ما بين الحل العسكري والتفاهمات الداخلية والخارجية ؟

40
ازاد-علوانكي
آزاد علوانكي

بعد الدخول الخارجيّ المباشر في سوريا عن طريق الحلف الدوليّ ضد الارهاب بقيادة امريكية ومن بعدها تفاهمها مع روسيا بالدخول المباشر وعقد عدة مؤتمرات دولية والعمل على استجرار المؤتمرات وتواليها, هل ستصل الدول والمحاور الدولية مع حلفائها بالداخل إلى ايجاد أرضية لإخراج البلاد من النفق المظلم؟ هذا النفق الذي يتشارك به جميع الأطراف الخارجية كانت أم الداخلية بالمسؤولية الكاملة لإيصال سوريا إلى ما آلت اليه من دمار وخراب وعلى راسه النظام وقواه التكفيرية المتطرفة.

أما بالنسبة الى السيناريوهات المرتقبة والتي تم طرحها بالتزامن مع المؤتمرات السابقة واللاحقة وكيف يمكن التأثير على آخرها ونتيجتها الصعبة وهو التفاوض ما بين ممّثلي النظام والمعارضة, وهل تسمح الأرضية في الوقت الراهن بنجاح هكذا مفاوضات, بحسب الاستقراءات ونتائج ما تمّ إقراره نيابة عن الدولة السورية والمعارضة لا يبشر بأرضية خصبة لإنجاح المفاوضات المرتقبة بين أطراف النزاع, لأن كل طرف لا يزل يتلقى الدّعم من حليفه الذي لا يتنازل للطرف الآخر طالما الدعم مستمرّ, فكلا الطرفين متمّسك بما يسميانه ثبوتيات لا يمكن التنازل عنها سواء أكان إسقاط النظام من طرف المعارضة أم مكافحة الارهاب من طرف النظام.

وكما إن المعارضة بأطيافها باقية وتستمد قوتها من محورها الداعم والمتمثل بالمحور السنّي والذي تترأسه السعودية وتركيا وقطر وإيصال هذا الدعم عن طريق تركيا التي تؤمّن طريق الإمداد العسكري وإمداد المعارضة بالمقاتلين القادمين من الخارج يبقى النظام أيضا مستمداً قوته من داعميه المتمثلين بالمحور الشيعي المتحالف مع روسيا, فهذا المحور الذي يقاتل بجانب النظام عن طريق الميليشيات الشيعية العراقية والايرانية وحزب الله والقوات الروسية . باستثناء بعض الأطراف المعتدلة المدعومة تارة من الطرف الروسي وحلفائه وتارة أخرى من الطرف الامريكي وحلفائه أيضا, وهذا الطرف الذي سيقف يوما في موقف محرج لتحديد موقفه واصطفافه على الجانب الصحيح. وإن الخلافات الدولية الحالية بشان الملفّ السوري متعلقة بشرعيّة الأسد, هذا الموقف الذي يتمسك به الطرف الداعم للنظام وحلفائه أي المحور الشيعيّ الروسيّ ومع هذا التمسك, فإصرار روسيا على تحريك المفاوضات بين طرفيْ النزاع في سوريا وتوسيع دائرة المشاركة من الأطراف المعارضة مستقبلا وعدم الوقوف على مؤتمر الرياض والاكتفاء به, هذا ما تعارض عليه بعض الأطراف الأخرى والتي ترفض وضع قوائم جاهزة قبل البدء بعملية التفاوض, حيث أنها تعبّر عن ذلك بانتهاك السيادة السورية بالتزامن مع الحرب الأهلية بين الحكومة والمعارضة والتدخل المسلّح من أطراف خارجية يجب الوقوف على حلها وإخراج تلك الأطراف قبل البدء بالعملية التفاوضية, وإذا لم تتوضح وتتوحد الرؤى من هذه التناقضات, لا يمكن التوصل لأرضية مشتركة تتفق عليها جميع الأطراف من أجل تصحيح مسار التفاوض المزمع.

