الكردية وغيرها من القضايا المهمة

أحمد سليمان*

أحمد سليمان

الأزمة السورية تجاوزت الخمس سنوات وتكاد تكون في بداياتها رغم الدمار والقتل الهائل الذي حصل في أغلب مناطق سوريا، وتتوسع يوما بعد يوم،  ولاتزال قوى المعارضة تسير كما في بدايات الأزمة رغم الفشل الذريع الذي وقعت فيه ولا تزال، دون أن تفكر في إجراء أية مراجعة أو تقييم لما مضى رغم أنه أمر طبيعي ومهم جدا.

لقد اعتمدت المعارضة ومنذ البداية الرهان على الخارج، والقوى الإقليمية بشكل خاص، ولم تأخذ الوضع الداخلي الاهتمام المطلوب، وعند الحاجة إلى الداخل لتثبيت مواقعها بحثت عن القوى المسلحة التي كانت قد احتلت مواقع الجيش الحر، وتلك القوى بمعظمها كانت إسلامية متطرفة ، ووصل الأمر بالمعارضة في مؤتمر الرياض إلى تكليف ممثلي تلك التنظيمات ككبير المفاوضين إلى جانب أحد الشوفينيين كرئيس المفاوضين، وتم تجاهل قضايا مهمة في سوريا كالقضية الديمقراطية ووضع مشروع سياسي عصري لسوريا المستقبل ، والقضية الكردية وغيرها من القضايا المهمة. و بذلك أكد من جديد على فشله في طمأنة الشعب السوري ، وفقدت مصداقيتها لدى المجتمع الدولي،  وكان من نتائج ذلك فشل مفاوضات جنيف وتعليق الحل السياسي إلى أجل غير مسمى.

وبعد أن ازدادت سخونة جبهات القتال مؤخرا، استغل النظام الارباك على الارض، ونتائج المباحثات في جنيف والتوافق الدولي على أولوية محاربة الاٍرهاب في سوريا، محققا تقدما كبيرا في عدد من الجبهات خاصة في حلب. وما لبث إن انقلب الأمر لصالح القوى المسلحة وتراجعت قوات النظام، في إشارة واضحة إلى ان الحسم العسكري وهم كبير في مخيلة النظام والمعارضة، وما يحصل من دعم للإبقاء على ديمومة الحرب طالما لم يحصل توافق على الحل السياسي من قبل الأطراف المعنية بالأزمة السورية دوليا واقليميا وداخليا.

على أثر اعلان جبهة النصرة فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى ( جبهة فتح الشام ) وتسابق أقطاب المعارضة في الثناء على الخطوة، واعتبار ذلك مكسبا مهما للثورة السورية ولقوى المعارضة ، لتقع في نفس المطب منذ بدايات الثورة السورية وحتى تاريخه.

 إن مواجهة الديكتاتورية والقمع والإتيان ببديل ديمقراطي في سوريا عبر حلّ سياسي لا يمكن تحقيقه من خلال هذا التخبط وتسليم زمام الأمور لقوى التطرّف والارهاب، قد تقنع  قوى المعارضة نفسها بهذا التغيير، ولكنها لن تنطلي على المجتمع الدولي وخاصة مراكز القرار الذين يتحكمون بالقرار السوري في الواقع.

 إن الأزمة وتعقيداتها تتطلب من القوى المؤمنة بالديمقراطية والتعددية والعلمانية وحقوق المرأة في سوريا إلى رصّ صفوفها، والتعاون فيما بينها لمواجهة الواقع، وانقاذ سوريا من الاٍرهاب والديكتاتورية والتعاون مع المجتمع الدولي للوصول إلى حل سياسي يضمن للجميع حقوقهم، من خلال نظام ديمقراطي برلماني تعددي اتحادي. وفي هذا السياق اجد بأن الأطراف السياسية في الحركة الكردية تتحمل بدورها مسؤولية مواجهة هكذا مشاريع، التي تشكل  واقعا خطيرا في سوريا لا يمكن مواجهتها وستؤدي بسوريا وشعبها إلى التهلكة، ومن مصلحة الكرد والسوريين جميعا العمل من أجل بناء التحالف الوطني الديمقراطي العلماني في سوريا من أجل إنهاء الحرب وبناء سوريا ديمقراطية اتحادية

*عضو الهيئة العاملة في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

نُشر هذا المقال في العدد (49) من صحيفة  buyerpress 

2016/8/15

مقالات 2

التعليقات مغلقة.