المجلس الوطني الكردي وسياسة الانتظار…..؟؟!!!

34

 

اكرم“ورغم ذلك بقيت مشاركة المجلس في الثورة رمزية وخجولة واستند في وجوده وسياسته على علاقاته مع إقليم كردستان العراق وما يتمتع من تأثير واحترام في الشارع الكردي السوري لكن الرياح لم تجري كما تشتهي سفن المجلس لأن حزب الاتحاد الديمقراطي عمل على استقطاب الشباب من خلال تأسيس قوة عسكريّة تحت يافطة حماية المنطقة الكردية وقد جذبت الشعارات التي أطلقها الحزب والبندقية التي طالما حلم بها الشباب قطاعات واسعة من الشعب الكردي إلى أن تم سحب البساط من تحت إقدام المجلس”

بعيدا عن كل ما يقال حول الأسباب التي دعت إلى نشوء المجلس الوطني الكردي  والغايات التي تكمن ورائه والأهداف المتوخاة منه والدور المنوط به و الفائدة السياسيّة وكل الفرضيات الأخرى التي قد تساق هنا أوهناك وحقيقة الصراع والتناحر القائم اليوم بينه وبين حركة المجتمع الديمقراطي وإلى أن يأتي اليوم التي تنكشف فيه الحقائق حول كل تلك الأسئلة فليس هناك من حاجة لاكتشاف البارود من جديد لأن مواقف المجلس هي انعكاس طبيعي  لمواقف معظم أحزابه حتى قبل تشكيله !! فمنذ الأيام الأولى للثورة واعتقال أطفال درعا لا بل منذ الاعتصام الذي جرى أمام وزارة الداخلية بدمشق ! ليس هناك من حاجة إلى الكثير من الذكاء والتعب كي يدرك المرء بأنّ  معظم أحزاب الحركة الكردية السورية نأت بنفسها عن الحراك والمشاركة ولم تستطع تجاوز الموقف الايديولوجي العقيم إلى الموقف السياسي الخصب المشروط بالزمان والمكان، وبعد أن أحس النظام والأحزاب بخطر المد الشبابي وانفلات الشارع إثر انطلاقة التظاهرات في المنطقة الكردية، التقت مصالحهما وسعيا و بكل السبل لتدارك هذا الخطر  ووأده و الحد من انتشاره بالاستفادة من معطيات الواقع والخبرة التاريخيّة وعدم وجود قيادات شبابية وغياب الدعم المعنوي واللوجستي وهكذا تم استهداف الشباب ووقع العديد منهم ضحية لهذا الاستهداف، وبقيت هذه الأحزاب بعيدة عن الشارع وما يجري فيه وفضلت سياسة الانتظار تحت دعاوي مختلفة منها الانتظار حتى قيام مدن أخرى بالتظاهر و عدم تعريض المنطقة الكردية للخطر لتبرير خوفها وعدم مشاركتها، وحتى بعد مشاركة حمص، تذرع العديد منها بعدم مشاركة المدن الرئيسة كمدينة حلب، وكان الكثير يراهن على قدرة النظام على سحق الثوار  واعادة الاوضاع إلى ما كانت عليه وبعد عقد اللقاء التشاوري في مدينة القامشلي في 15/9/2011 والبحث عن كيان سارعت أحزاب الحركة الكردية للبحث عن إطار تحتمي به وتبرر موقفها، ولاقى هذا العمل استحسانا ودعما كردستانيا فجرت انتخابات علنيّة لمجلس شعب غرب كردستان من قبل الاتحاد الديمقراطي بعد أن رفضت الأحزاب شروطه، وهكذا تشكل المجلس الوطني الكردي  في 26/10/2011 بمدينة القامشلي وعلى مرأي ومسمع الجميع وجاء موقفه ملتبسا من الثورة حيث أبدى مساندته للحراك الشبابي، و سعى إلى بناء علاقات مع رئاسة إقليم كردستان الذي أمده بالمال والدّعم الإعلامي وفتح له طريق السياسة الدولية، لكن المجلس بقي دون أية فاعلية لأن المشكلة في النفوس لا في النصوص ونشبت أول أزمة داخلية بعد عودته بسبب الدّعم الذي قدم له واستهلكت هذه القضية الكثير من الوقت والجهد