وإن الآونة الاخيرة التي أوجدت تفاهمات دوليّة حول مكافحة الخطر على العالم المتمثل بالإرهاب المنبثق من سوريا قاربت المواقف كثيرا وخصوصا ما بين أمريكا وروسيا حول سبل لتسوية الأزمة السورية وأن كلا الطرفين سيعملان على إقناع حلفائهم بالحل السريع وخصوصا بعد الأعمال الارهابية التي شهدتها فرنسا.

وخلاصة تشابك الأزمة في سوريا وعمل الدول وإسراعها على التفاهمات في الموضوع السوري لا يمكن إلا بتسويات المحاور الخارجية الداعمة للأطراف الداخلية حيث تقوم على الآتي:

– إن الاولوية الأهم هي ضرب الارهاب ومن خلال جميع الأطراف سواء أكانت الخارجية أم الداخلية لأن أهمية القضاء على الإرهاب تأتي في أولى الاهتمامات, كونها تمثل التهديد الأكبر للخارج والقضاء عليها داخليا قبل أن تصدر.

 – بحث قضية وقف إطلاق النار من كلا الطرفين, ووقف الغارات الجوية من قبل النظام والتي يجب أن تنحصر بالتنسيق بين التحالف الأمريكي الغربي والروسي والعمل على تأسيس جيش وطني يضمّ جزءً من النظام والمعارضة المعتدلة وتسليم الأراضي إليه تباعا.

– استئناف حوار سياسيّ جدّي بين السلطة السورية والمعارضة المشروطة بانضمام جميع الأطراف والمكوّنات إليها فهنا تكمن الإشكالية, فحساب النظام بعض الأطراف المعارضة على أنها إرهابية وحساب المعارضة بعض الأطراف الأخرى بأنها تابعة للنظام وهي معارضة مصطنعة.

– التفاهم على تسمية التنظيمات الإرهابية, فالنظام وحلفائه ينظرون إلى المعارضة المسلحة على أنهم إرهابيين باستثناء المدسوسين من قبل النظام بغرض تشويه سمعة المعارضة أو التجسّس عليها, أما بالنسبة للمعارضة وتسميتها للإرهاب فهم يسمون الميليشيات الشيعية وحزب الله وداعش بأساس الإرهاب.

– أما بالنسبة للوجود الكردي والتمثيل الكرديّ في هذا الوقت ضمن المفاوضات الدولية فهي ضعيفة أو شبه معدومة ومن أسبابها تدخل أطراف عديدة, فروسيا تصرح بأن للكرد حقّ في سوريا المستقبل, كما الغرب أيضا يصرّح ولكن ما هي الضمانات وكيف ستكون سوريا المستقبل بدون اعتراف دستوري بحقوق الكرد لأن مشكلتهم ممتدّة من الخارج إلى الداخل أي أطراف غير سورية تؤثر على مسار حل القضية الكردية في سوريا كتركيا وإيران وهنالك احتمال أيضا بعدم إشراك الكرد ضمن صفوف المعارضة أو النظام على وعود خارجية بتسليمهم المناطق الكردية كونهم مسيطرين على مساحات واسعة اداريا وعسكريا . ومرتبطة أيضا بالموقف الكردي غير الموحّد بمطالبه ضمن سوريا المستقبل.

فالتدخل التركيّ في الأيام الماضية ضمن أراضي روجآفاي كردستان لم يكن عبثا ولا بتصرّف خاصّ مرتبط بالدولة التركية دون أخذ الضوء الأخضر من بعض القوى الدولية وضغطا على الكرد بأطرافه لتوحيد موقفهم أو تحييد موقفهم من النظام والثورة السورية.

ولا نغضّ البصر عن موقف النظام والمعارضة حول القضية الكردية, فكلاهما يقترحان بحلّ مؤقت ويقنعان أنفسهما بأنه  ومن غير الممكن في هذا الوقت الراهن حلّ القضية الكرديّة دفعة واحدة, لأنها ليست وليدة المرحلة فهي تراكمية عبر الزمن, وهذا ما لا يتقبله المجتمع الكرديّ المؤمن بعدالة قضيته وشرعيّتها ضمن سوريا ديمقراطية فيدرالية لا مركزية.

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 34 بتاريخ 2016/1/1

16

التعليقات مغلقة.