كرد سوريا: أين المفر؟! تركيا من الشمال وداعش من الجنوب – هشام عرفات

34

الكرد في صحافة الغرب

هشام عرفات copy
هشام عرفات ومراسل جريدة الاندبندنت البريطانية في كردستان

كانت لحادثة غرق الطفل السوري آلان الكردي صدى واسعا في وسائل الاعلام العالمية، ومن بين العشرات من المقالات المنشورة في الصحف الغربية والأمريكية، تطرقت الاندبندنت لهذه الحادثة وما لها من أثر على قرارات القوى الاقليمية والعالمية على القضية السورية عموما والقضية الكردية في سورية خصوصا.

فبعد تلاشي اسم كوباني من نشرات الأخبار وعناوين الصحف، احتلت هذه المدينة الصفحات الأولى من الصحف ونشرات الأخبار مرة أخرى بعد حادثة غرق آلان، فمن هذه الحادثة تطرق الكاتب والصحفي الايرلندي باتريك كوبرن للأوضاع السيئة في مدينة كوباني ومستقبل روجآفا على كافة الأصعدة في مقال منشور منذ عدة أيام:

إن كوباني في شمال شرفي سوريا والتي كانت يوما ما موطنا للطفل آلان الكردي وعائلته باتت خرابا بعد حصار دام أربعة أشهر من قبل مقاتلي داعش وانتهى في يناير. لقد كان انتصار القوات الكردية آنذاك من أعظم الانتصارات في التاريخ الكردي، إلا أن الثمن كان باهظا. فقد تشرد أكثر من 300 الف من الكرد السوريين من سكان كوباني وأكثر من مئتين وخمسين قرية حولها ولجؤوا إلى تركيا.

لقد خسر داعش معركة كوباني ولكن المدينة ما تزال مقفرة وشبه خالية وغير آمنة. فقد تم تدمير نحو سبعين بالمئة من المدينة بقذائف الهاون والسيارات المفخخة لانتحاريي داعش إضافة إلى نيران الصد الكردية وضربات طيران التحالف. ففي الكثير من الأبنية كان داعش يضرم النيران ويخلق هالات من الدخان للتمويه عند قدوم طائرات التحالف.

تفتقد مدينة كوباني الى خدمات المياه والكهرباء، ناهيك عن الأبنية التي فخخها داعش والتي لا يمكن ازالتها بسهولة. لم تكن معركة عادية في كوباني، فقد كان القتال أكثر ضراوة وشدة وأطول زمنا من المعارك التي دارت في سوريا والعراق بين داعش والقوات الحكومية في الدولتين. ففي تلك المعركة فقد داعش أكثر من الفي مقاتل بينما فقدت القوات الكردية (وحدات حماية الشعب) حوالي 560 مقاتلا ومقاتلة.

فبعد انتهاء معركة كوباني، عاد عدد قليل من اللاجئين الكرد في تركيا الى كوباني، لأن الحياة بين الأنقاض أفضل بكثير مما هي عليه في المخيمات القذرة. ومن ناحية أخرى كانت السلطات الكردية السورية واثقة تماما أن داعش غير قادر على القيام بأي هجوم مضاد. إلا أنه في الخامس والعشرين من يونيو تسلل نحو 100 من مقاتلي داعش مرتدين بزات القوات الكردية الى كوباني وارتكبوا مجزرة راح ضحيتها أكثر من 233 من الرجال والنساء وحتى الأطفال بين قتل وذبح الى جانب 35 مقاتلا من القوات الكردية (YPG). لقد كانت هذه الحادثة بمثابة رسالة الى اللاجئين الكرد السوريين في تركيا مفادها أن المدينة لن تكون آمنة أبدا، ومن كان يفكر بالعودة الى كوباني، رفض الفكرة وبات يفكر بملاذ آخر للفرار آو الهروب من الوضع المزري في تركيا. فرغم مساندة طيران التحالف للقوات الكردية، عاد داعش الى كوباني آنذاك. تلك كانت الرسالة.

لقد بات الكرد السوريون لاعبا استراتيجيا هاما في الحروب الأهلية في المنطقة، بغض النظر عن تعدادهم. فقد أسسوا اقليما كرديا مستقلا وبات معروفا باسم روجآفا أو كردستان سوريا يحكمه حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وقوات وحدات حماية الشعب التابعة له. فمنذ اكتوبر الماضي كانت القوات الكردية في سورية (YPG) هي القوة البرية الوحيدة التي حققت انتصارات ضد داعش، إلا أن هذه المحاسن للكرد السوريين جعلهم هدفا للعديد من أعدائهم. فتركيا تفزع من أي فكرة لدولة كردية على حدودها الجنوبية وخاصة إذا حكمها حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعتبر فرعا من حزب العمال الكردستاني الذي يحارب تركيا منذ عام 1984.

والخلاصة فإن اقليم روجآفا (كردستان سوريا) الخصب المليء بالقمح والنفط والذي يعتبر الأكثر أمانا بالمقارنة مع باقي مناطق سورية مازال يشوبه الغموض بشأن مستقبله. فكرد سوريا محاطون بالأعداء: تركيا من الشمال وداعش من الجنوب. وعلاوة على ذلك، فإن أي منتصر في الحرب الأهلية السورية قد يتحرك لتقويض أركان الاقليم الكردي السوري. وكوسيلة لمواجهة هذه الأخطار، لا نستغرب فرار الكثير من كرد سورية إلى أوروبا رغم ان تلك الرحلة محفوفة بالمخاطر ايضا.

ويبقى السؤال: أين المفر؟!

*هشام عرفات: مترجم كردي من روجافا ومراسل جريدة الاندبندنت البريطانية في كردستان.

hisham-arafat@hotmail.com

نشر هذا المقال في العدد 27 من صحيفة Buyerpress

 

273 مصغر

التعليقات مغلقة.