الطب البديل” الشعبي” والطب النبوي حقائق ظاهرة إلى اليوم ولكن هل يمكن وضعهما على مسافة مع الطب الأكاديمي..
– الأدوية الجاهزة في كثير من الأحيان لا تفي بالغرض بالنسبة لبعض الأمراض الجلدية وبخصوص الأمراض الداخلية كان الناس غالبا يقصدون العطارين.
– عالم الأعشاب عالم كبير و يوجد أكثر من 180 عشبة مثل عشبة ” أكليل الجبل, عناب, الميرمية, البابونج, الجعدة, قريس, حشيشة القلب, السعدة, العرن”
– نتائج الطب البديل في مجتمعنا متواضعة جداً, لم تتكون تلك القناعة والرغبة نحوه, وخبرة معظم العاملين في هذا الحقل هي ضمن إطار الطّب الشعبيّ.
– أرقـّي من يأتيني بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة, وهذا أمر لابأس به, أفضل من أن يتوجه الناس إلى المشعوذين.
تحقيق: فنصة تـمو
يجتاح العالم اليوم – ونحن في الألفية الأولى من القرن الواحد والعشرين(ونحن في العقد الثاني من الألفية الثالثة) – موجة تطالب بالعودة للطبيعة سواء في الغذاء أو الدواء, وبمجرد ذكر اسم الطب البديل “الشعبي” يتبادر إلى الذهن الاعتماد في التداوي على الخصائص العلاجية للنباتات والأعشاب, لما تملكه من قدرة شفائيّة معروفة.
وقد ظهر إلى جانب الطب البديل الطب النبوي والطب الشعبي (تذكر في الاسفل ان الطب البديل والشعبي هما نفس الشي) الذي يعد استمراراً للطّب البديل؛ أثبتا وجودهما ولعبا دوراً لم يقل عن دور الطّب الأكاديميّ.
في هذا السياق قصدنا الصيدلية العربية التي تتوسط مدينة قامشلو والتي تأسست عام 1953 والتقينا بالدكتور الصيدلاني “نذير دباغ” لما له من باع طويل, في تحضير التراكيب الطبية الخاصّة بالأمراض الجلديّة وأكد بأنّ الناس كانوا يلجئون إلي الطب البديل في زمن كان وجود الأدوية والأطباء محدوداً جداً, فكان التّوجُه نحو المواد النباتيّة, ولكن مع التطور الذي شهده علم الطب أصبحت هناك أدوية تصنيعيّة تركيبيّة، ولكنها لم تكن تفي بالحاجة دائما لما كانت ستؤدي إليها استخدام المواد الكيماوية والتخوف مما ستحدثه من تأثيرات قد تناسب شخص ولا تناسب آخر, كما أن الأدوية الجاهزة في كثير من الأحيان لا تفي بالغرض بالنسبة لبعض الأمراض الجلدية، أما في حالات الأمراض الداخليّة فأن الناس غالباً ما يقصدون العطارين.
العم بكري الصافي – عطار يعمل في سوق عزرا : عالم الأعشاب عالم كبير و يوجد لدينا أكثر من 180 عشبة مثل عشبة ” أكليل الجبل, عناب, الميرمية, البابونج, الجعدة, قريس, حشيشة القلب, السعدة, العرن”
ويقصدنا من يعملون في مجال الطب البديل “الشعبي” وكذلك الصيدليات التي تختص بتحضر التراكيب الطبية, حيث نتعلم ممن يقصدونا من الممارسين في هذا المجال، والموضوع بحاجة إلى خبرة كبيرة لأنه هناك معايير يجب مراعاتها أحياناً عند إعداد التراكيب الطبيّة كوننا لا نستطيع المخاطرة بحياة الناس.
بالرغم من الفائدة العلميّة المُوثَّقة دولياً للأعشاب الطبيّة؛ إلا أن هذه الأعشاب لها أيضاً مدة صلاحية حيث أكد دباغ بأن أقصى مدة صلاحية لهذه الأعشاب هي أربع سنوات.
