القرباطي يوسف العظمة

171

زاوية يكتبها: طه خليل

02

” الكرد قرباط، فمتى كان للقرباط وطنا؟ .. الكرد ليسوا ” بني آدم “،.. علينا ان نعمل لقتل الكرد أينما وجدناهم،.. جاء الكرد مهاجرين ومشردين فأويناهم وأطعمناهم، واليوم يتنكرون للجميل وعلينا تأديبهم، ودعسهم بالبوط العسكري،… وحده البطل صدام حسين عرف كيف يتعامل معهم.. الكرد عبارة عن أناس عاطلين عن العمل، يعملون في المطاعم كخدم، أو ماسحي أحذية،… الكرد انفصاليون، تقسيميون، لا تاريخ لهم .. الخ..”

هذه بعض الجمل والمقتطفات مما أجادت به قريحة شريحة من ” الأخوة العرب ” من مثقفين وسياسيين و” وثوريين ” ومعارضين لنظام الأسد، في الفترة الأخيرة وبالتحديد بعد إعلان مشروع الفيدرالية في روجآفايي كردستان وشمال سوريا، وبالطبع حين جاءت مجاميع داعش من كل أصقاع الأرض، من أوزبكستان حتى الشيشان وبلاد القوقاز ونجد وتونس واحتلت نصف سوريا والعراق وأعلنت دولة وصكّت النقود، وقطعت رقاب الشعراء والمثقفين والأبرياء لم يتنطح أحد من هؤلاء لهم، ولم يحرّك ساكنا، خوفا على ” وحدة سوريا “.

الذين كتبوا تلك النعوت يخطّطون لمستقبل سوريا ويحاورهم النظام ليتفقوا على بنود لإدارة دفـّة الحكم في البلاد، وقضى الكثيرون منهم سنوات في سجون النظام السوري كمعارضين، هؤلاء هم الذين كنا ننظر إليهم أنهم سيقفون مع حقوقنا إن جدَّ الجدّ يوما، وقامت ثورة في سوريا، الشاعر الذي ألقينا معه الشعر يوما، والسياسي الذي جلسنا في الأقبية نستمع إليه وهو يحلل السياسة ويتحدث عن الامبريالية وعن جرائم ” الصهيونية” ويدعو إلى نبذ الفكر القومي واحلال التعايش المشترك بدلا عنه، لمجرد ان فكر الكرديّ اليوم أن يعبّر عن نفسه، ولمجرد إن راح الكرديّ يرثي دمه، ويحدّد خياراته كشعب وكإنسان هبّ هؤلاء جميعا، ليهدوا سدود القيح والحقد والكراهية والعنصرية في صدورهم، متناسين أنهم قبل عدة سنوات كانوا يرسمون ويغنون ويحبون النساء ويشتمون نظام الطاغية .!

ولتذكير هؤلاء سأروي لهم حكاية عن قرباطي أقام له السوريون الشرفاء تمثالا، وسموا باسمه ساحة في دمشق، في العشرينات عندما وصلت طلائع جيش الاحتلال الفرنسي مشارف دمشق، كان “القرباطي ” يوسف العظمة وزيرا للحربية، وعرف أن لا حول ولا قوة لجيشه في صدّ القوات الغازية، وعندما قام أجداد هؤلاء الشعراء والسياسيين والمثقفين ( الذين ينعتوننا بتلك الصفات) بتحضير أنفسهم لاستقبال الغزاة، وتقديم الزهور والنساء لهم، صعد القرباطي يوسف العظمة مع بعض من جنوده ( وكان معظمهم من قرباط دمشق ) وخطب فيهم قائلا: ” أعرف أن القوة بيننا وبين الفرنسيين غير متكافئة، وأعرف بانني سأستشهد، وقد تستشهدون معي، ولكنني سأحاربهم، وسألتقيهم خارج دمشق كي لا يسجل التاريخ أن جيش الاحتلال الفرنسي دخل دمشق بدون مقاومة.”

فكان أن اتجه إلى ميسلون في روابي دمشق وقاتل الغزاة حتى استشهد القرباطي الكردي يوسف العظمة، ولم يسجل التاريخ أن دمشق لم تقاوم، فنسي ” ثوار اليوم ومعارضي الأسد ” فحشاء ذويهم، وعيونهم التي تشبه عيون الفرنسيين، ويفكرون أن يعودوا الى دمشق على ظهر دبابات حديثة من ناتو تركيا الطارئة، وسيمرون من ساحة يوسف العظمة ليخطبوا من جديد مهنئين الشعب السوري بالنصر ومهددين القرباط بالويل والثبور.

لكن ظِلّ سيفٍ بـيَدِ الكردي يوسف العظمة سيظل أعلى من قاماتهم، حتى وان مروا بالمجنزرات من هناك.

سلاماً لوحشة الكرد وهم يرقصون حتى في الأعراس على طبلة الأخوة العربية الكردية.

نُشر هذا المقال في العدد (40) من صحيفة buyerpress

2016/4/1

طه

التعليقات مغلقة.