عمالة الأطفال.. صورة من واقع أسود

59

خاص – Buyerpress

480       عمالة الأطفال صورة من واقع أسود
بشرى حامد

ديريك – استمرار وتيرة العنف في سو ريا على مدى أكثر من أربع سنوات وتمددها لتشمل كافة المناطق السورية أفقد الكثير  من مقومات العمل داخل الأراضي السورية،حيث طالت الحرب كل شيء وأرغمت السوريين في الكثير من المناطق والمدن على ترك بيوتهم بسبب القتال والنزاع المستمر بين الأطراف المختلفة والمتنازعة لتصيب المجتمع السوري بأمراض اجتماعية و تخلق ظواهر جديدة، كظاهرة عمالة الأطفال.

ومع انهيار قيمة الليرة السورية والارتفاع الشديد في الأسعار والسلع والمواد الغذائية الأساسية، نتج عنه سقوط الكثير من المشاريع الصغيرة التي كان يديرها بعض الأشخاص وبعض الأسر مثل المعامل الصغيرة ومشاغل الخياطة والكثير من المشاريع الزراعية الصغيرة والأعمال الخدمية والفردية والتي كانت تشكل مصدر دخل لمعظم الأسر في كافة المناطق السورية, لتتضاءل فرص الحصول على عمل يوفر الدخل المطلوب للأسر السورية.

ولم تكن روجآفاي كردستان أقل حظاً عن مشهد الخراب السياسي و الاقتصادي السوري بل واجهت حصارا اقتصاديا فرض على أرباب الأسر ظروفا معيشية صعبة جعلتهم يغضون النظر عن تسرب أطفالهم من المدراس و انتقالهم للعمل في مهن مختلفة لتدبر أمورهم المعيشية.

فيما يعتبر البعض أن انهيار العملية التربوية في غرب كردستان كان سببا مساعدا للمعاناة الاقتصادية التي يعاني منها الأهالي وبوجه خاص الأسر السورية النازحة إلى المناطق الكردية والتي تمتاز بأمان نسبي مقارنة غيرها من المناطق الكردية.

ابراهيم طفل في ربيعه الحادي عشر اضطر إلى ترك المدرسة والنزوح مع عائلته إلى المنطقة الشرقية من سورية, حيث الأمان والاستقرار النسبيين, وبسبب عدم قدرة والده على توفير دخل مناسب لإعالة أخوته الصغار. اضطر ابراهيم للرضوخ لواقع الأمر بترك المدرسة والعمل في إحدى المطاعم,لمساعدة الوالد في توفير لقمة العيش.

وبنبرة حزينة وعيون ملؤها الدموع التي حاول جاهدا أن يخفيها, يتابع إبراهيم حديثه:  لقد كنت من المتفوقين في صفي, وكان لدي حلم في أن أصبح طبيبا في المستقبل، لكن الآن انتهى كل شيء, لقد خسرنا منزلنا بسبب الحرب, وخسر أبي عمله”.

وبصوت يصدح بالأمل يقول:” أتمنى أن تنتهي هذه الحرب وأن أعود إلى مدينتي ومدرستي وأصدقائي الذين لا أعلم عنهم أي شيء منذ أن خرجنا من دارنا”.عماالة

اما الطفل يوسف فله حكاية أخرى يستيقظ باكر ويأتي ببضاعته التي لا تحتاج إلى رأس مال كبير حسب قوله, فهي بضع علب من البسكويت وبعض المنظفات ويجول في شوارع المدينة عله يبيعها. فقد غادر يوسف منزله مع عائلته عندما تعرض للقصف وخسر في هذا القصف والده،لذلك اضطر إلى العمل هو وأخوه الأصغر البالغ من العمر أحد عشر ربيعا،ويضيف كلاما للوهلة الأولى تشعر بأنه أصبح رجلا قبل أوانه:”  إن الظروف صعبة وأنا أكسب بعض المال من أجل اسرتي والحياة أصبحت أكثر صعوبة من ذي قبل, إذا لم أعمل فمن سيعيل أمي وأخوتي الصغار”

الساحة الاقتصادية تحمل في طياتها الكثير من الخلل الذي استحضرته الظروف, الظروف الاقتصادية الصعبة تتجاوز قدرات الكثيرين على توفير متطلبات العيش, وهذا أدى لبروز مشكلات كثيرة وظواهر لم تكن موجودة قبل الأزمة ألا وهي أمية الأطفال وانتهاء أحلامهم وطموحاتهم بمستقبل مشرق كما كانوا يحلمون به، يحدث هذا أمام أنظار الكثير من منظمات المجتمع المدني العاملة في غرب كردستان وبوجه خاص تلك التي تعنى بشؤون الطفل.

نشرت هذه المادة في العدد 38 من صحيفة Buyerpress تاريخ 1/3/2016

فنصة

 

 

التعليقات مغلقة.