أزمة عدم وصول الصوت الكردي إلى المجتمع العربي

28

8505058b125f4bc3a52aa364186c4805

 

 

 

 

د. محمود زايد

كثيرا ما ناديت (ولازلت) أنادي بضرورة وجود فضائية إخبارية كردية باللغة العربية. فمناطق كردستان عامة حبلى كل يوم بأحداث جديدة، سرعان ما يسمع دويها في المنطقة. وبما أن مناطق كردستان موزعة حاليا في حدود سياسية لأربع دول هي العراق وتركيا وسوريا وإيران، فإن حكومات هذه الدول تتعامل مع الأحداث وفق مصالحها دون اعتبار لأي حقوق أو مطالب الشعب الكردي هنا أو هناك.

وإحدى نوافذ حكومات هذه الدول هي الميديا الإعلامية، مرئية أو مسموعة أو مقروءة، يعد فيها الخبر بعناية وفق المصلحة، ويبث لترويج وضع عام، في بعض الأحول بل في أكثرها ينافي الحقيقة بما يخص الشأن الكردي. ومن هنا يتلقى المشاهد العربي المعلومة كما وصلته من هذه المصادر، وعليها يرتب أفكاره ويصدر أحكامه، التي تكون في حقيقة الأمر منافية للوضع الحقيقي على الأرض. وأنا أذكر لكم مثالا حدث بالأمس (3 – 7 – 2014م). فقد كنا في ضيافة مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني بالقاهرة على إفطار رمضاني يتبعه ندوة يتحدث فيها السيد ملا ياسين رؤوف، ممثل مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني في القاهرة، عما يحدث في العراق منذ 9 يونيو (حزيران) 2014م والموقف الكردي منه. وكان يحضر اللقاء مركز القاهرة للدراسات الكردية، ومجموعة من المثقفين والصحفيين المصريين. الشاهد في الأمر أن ملا ياسين تحدث عن الأوضاع في العراق وحقيقة الموقف الكردي منها بشكل مبسط وبحقائق تغايير كثيرا ما تبثه قنوات إخبارية عربية في هذا الشأن مثل قناة العربية وقناة العالم الإيرانية و BBC والقنوات العراقية والسورية وغيرها. وجاءت أسئلة بعض الحضور بعد ذلك فحواها أن ما تبثه قنوات مثل العربية والعالم وغيرها هو الصحيح، وما يقوله المسؤول الكردي (ملا ياسين) غير صحيح. فمثلا بعدما ذكر ملا ياسين أن السيد مسعود بارزاني دعا أمس إلى ضرورة تشكيل مفوضية عليا لإجراء استفتاء على كركوك وفقا للمادة 140 اعترض أحد الصحفيين على ذلك قائلا: ‘إن مسعود بارزاني دعا إلى استفتاء على استقلال كردستان، وليس على كركوك. هذا ما تم نشره على المواقع الإخبارية وما نشرته قناة العربية، ‘ متجيش إنت بقى تقولّي إن مسعود بارزاني مقالش كده’ .

أرأيتم كيف إن صحفيا صدّق ما نشر على المواقع الكردية وما نشرته قناة العربية وكذّب ما قاله مسؤول كردي. وعلى الرغم من توضيح ملا ياسين للأمر أن من طالب بإجراء استفتاء على استقلال كردستان هم المتظاهرون الذين تجمعوا عند برلمان إقليم كردستان في أثناء انعقاد الجلسة، إلا أن ذلك لم يقنعه ومن أيده الرأي من الحاضرين .

هذا نموذج واحد كنت شاهد عليه بالأمس، ومثله الكثير يقابلني بشكل شخصي يوميا، ودائما ما ينبح صوتي هنا وهناك تصحيحا للأخبار غير الصحيحة التي تبثها القنوات العربية فيما يخص الشأن الكردي والمتغيرات الحاصلة في العراق وسوريا وإيران وتركيا.

حيال ذلك إذن، على الأقل ضرورة وجود فضائية إخبارية كردية ناطقة باللغة العربية، فكردستان شاءت أم أبت أحد المحاور التي تحاددها هي محاور عربية، ولابد وأنه سيكون لها علاقات مستقبلية معها. وأغلب شعوب هذه المنطقة العربية للأسف الشديد على دين إعلامهم، وأنهم سماعون مرددون دونما تحقق أو إعمال عقل، فضلا عن غيرهم من الشوفينيين أو ممن امتلأت أذهانهم بما بثه نظام صدام حسين البعثي قبل ذلك عن الكرد وقضيتهم من معلومات خاطئة.

فالجميع يدرك أثر الإعلام في توجيه الرأي العام حاليا تجاه قضية ما أو حدث ما.

في رأيي أن الكرد وقضيتهم العادلة هم أحوج ما يكون لمثل هذه النافذة الإعلامية الفضائية، لا نريد إعلاما كرديا يخاطب نفسه، ويدور في حلقة مفرغة لا تتجاوز حدود موجاته وذبذباته الحدود السياسية. إن إيران لها أكثرمن قناة إخبارية موجهة باللغة العربية وكذلك تركيا وغيرها. جل دول العالم المؤثرة لها قنوات إخبارية موجّهة باللغة العربية مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا حتى الصين التي تقع في أقصى شرق العالم لها قناة موجهة باللغة العربية. أما إقليم كردستان مثلا الغني جدا بالكوادر العلمية والسياسية والمثقفين الناطقين باللغة العربية فلا وجود لهم. وهذا لا يجعلني أنفي أن هناك عددا من المواقع الإخبارية الكردية المهمة التي تنشر باللغة العربية مثل (باسنيوز، وموقع جريد الاتحاد وغيرهما). لكن كما قلت لكم: إن أغلب شعوب المنطقة شعوب سماعة لا تقرأ، ولا يلجأ إلى هذه المواقع إلا المختصين وهم قلة.

الأمر ليس صعبا يا سادة، ولن يكون مكلفا، فلدى إقليم كردستان عشرات القنوات الإخبارية المتكررة، لا تختلف إلا في اللوجو والأشخاص الذي يقدمون الميديا، لكن مضمونها واحد. فلا مانع أن يتم تحويل إحدى هذه القنوات الناطقة بالكردية إلى ناطقة بالعربية بنفس المعدات والاستديوهات، وأنا على ثقة أن أكثر المذيعين يجيدوون اللغة العربية.

التعليقات مغلقة.