مراهنات كردية.. مؤتمرات تسيل دماً

36
مراهنات-كردية..-مؤتمرات-تسيل-دماً
جوان فرسو

 يتساءل البعض: لماذا يخسر الــYPG)) ثلاثة آلاف مقاتل كردي من بيشمركة روجآفا، ويلجأ إلى الاتفاق مع ثلاثة آلاف من مقاتلي جيش الصناديد التابع للشيخ حميدي الدهام ؟

لماذا لم تضع الإدارة الذاتية رئيساً مشتركاً من المجلس الوطني الكردي لتكسب بيشمركة روجآفا؟ ولجأت إلى وضع الشيخ حميدي حاكماً مشتركاً لتكسب مقاتلي الصناديد؟

هل أفرز الواقع العراقي جيشاً وطنياً؟؟ هل أفرزت الحرب الأهلية اللبنانية جيشاً وطنياً؟؟

المراهنة على نجاح المفاوضات الدولية حول مستقبل سوريا هي بمثابة طريق النجاة السياسي للمجلس الوطني الكردي الذي يعاني أزمات حقيقية على المستوى الداخلي من ركاكة القرار السياسي، وفقد السيطرة الميدانية أو التشاركية في القرار السياسي والأمني والعسكري مع حركة المجتمع الديمقراطي (Tev – Dem) بعد إصابة اتفاق هولير بالفالج (الشّلل) وتفرّد حركة المجتمع الديمقراطي (Tev – Dem) بالقرارات السياسية والأمنية والعسكرية وحماية المنطقة في مواجهة أعتى الأعداء وأقواها عدة وسلاحاً وشراسة (داعش) مدعومين لوجستياً من دول إقليمية أبرزها تركيا التي تفتح حدودها لجحافل الأوروبيين والآسيويين الشّواذ، وإيران التي تجد في داعش ضالتها في عرقلة المشروع الكردي، وتشويه صورة الطائفة السنية، إضافة إلى زعزعة المنطقة لضرب الميدان الاقتصادي والزراعي، وجعلها سوقاً لمنتجاتها الزراعية، الصناعية، الطبية والعسكرية، وشراء ولاءات محلية بأبخس الأثمان، أو إرضاخ ميليشيات وفصائل قومية أو وطنية في صفقات إقليمية مشبوهة.

هذا التقهقر الشديد للمجلس الوطني الكردي يأتي علاوة عن التراجع الجيوسياسي على مستوى الأراضي الكردستانية من جهة، والمفاوضات الدولية حول مستقبل سوريا، والتي يتولى الائتلاف السوري المعارض زمام المبادرة بينما لا يلعب المجلس الكردي فيها سوى دور الكومبارس واللاعب الذي يجمع الكرات خلف الحارس، أو قميص عثمان الذي يعلق عليه الائتلاف شماعة الوطنية ورؤيته المشبوهة لمستقبل سوريا التعددي الديمقراطي.. هذه الرؤية التي تصطدم مع موقفه الهزيل من الجماعات الراديكالية مثل جبهة النصرة، أو الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر، لا بل ذهب الائتلاف متراجعاً إلى أبعد من ذلك عندما أعلنت فصائل من الجيش الحر تبرؤها من الائتلاف في بيان أصدرته حركة الإخلاص العليا لحماية الثورة السورية، وباسم جميع الفصائل المسلحة التابعة للجيش السوري الحر في 13 أيار 2015، متهمين قيادات الائتلاف (خالد خوجة، ولؤي حسين) بالخيانة الذريعة..

مراهنات لا بدّ منها

إذاً. على ماذا يراهن المجلس الوطني الكردي بعد خسارة دوره في التوازنات الإقليمية والدولية وشراكته في القرار الكردستاني في روجآفا على الأقل في المرحلة الراهنة؟

استطاعت حركة المجتمع الديمقراطي (Tev – Dem) التعامل مع اتفاقية هولير بحنكة سياسية حينما أرغم المجلس الوطني  الكردي على قبول الاتفاقية برعاية إقليم كردستان العراق ذو السلطة الفاعلة على المجلس الكردي، وفي الوقت الذي وجد الأخير نفسه يخرج من الاتفاقية بخفي حنين، وببعض السلطات التي شكّك في إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، تذرّع بكونه يتفق مع الأشقاء الكرد للحفاظ على البيت الكردي وعدم جرّ المنطقة إلى صراعات كردية – كردية قد تكون دموية في أحد مراحلها.