الطب الشعبيّ والذي يعتبر جزءً لا يتجزأ من الطب البديل, انتشر بشكل كبير في السبعينات والثمانينات ولازال. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن؛ لما يقصده الناس؟
ألا أنه أكثر نفعاً من الطب التقليديّ, أم أنها الوجهة الأخيرة لمريض قد فقد الأمل من الشفاء, عله يكون المنقذ من مرض عضال أخفق الطب في علاجه ..
نوري كالي – اختصاص هضمية داخلية: ” الطب الشعبيّ هو استمرار للطّب البديل – الذي يتوجه إلى الطبيعة – فمع تطور الطب الأكاديميّ والكيميائيّ والمنافسة الشديدة بين شركات الأدوية, حدثت اختلاطات ومشاكل كثيرة، الأمر الذي دفع بالعالم – نتيجة تأثيرات ومضاعفات الأدوية الكيميائية على الجسم – إلى التوجه نحو الطبيعة.
وأضاف كالي : ” نتائج الطب البديل في مجتمعنا متواضعة جداً, فلم تتكون تلك القناعة والرغبة نحوه, مع العلم أنه أثبت فعاليته, ولكن غالبيّة الذين يعملون فيه ليسوا ذوو خبرة, وخبرتهم هي ضمن إطار الطّب الشعبيّ, ولا يستطيع إلى هذه اللحظة منافسة الطب الكيميائي ولا يمكن المقارنة بينهما؛ وأصبح لهذا الطب منظمات معنية به, ولكن لا يوجد لدينا أي جهة معنية وهي فقط على مستوى أفراد”.
بعض الحالات التي يلجأ فيها إلى الطب البديل ” الشعبي”..
وتابع كالي: “يصدف أن يستشيرني بعض المرضى في بعض الحالات على سبيل الذكر مرض ” اليرقان” فيقول المريض أن هناك شخص قد يحسن مساعدته تتمثل هذه المساعدة في إحداث جرح صغير خلف الأذن بغية سيلان الدم, وحالة “وقوع الصرة” التي يرافقها فقدان الشهية حيث يخضع الشخص الممتهن للطب العربي المريض لبعض المسجات والحركات تعيد الصرة إلى مكانها, و أنا هنا لا أمانع رغبة المريض في هذه الحالات لآنه لا ضرر منها ولا تسبب خطراً على صحته ولكن أنبّه على المريض أن يتناول الدواء أولا وأن يقوم بما استشارني به قبل أخذ الدواء لمعرفة إذا ما كان قام به مفيد حقاً أم لا”.
ما يقوله الأكاديميون ورجال الدين في الطب النبوي..
الشيخ محمد القادري ــــــــ رئيس هيئة الشؤون الدينية “إجازة في العلوم الشرعية “: ” الإنسان عبارة عن جسد مادي وفيه عواطف وجانب روحي ونفسي يرتبط بالعقل والتفكير, وحينما تعتل أحد هذه المكونات للإنسان, ويكون الجسد المادي, يلزمه الأدوية المادية أما النفس والعواطف فيلزمها طبيب نفسي, والجانب الروحي يلزمه الإيمان والعقيدة”.
ويرى الأكاديمي هاني محمد: ” إن الطب النبوي هو طبّ إلهي لأن الرسول الكريم لم يأتِ بشيء من لدنه, فكل ما كان يوصي به مستوحى من كتاب الله, والعامل النفسي مهم جداً, هذا العامل يفضي إلى القناعة بما ورد عن الرسول الكريم والسنَّة النبويّة الشّريفة وفي النهاية الله هو الشّافي”.
