في تيه الكردي ..وشرعيته الضالة! قراءة في بعض تصريحات عبد الحميد درويش الاخيرة اكرم حسين
أكرم حسين
الجزء الثاني
خاص”Buyerpress”
مزقت الانظمة الديكتاتورية روابط الاخوة والتعايش المشترك بين مكونات الشعب السوري وقللت فرص الاندماج الوطني واستطاعت بذلك ضبط المجتمع والسيطرة عليه ، لذلك فتعزيز فكرة الشراكة والعيش المشترك يتطلب الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي كاملة بدون نقصان بما فيها حقه في تقرير مصيره وحقه في ادارة نفسه بنفسه بالتفاهم والتوافق مع المكونات الاخرى والحل الذي يحقق هذا التعايش يكمن برأي في الدولة المركبة التي ستحافظ على وحدة الارض والشعب ضمن دولة فدرالية ، فالعربي يجب ان يدعم ويعترف بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره لان هذا الاعتراف هو ما يحقق انسانية وديمقراطية المثقف او المفكر العربي ،ووقوفه الى جانب الكورد ومطالبهم يكتسب اهمية بالغة ويظهر الطابع الانساني والحضاري للعرب ،والسؤال من المسؤول عن تدهور العلاقات الكوردية العربية ؟، ولماذا نشهد صراعا هوياتيا في اكثر من محافظة ومدينة ؟، وهل يمكن اعادة الامور الى ما كانت عليه؟لماذا يحاول ان يساوي درويش بين معاناة كل مكونات الشعب السوري ؟ الم تكن هناك سياسة خاصة تتبع بحق الكورد؟ ما الفائدة من القول بان ” الكرد شأنهم شأن بقية الشعب السوري يعيش وضعا خاصابعد انتفاضة اذار 2011 ويواجهون مشاكل ومتاعب مثلهم مثل بقية الشعب السوري ايضا ” هذه مقدمة لمقالة درويش “الكرد في المعادلة السورية” والمنشورة على موقع ولاتي مه بتاريخ 9-8-2015 ليؤكد وحدة الشعب السوري ووحدة مشاكله ومتاعبه ..؟!! بمعنى لا يوجد ما يميز الكورد عن الشعب السوري من مشاكل ومتاعب ؟ متناسيا خصوصية مشاكل ومتاعب كل منطقة بحسب المجموعات التي تسيطر عليها ؟ والتغيير الديمغرافي الذي يطال الاقليم الكوردي السوري !!! ورغم وجود حزب درويش في المجلس الوطني الكوردي والائتلاف اللذان يتبنان مفهوم الثورة لوصف ما جرى في سوريا منذ 15 اذار 2011 الاان درويش يصر على استخدام مفردة “الانتفاضة “بدلا من الثورة ولا ندري سببا لذلك ونتمى من السيد درويش ان يوضح لنا الامر ويشرح الفرق بينهما ؟ ثم يتابع في السياق ” بأن التيارات القومية المتطرفة العربية اعادت من جديد مقولة أن الكرد يخططون للانفصال عن سوريا وهم –اي الكرد- يستغلون وضع سوريا المتأزم والحرب الدائرة فيها ” ويؤكد “عدم وجود حادثةواحدة تدل على نية الكرد في سوريا في الانفصال او الاساءة لوحدة سوريا خلال عقود طويلة” يستوقفني هذا القول بان اصدقاء درويش ممن كانوا في اعلان دمشق امثال سمير نشار وجورج صبرا وكمال اللبواني وغيرهم هم من يروجون لهذه الاقاويل لتأليب الرأي العام العربي ضد الكورد ، فديمقراطيوا الامس انقلبوا الى متطرفيين شوفينين يدبجون الاتهامات ويقفون في وجه طموحات الشعب الكوردي الذي لاقى الويل والمهانة من النظام ومورست بحقه سياسات اقل ما يقال عنها بانها غير انسانية وغير منصفة او عادلة ؟ هل النية في الانفصال جريمة يجب ان يعاقب عليها الكورد؟ لماذا يستغل الكورد الوضع المتازم على حد قول درويش لو كانوا يتمتعون بالمواطنة المتساوية ؟ لماذا لا يحس الكورد السوريون باي انتماء اليها ؟ اليست السياسات الاقصائية والتميزية والالغائية هي التي قتلت لديهم اي احساس بالانتماء والكرامة
يؤكد درويش ” بان الكرد لايريدون الانفصال ولكنهم لا يترددون في الدفاع عن حقوقهم القومية المشروعة والحفاظ على استقلال الوطن ووحدته “من قال بان الكورد لا يريدون الانفصال ؟ هل استفتى درويش الشعب الكوردي في ذلك ؟ام ان درويش نصب نفسه وليا اوصيا على الكورد ليقرر نيابة عنهم ؟ ما هي الحقوق القومية المشروعة ؟هل هي المواطنة ام الادارة الذاتية ام الفدرالية ام … ؟ ثم اي وطن سيحافظ الكورد على استقلاله ووحدته ؟هل بقي وطن لتكون له وحدة ؟ اي دولة سيدافع عن وحدتها ؟ لقد سئم الكورد الدولة المركزية ولن يقبلوا العيش في ظلها لانها انتجت الاستبداد والتمييز والاقصاء والتهميش لمكوناتها المختلفة بما فيهم الكورد لذا فالحل الذي يرضي الكورد وما اكدت عليه مؤتمرات المجلس الوطني الكوردي والذي ينتمي اليه درويش هو ان تكون سوريا تعددية ديمقراطيةلا مركزية اي ان حل القضية الكوردية الان يكمن في الفدرالية حت يحصل الكورد على حقوقهم في ادارة الاقليم الكوردي السوري ..؟ اين هي السيادة في ظل تواجد حزب الله وكتائب ابو فضل العباس والحرس الثوري ووجود المئات من المقاتلين الاجانب في صفوف جبهة النصرة وتنظيم الدولة ؟ فدرويش يريد ان يرسل رسالة مطمئنة بان الكورد لا يريدون الانفصال وسيحافظون على وحدة الوطن وسيادته؟اليست المعارضة العربية والفصائل المسلحة هي مطالبة بطمأنة الاقليات والاعتراف بوجودها وحقوقها ؟ ما فائدة تصريح السيد حميد درويش اذا كان لا يسيطر على شبر واحد من الارض ولا يوجد له ولحزبه اي تأثير بعد ان خرج منذ الايام الاولى للثورة ؟ هل يستطيع حميد درويش ان يقف في وجه الانفصال فيما لو تم ؟ لماذا الحديث عن الحرب الاهلية الان ؟ هل فعلا ما يجري في سوريا وفي الاقليم الكوردي هو حرب اهلية ؟ كيف يعيش الكوردي والعربي والسني والمسيحي والدرزي والعلوي والسرياني في مدينة واحدة جنبا الى جنب دو اقتتال؟ انا لا اعتقد بان ما يجري في سوريا هو حرب اهلية بل اقتتال بين محور السلطة ومحور المعارضة، بين الاستبداد والحرية ،لان الحرب الاهلية تعني حدوث عمليات تطهير عرقي ديمغرافية وطائفية وعلى هذا الاساس يمكن تقييم الاصطفافات القائمة، فالسلم الاهلي لا زال مقبولا بنسبة معينة رغم كل عمليات الشحن الطائفي والمذهبي من جميع الاطراف والحل السياسي لوحده لا يكفي، لانه يجب ان يقترن مع الحسم العسكري لاعادة الامور الى نصابها والخروج من حمام الدم والعنف المتوحش لانه لم يعد بمقدور السوريين وضع حد لهذه الحرب المجنونة ولن تستطيع وحدة “القوى المعتدلة “التي يطالب بها درويش وقف نزيف الدم لان العامل السوري لم يعد له تأثير مباشر على الصراع الدائر في سوريا
تقام الثورات عادة من اجل رفع الظلم والطغيان وتحقيق انسانية الانسان وتأمين احتياجاته ويقاس عادة نجاح هذه الثورات بمدى ترقية حياة الانسان وتأمين حقوقه وتحقيق مصالحه وفي ذات الوقت تعمل قوى الثورة المضادة من داخلها على القضاء عليها وخاصة الحامل الذي يجسدها قولا وفعلا ، ورغم اليأس الذي يسكن البعض فانني متفائل بان الشعوب لم يعد يقهرها بطش حكامها ،ولنا في الانتفاضة العراقية المندلعة والتي دفعت العبادي الى اجراء اصلاحات لان الدولة لم تعد تستطع ان تفرض ارادتها ومصالحها في وجه تحرر الشعوب ولذلك لا يمكن تحقيق الوحدة الوطنية الا على ارضية برنامج وطني يعترف بحقوق مكونات الشعب السوري ويعيد الامور الى نصابها في ظل دولة وطنية حديثة تحترم الحريات العامة والخاصة وتلتزم بالقانون وتبتعد قدر المستطاع عن استخدام العنف في وجه مواطنيها وتحقق الاندماج الوطني الذي يطمح اليه السوريون جميعا ،فالقضية الكوردية السورية يجب ان تخص السوريين جميعا لا الكورد لوحدهم لانها قضية اساسية من قضايا الدولة الوطنية الحديثة وهي ذات بعد وطني واقليمي يتعلق بالحغرافيا السياسية لكوردستان ولتوزعها بين عدة دول ” ذات سيادة” وهو ما دفع تركيا مؤخرا للتحرك في وجه محاولات سيطرة الكورد على الاقليم خوفا من قيام اي كيان كوردي على حدودها الجنوبية ،واستنادا لكل ما سبق قوله فان تصريحات درويش الاخيرة جعلت درجة حرارة الرأي العام الكوردي مرتفعة جدا ؟ لانها ترفض الرضوخ للمحرمات الكوردية وتجعله في علاقة ارتياب عميقة مع الكورد ، وقد يرى فيه البعض شخصا لا ينتمي اليهم والى تطلعاتهم القومية وليس له مكان بينهم ؟ وقد يثير في نفوسهم شيئا من البغض والكراهية تجاهه ؟ لان الكورد يصنعون اليوم تاريخهم بأيديهم ولم يعودوا كما كانوا في الماضي مجرد كومبارس عاجزين ومحتقرين ؟، لكن مشكلتهم حتى الان لا زالوا يبحثون في الاقليم الكوردي السوري عن زعيم او قائد يجدوا فيه ذواتهم ، حتى وان كان هذا الزعيم او القائد دكتاتورا او مستبدا ؟!!!!
ان قرائتنا لتصريحات السيد درويش عبارة عن عملية تصحيحية لافكاره المدرسية والتأملية التي لا تقارب الواقع البتة بل تقفز عن راهنية الواقع وسؤاله الرئيس كيف يمكن تأمين الحقوق القومية المشروعة وما هي هذه الحقوق ؟ وهذه القراءة نعتبرها ضرورية على الصعيد الاخلاقي والسياسي ، من اجل انتاج خطاب سياسي كوردي فعال وعقلاني يحظى بالموافقة والقبول لدى ابناء الشعب الكوردي وقواه الحية.
التعليقات مغلقة.