لنقل إنّ هذا الموقف يسجّل لصالح المجلس الكردي الحريص على التواؤم الكردي – الكردي في روجآفا.. لكن في المقابل ألا يدري الساسة الكُرد من المجلس الوطني الكردي أن علاقة المجلس مع الائتلاف السوري المعارض ومراهناته على مستقبل سوريا التعددي ربما لن يكون له أي دور في ظل التقاسمات السياسية، والصراعات الأيديولوجية والعسكرية الدامية التي تشحنها دول المنطقة الإقليمة ويرضخ لها كل من الأكراد المسلحون، العرب المسلحون من سنة وعلويين، في حالة من الحرب الأهلية التي لم تدع مجالاً قط لأي رؤية تشاركية في بناء جيشٍ سوري وطني يضم جميع الفصائل المتقاتلة على أرض الواقع، وهل أفرز الواقع العراقي جيشاً وطنياً؟؟ هل أفرزت الحرب الأهلية اللبنانية جيشاً وطنياً؟؟ أم هل يقبل الكُرد السوريون أن يعودوا مجندين تحت إمرة ضباطٍ علويين وسنة لطالما قتلوهم تحت التعذيب، وداسوا عليهم بالبوط العسكري في انتفاضة قامشلو 2004 وفي كثير من المناسبات والوقائع الأخرى؟ ألا يدري المجلس الوطني الكردي بساسته المخضرمين أن التوافق العسكري هو شرط لا بدّ منه في التوافق على التقاسمات والمحاصصات والشراكات السياسية، والدبلوماسية؟ وعلى العكس تماماً ألا يدري هؤلاء الساسة المخضرمين أن علاقة المجلس مع الائتلاف السوري المعارض كلما تحسنت سياسياً ودبلوماسياً، كلما ساءت مع الأخوة الكُرد  في حركة المجتمع الديمقراطي (Tev – Dem) سياسياً وأمنياً؟؟

لكن في المقابل قد يسأل البعض: إلى أي مدى يمكن للمناطق الكردية المدارة من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية أن تتعرض لخطر الإرهاب، والمؤامرات الإقليمية على المشروع الكردي؟ خاصةً بعد أن نسيت حركة المجتمع الديمقراطي (Tev – Dem) افتراضية الشراكة الحقيقية مع شريكه المجلس الكردي، الأمر الذي يُبقي مئات الآلاف من أنصار المجلس الوطني الكردي رهائن الهجرة والهروب من الحكم الآبوجي – على حد تعبير البعض- وتوجّه حركة المجتمع الديمقراطي (Tev – Dem) بدلاً من الشراكة مع مئات الآلاف من أنداده السياسيين الكُرد إلى كسب ولاءات السياسيين العرب والمسيحيين من سكان روجآفا وراهن على التعددية الديمقراطية تحت مسميات (أخوة الشعوب) والأمة الديمقراطية.

يتساءل البعض: لماذا يخسر الــYPG)) ثلاثة آلاف مقاتل كردي من بيشمركة روجآفا، ويلجأ إلى الاتفاق مع ثلاثة آلاف من مقاتلي جيش الصناديد التابع للشيخ حميدي الدهام ؟

لماذا لم تضع الإدارة الذاتية رئيساً مشتركاً من المجلس الوطني الكردي لتكسب بيشمركة روجآفا؟ ولجأت إلى وضع الشيخ حميدي حاكماً مشتركاً لتكسب مقاتلي الصناديد؟ ومن جهة أخرى ألم يكن في الإمكان كسب الطرفين، أم أن الامة الديمقراطية لا تحتمل كل هذه المكاسب؟؟ ((يقول حاسدون!))

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 20 بتاريخ 2015/6/1

 

التعليقات مغلقة.