الحافلة

31
إدريس علي
إدريس علي

كنتُ أبحثُ في الظّلمة عن بعضِ الفخاخِ التي خبّأتها مع عددٍ كبيرٍ من الديدانِ خلفَ أكياسِ التبنِ والعلفِ في مهجعِ بقرتنا السّوداء الخَرِب حينَ سمعتُ سعالَ أبي يقترب ، تمدّدتُ على الأرضِ ملتصقاً بأحدِ الأكياسِ و حبستُ أنفاسي حتى لا أتعرّضَ للضربِ المصحوبِ بالكثير منَ الشّتائم واللومِ والتقريعِ إذا ما وجدني هناكَ معَ بقرتهِ المدلّلة في خلوةٍ تامة .

أدخلَ أبي رأسَهُ ونصفَ جسدهِ من البابِ الخشبيّ، و راحَ يشهقُ بالبكاءِ دافناً وجههُ بينَ يديه .
راعني الأمرُ، وهزّتني شهقةُ أبي فارتجفَ كلّ جسدي، أبي يبكي؟!
أيبكي الرجلُ صاحب اللحيةِ الكثّة، الرجلُ الذي ضُربَت بغلظتهِ الأمثال؟!
نعمَ ، بكى أبي في السرّ ، بكى حينَ سمعَ بأنّ الحافلة التي تنقلُ تلاميذَ
الطلائعِ قد تعرّضت لحادثٍ مؤلم و لم ينجُ منهم أحد، ومن بينهم ابنهُ البكر الشّقيُّ .

 

نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 20 بتاريخ 2015/6/1

التعليقات مغلقة.