وقال محمد ك”علينا الأخذ بالأسباب, أي التوجه إلى الأطباء في الحالات المرضية, وفيما بعد لا ضرر من اللجوء إلى الطب النبوي والاستعانة بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة, فالرسول الكريم كان ينصح أصحابه إذا ما اشتكوا من داء جسدي ألمَّ بهم بتناول العسل والحبة السوداء وبعض الأطعمة النافعة للجسد. إن الثقافة الدينية الخاطئة التي ترسخت بين بعض فئات المجتمع دفعت بالكثير إلى استغلال الحساسية الدينية لدى الناس, وفتح المجال أمام الكثير لممارسة نوع من الدجل والشعوذة, أن ملكة الانتفاع بقراءة القرآن الكريم والسنة النبوية ليست لأحد دون الآخر فهي لكل شخص تقي”.
وعن الاتهامات التي طالت للطّب النبويّ في الفترة الأخيرة كاتهامه بالشعوذة بسبب لجوء ذوو النفوس الضعيفة إلى استغلال الحساسيّة الدينيّة لدى الناس موهماً إياهم بامتلاك قدرة شفائية ليقصده المقتنعون بأنه يملك قوّة شفائية بسبب القدرات التي منحها إياه الله دون غيره قال الشيخ محمد القادري: ” في الوقت الراهن, كثر المشعوذين الذين يكذبون على الناس ويدّعون بأنّ لديهم طاقات روحيّة ويستطيعون التصرُّف في العالم العلوي من الملائكة, ومنهم من يتبجح ويقول بأنه يتحكم بالعالم السفلي أي الجن وكل ذلك من الأكاذيب والأباطيل. بيّنا أن الطب النبوي والشريعة الإسلامية مصدرهما الأساسي؛ القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة, هناك حالات السحر وحالات اضطراب النفس ويكون علاجها بآيات القرآن الكريم لقوله تعالى: “وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين”, لقد بيّن الله بأنّ آيات القرآن الكريم هي شفاء للروح والنفس والعقل, واستخدمه النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الرقية الشريعة في قراءاته على نفسه وعلى غيره من المرضى, ولم يهمل أي جانب من جوانب الإنسان الروحية أو النفسية أو الجسدية بالصدق التام, وكل ما يفعله الدجالون الكذابون هو محرّم شرعاً, ويجب أن يُعاقبوا ويُوضع لهم حد”.
وأضاف :” بالنسبة للفئة التي تمارس الرقية دون مقابل؛ أي لوجه الله, أقول لهم أن لا يخفوا عملهم ويعلنوا أنهم يعملون ضمن حدود القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة, وعليهم ألّا يخجلوا من هذا الأمر لأن الرسول الكريم وأهل بيته وأصحابه والصالحين كانوا يقومون بذلك إلى يومنا هذا, وأنا نفسي أقوم بذلك إذا جاءني رجل أو امرأة أو طفل أرقيه بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة, وهذا أمر لابأس به أفضل من أن يتوجه الناس إلى المشعوذين, كل إنسان لديه إيمان بآيات القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة دون الرجوع إلى أي لسان أو أصل أو عائلة لديه هذه الطّاقة الروحيّة ويستطيع أن يخدم بها الناس”.
علينا التفكير بشكل جدي قبل التعاطي مع أي دواء وغذاء, ففي حالة الطّب البديل على المريض أن يسأل الطبيب المتابع لحالته قبل استعمال الأعشاب, لأنه وحده يعلم ما إذا كان مريضه يحتاج الى العلاج بالأعشاب الطبيعية أم لا، والصيدلي الذي يعلم المواد الفعّالة في العشبة وتفاعل الأعشاب مع بعضها البعض, أما بالنسبة للطب النبوي فهي حقيقة حيّة لا يمكننا إنكارها وصدق مصدرها يجعلها على مسافة واحدة مع الطب البديل والطب الأكاديمي .
نشرت في صحيفة Bûyerpress في العدد 16 بتاريخ 2015/4/1
التعليقات مغلقة.