وافقدته هيبته ومصداقيته لدى الداخل والخارج ورغم ذلك بقيت مشاركة المجلس في الثورة رمزية وخجولة واستند في وجوده وسياسته على علاقاته مع إقليم كردستان العراق وما يتمتع من تأثير واحترام في الشارع الكردي السوري لكن الرياح لم تجري كما تشتهي سفن المجلس لأن حزب الاتحاد الديمقراطي عمل على استقطاب الشباب من خلال تأسيس قوة عسكريّة تحت يافطة حماية المنطقة الكردية وقد جذبت الشعارات التي أطلقها الحزب والبندقية التي طالما حلم بها الشباب قطاعات واسعة من الشعب الكردي إلى أن تم سحب البساط من تحت إقدام المجلس، فتدخلت قيادة الاقليم وضغطت على الطرفين لعقد  اتفاقية هولير  وتأسيس الهيئة الكردية العليا و استبشر الكثيرون وتفاءلوا بهذا الاتفاق الذي لم يدم طويلا بسبب تفرد الاتحاد الديمقراطي وضعف اداء المجلس ومراهنته على تبدل الأوضاع واعتقاده بأنّ  رحيل الاتحاد الديمقراطي مرتبط برحيل النظام، وتعالت أصوات البعض منهم بأنه مع رحيل النظام ستدخل قوات البشمركة وستغير من ميزان القوى وستعيد للمجلس وزنه النوعي ودوره الجماهيري-سياسة الانتظار والاعتماد على الغير- لكن النظام لم يرحل، وتحت ضغط وإلحاح المجلس والطلب من رئاسة الإقليم تم عقد اتفاقية هولير2 لكن المجلس لم يفلح مرة أخرى في أن يكون شريكا في إدارة إقليم كردستان سوريا واصطدم بذات العقلية والأسباب التي أفشلت اتفاقية هولير الأولى وخاصة الشق العسكري منها، وعاد المجلس من جديد إلى ذات السياسة الانتظاريّة السابقة التي يعتبر المجلس خبيرا في هندستها وممارستها وتوجه هذه المرة إلى المعارضة السورية وخاصة الائتلاف ووقع معه وثيقة تضمنت عددا من النقاط، التي لو استثمرت لكانت في صالح الكرد والوجود الإنسانيّ على السواء ،لأن هذا الانضمام كان من شأنه أن يعزز موقف الكرد في المعارضة ويوفر الدعم الاغاثي لأبناء المنطقة الكردية، لكن تردد المجلس وضعف ممثليه في الائتلاف وعدم معرفته بحجم الحصان والسرج المناسب جعل المجلس يترنح دون وزن أو تأثير ، وتحول وجوده في الائتلاف إلى وبال أثقل كاهله بسبب فتح حزب الاتحاد الديمقراطي النار على الائتلاف من كل الجهات وبعد أحداث كوباني والاستيلاء على معظمها من قبل المجموعات المتطرفة وحاجة الاتحاد الديمقراطي لاتفاق من شأنه أن يعزز دعم التحالف الدولي عقدت اتفاقية دهوك وملحقها لتقاسم النفوذ والشراكة إلا أنها لم ترَ النور لذات العقليّة ولنفس الأسباب.
وأخيرا فإن المجلس الوطني الكردي عبر مسيرته اعتمد على دعم رئاسة الاقليم وعلى علاقاته الاقليميّة والدوليّة وافتقد الوضوح في رؤيته وفي قراءته للأحداث  وانطلق من الواجب لا من الواقع العنيد  وفضّل سياسة الانكفاء والتبوغ والانتظار بانتظار ” المنقذ” أو “المخلص” وباعتقادي لولا دعم قيادة الإقليم للمجلس لما كان له وزن لا بالعير  ولا بالبعير !!! لذلك لا يمكن للمجلس أن يستعيد حيويته وعافيته إلا بإعادة هيكلته ومأسسته وضخ دماء جديدة فيه وصياغة مشروع نضاليّ شفاف تكون فيه المصلحة الكردية العليا فوق أي اعتبار ، وهذا ما يجب أن يعمل عليه بعد حضور ممثليه مؤتمر الرياض!!!

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 33 بتاريخ 2015/12/15

03

 

التعليقات مغلقة.