أكرم حسين وعلي شمدين..في كفتي الميزان

37

حسن اسماعيـل

بدون عنوان-1

بالتأكيد كان العنوان البارز لمقال السيد على شمدين (نحو قراءة صحيحة لتصريحات الرفيق عبدالحميد درويش) هو الدافع الرئيسي لقراءتي المقال المذكور و العودة للثلاثية السردية للكاتب أكرم حسين ( في تيه الكردي) !!، و التي يحاول فيها الكاتب إظهار التناقض و الاضطراب في المواقف و التصريحات الآنية للاستاذ عبدالحميد درويش و لا سيما تصريحاته في إمكانية العودة للحوار مع النظام السوري.

لا أخفيكم بأنني حاولت قدر المستطاع الحيادية في وضع القراءتين في كفتي الميزان و إظهار الصورة التي استخلصتها بكل واقعية و بمنأى عن التحيز لطرف دون آخر.

المصيدة الأكثر جدلية و التي أوقع شمدين قارئه فيها هي العنوان الموحي دون أي شك بأن الكاتب أمام توضيح و إظهار لكافة المسوغات و الظروف و الحقائق التي يستند فيها الاستاذ عبدالحميد درويش في تصريحاته و رؤيته السياسية الحالية للوضع الكردي في سوريا و طبيعة دعوته الحواريّة مع النظام إلا أن القارئ يصطدم و هو يقرأ بتمّعن ما أورده شمدين بأنه لا يذكر أي قراءة أو رؤية توضيحية لمواقف و تصريحات درويش لا من قريب و لا من بعيد.

شمدين و من خلال سرده يبتعد كل الابتعاد عن مضمون الحالة المراد توضيحها و تبيان ملابساتها لتكون صورة واضحة أمام الجمهور الكردي المنتظر و يتحول إلى ردود عاطفية في مدح التنظيم الذي ينتمي إليه باذخا في مدحه و مدح قيادته و سكرتيره العام الاستاذ عبدالحميد درويش، و بالمقابل فإنه يقع في شِباك اتهام الآخر( أكرم حسين )، و بصورة تخلو من أي تحليل فكري و استراتيجي لمقاله الفكري..!

شمدين و بتهجمه المباشر على اليسار الكردي التاريخي و اتهامه بالعداء لحزبه التقدمي و لشخصية سكرتيره العام و التحول باتجاه اكرم حسين من خلال اتهامه بالتبعية للسيد صلاح بدرالدين و من خلال الفاظ لا تليق بالكتابة السياسية التحليلية يخالف الواقع و مقال السيد اكرم حسين الذي لم يحتوي في طياته أي إشادة بالسيد بدرالدين و تياره اليساري سوى المقارنة المنطقية بين الاتجاهين و الشخصيتين الرئيسيتين.

أكرم حسين يحاول و من خلال أسلوب التحليل السياسي و الفكري للحالة السورية الراهنة و الواقع الكردي أن يبرهن عدم صوابية تصريحات السيد درويش و رؤيته الجديدة في إمكانية الحوار السلمي مع النظام السوري و رفض أي مشروع كردي استقلالي سوري و من خلال سرده لا يرفض هذه الرؤية كونها صادرة عن السيد درويش بل كونه يتحدث فيها بصفة التمثيل للشعب الكوردي في سورية دون أي تخويل أو تمثيل و لذلك فهو يثير التساؤل عن هذا التخويل.!؟

لم الاحظ خلال ما اورده السيد حسين أي قرائن تدل على أنه يدافع عن الإتجاه اليساري و السيد بدرالدين و بالصورة الغير مقبولة التي تحدث عنها السيد شمدين بحديثه بأنه يقوم بدوره الروتيني ( وظيفته الحقد على التقدمي و قيادته )

فالسيد حسين أشار بوضوح إلى حقيقة ثابتة و هي الظلم التاريخي المستمر للشعب الكوردي في سورية و خاصة خلال العقود الخمسة الماضية، هذا الظلم الذي لا يمكن تجاهله لمجرد البدء بمشروع وطني و التمسك بشعارات الوحدة الوطنية و وحدة و استقلال سوريا بل لابد من الاستناد لإقرارات دستورية واضحة تضمن الخصوصية و الحقوق القومية و العامة للشعب الكوردي في سورية.

الكاتب أكرم حسين يرى بوضوح بأن تصريحات السيد درويش جاءت في الوقت الغير مناسب و خاصة وجوده في قيادة المؤسسة الاشمل للمعارضة السورية ( الائتلاف ) و هو بذلك استند لرأيه و بمنتهى الشفافية كونه يرى أي حوار أو اتفاق مع النظام يجب أن يكون بالشراكة و ضمن صفوف مؤسسة الائتلاف.

توجيه الاتهام للكاتب و المفكر لمجرد محاولته التعبير عن افكاره و رأيه بمصداقية و شفافية و بهذه الصورة يعتبر ظاهرة شرقية متخلفة و مدمرة و تستمد أبوتها التاريخية من الثيروقراطية و هو ما يسمى نظرية الحكم الإلهي أي منح القائد أو الزعيم صفة الآلهة و تعصيمه من الخطيئة و هو ما نجده بصورة جلية و واضحة في مختلف التنظيمات الكردية الكلاسيكية و لعله السبب الرئيس لضعف الحراك السياسي الكردي و تعرضه الدائم لسرطان الانشاقاقات.

النقطة الثانية كنت اتمنى أن يكون الرد من خلال الرموز السياسية لحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي المقيمين على تراب الوطن و يعانون كسائر الكورد السوريين من ويلات هذه الحرب الطاحنة و لا أقلل من أهمية الأخ علي شمدين و دوره في الحزب لكن ما أعلمه بأنه مقيم في السليمانية منذ بداية الثورة و تحت قبة الاتحاد الوطني الكوردستاني و كان الأفضل خلال رؤيته أن يذكر بأن استمرار تماسك حزبه و بهذه الصورة يعود للدعم اللامحدود من السليمانية ماديا و معنويا على غرار الديمقراطي الكردستاني – سوريا في أربيل و لن أدخل في سجالات تقييم الاشخاص و ما يتقاضون من رواتب و ما احيكت حولهم من قصص و شائعات و اتهامات..

ما اتمناه أن يكون النقد و حرية الرأي و الفكر موضع ترحيب من الجميع و أن تكون النخب و القيادات السياسية عامل دعم و مساندة لا آداة معادة و كيل اتهامات و السعي لمحاربة الكتاب و ارائهم …. فالمجتمعات الحديثة يقاس تقدمها و رقيها بمدى تمتعها بالحرية و دعمها للنشاط الفكري.

التعليقات مغلقة.