الى المهرولين الى حضن النظام .. ما هكذا تورد الإبل ؟!!!

30
أكرم حسين
أكرم حسن

إنّنا نحذّر من هذه الأصوات وندعو المجتمع الكرديّ إلى نبذها وفضحها والانفضاض من حولها وتشديد الخناق حولها، لأنّ النظام قد فقد شرعيّته وانتهت صلاحيته وأصبح بحكم الماضي، يلفظ أنفاسه الأخيرة ولا مستقبل له في سوريا الجديدة

 

 

نشرت «بوير برس» في الصفحة الثانية من عددها ” 17 “الصادر في15 نيسان  2015 حواراً مطولا مع الدكتور أحمد بركات- عضو المكتب السياسيّ للحزب الدّيمقراطيّ التقدميّ في سوريا- يقول في رده عن سؤال استعداد حزبه لفتح قنوات حوار مع النظام لخدمة القضيّة الكرديّة  “اذا كانت هناك فعلا  لخدمة القضيّة الكرديّة في سوريا أظن ليس الحزب الدّيمقراطيّ التقدميّ بل مُجمل الحركة الكرديّة  يجب أن لا تتردد  …”

في هذا المقال أتوسل حرية القول، والوقوف في وجه أخطاء جسيمة، قد تقع فيها بعض القيادات الكردية، باللقاء والحوار مع النظام, وككرديّ سوري فإنّني أرغب في ممارسة حقيّ في الرد والتّصحيح والضغط على بعض الأحزاب الكرديّة السوريّة التي تقف حتى اليوم في المنتصف، رغم كلّ ما يجري في سوريا؛ من خراب ودمار ونهب وتدويل وفوضى وما يخطط له في المستقبل من حلول،  للخروج من  المأزق التاريخيّ الذي وجدت فيه قوى الثورة نفسها فيها، وسبل التوافق بين مكونات وفصائل الثورة السياسيّة والعسكريّة حول شكل ومضمون الدولة السورية القادمة. وفي الوقت الذي تؤكد فيه كل الأخبار والتقارير عن فقدان النظام للكثير من قوّته العسكريّة والماليّة، وعدم سيطرته على أجزاء واسعة من الجغرافيا السورية وتأكيدات المجتمع الدوليّ بأنّه لا مكان لرأس النظام وأركان حكمه ممن تلطّخت أياديهم بدماء السوريين في مستقبل سوريا – رغم كل ذلك – بدأت تتعالى بعض الأصوات الكرديّة السورية من الصف الأول مطالبةً بالذهاب إلى دمشق والحوار مع النظام القائم, رغم كل ما اقترفه من قتل وتدمير وتهجير بحق السوريين بمختلف مكوناتهم، ورغم كل العذابات التي عاناها الكرد السوريون منذ عشرات السنين جراء سياسة التمييز العنصريّ والمراسيم الاستثنائيّة، وإذا كانت المواقف الغامضة والرّماديّة  لبعض الأحزاب الكرديّة  قد تسببت في فقدانها للكثير من محازبيها ومناصريها “ممّن كانوا يطالبون دائما بالوقوف في  صف الثورة”، فأن هذه الأصوات القياديّة التي باتت تستشعر الندم وتدّعي الحرص على الحقوق القوميّة، وتُطالب من جديد بالحوار مع النظام، لم تأتِ بجديدٍ ولا ” برأس الزير من البير” ، لأنها لم تتوانَ عن بناء هذه العلاقة  مع أركان النظام يوماً، وكانت تروّج دائما لسياساته تارة باسم “الواقعية “وتارة أخرى باسم “حماية الشعب “رغم النفي العلني لهذه العلاقة. لكن  الكرد السوريون لا يمكنهم أن ينسَوا ما فعله بهم نظام الاستبداد من إحصاء استثنائي وحزام عربي وتعريب لأسماء القرى والبلدات، ومنع التحدّث باللّغة الكرديّة وتسجيل الولادات بأسماء عربية ومرسوم منع التملك 49، وما ارتكبه من قتل لأكثر من 30 شهيداً واعتقال أكثر من 5000 مواطن كرديّ في انتفاضة 12 آذار 2004التي هبَّ فيها الكرد دفاعاً عن الرموز الكرديّة، إثر شتمهم من قبل جمهور فريق الفتوة القادم من دير الزور، ورغم انقضاء أربع سنوات على قيام الثورة، ومشاركة الكرد الأساسيّة في مواجهة القوى الارهابيّة والظّلاميّة، واستشهاد المئات من شباب الكرد دفاعا عن مكونات المنطقة؛ من كرد وعرب ومسيحين، إلّا أنّ النظام لم يبادر إلى اتخاذ أيّ موقف أو قانون يشرعن الحقوق القوميّة الكرديّة ولم يلتمس منه أحد، أيّ تغيير أو تبديل في سياساته الإنكاريّة والإقصائيّة أو الإلغائيّة ، ولقاء موسكو التشاوري تأكيد على عنجهيّة النظام وتمسُّكه بموافقه السابقة وكأنّ الأوضاع هي هي.  وعلى رأي المثل الشعبي ( اللي يجرّب المجرّب عقلو مخرّب ) وللتأكيد على قولنا هذا، يمكننا أن نستشهد بمظاهرة النظام في مدينة الحسكة يوم 19/4/2015 وبحضور القيادات الأمنيّة والحزبيّة، ليس إلا دليلا على استمرار النظام بسياساته الإنكاريّة ورفضه الاعتراف بالوجود القوميّ الكرديّ كمكوّن رئيسي وأصيل في سوريا.

إننا نحذّر من هذه الأصوات وندعو المجتمع الكرديّ إلى نبذها وفضحها والانفضاض من حولها وتشديد الخناق حولها، لأنّ النظام قد فقد شرعيّته وانتهت صلاحيته وأصبح بحكم الماضي، يلفظ أنفاسه الأخيرة ولا مستقبل له في سوريا الجديدة، لذلك أعتقد أنه من الخطأ التاريخيّ أن يفكر الكرد بالحوار مع النظام، لأنّهم لو فعلوا ذلك سيخسرون الكثير ولن يكون لهم أي دور أو مكان في سوريا الجديدة, وهذا الكلام ينطوي على ظلم فادح للكرد، ويسبب لهم أضرار معنويّة شديدة وهي دعوة مرفوضة جملة وتفصيلا. على القوى الكرديّة الحقيقيّة  أن تخرج القضيّة الكرديّة من إطار أنّها قضيّة شخصٍ أو جريدةٍ أو ترخيص حزبٍ إلى قضية شعب يعيش على أرضه التاريخيّة وله الحق أن يحظى بالعيش اللائق وأن يتمتّع بحقوقه القوميّة والدّيمقراطيّة وفق العهود والمواثيق الدوليّة.

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 18 بتاريخ 1/5/2015

التعليقات مغلقة.